دعم إسرائيل قد يكلّف بادين خسارة أصوات العرب والمسلمين

شرخ عميق حدث في قلوب العديد من الديمقراطيين الأميركيين المسلمين والعرب بسبب تأييد الرئيس الأميركي لما وصفها بعضهم بـ"إبادة جماعية" للفلسطينيين.

واشنطن - يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن خطر فقدان دعم العرب والمسلمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة بسبب دعمه اللامحدود لإسرائيل في حربها على غزة وسياسته في الشرق الأوسط فيما تيذهب بعض الأوساط من الجاليات المسلمة بالولايات المتحدة إلى حد القول إن بايدن أظهر تأييدا لـ"إبادة جماعية" للفلسطينيين، ما قد يُترجم في ترجيح كفّة الجمهوريين.

ويعتقد بعض الناخبين الذين التقت بهم وكالة "فرانس برس" أنّ الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطاً كافية على حليفتها إسرائيل من أجل الحد من عدد القتلى بين السكان المدنيين في قطاع غزة.

وتقول مصفّفة الشعر الأميركية الفلسطينية ليندا شاويش إنّ الأمر لا يحتاج إلى الكثير من التفكير لوصف تأييد جو بايدن لإسرائيل التي تقصف قطاع غزة بشكل متواصل، فهي ترى أن الديمقراطيين إنما "يؤيدون إبادة جماعية".

وصوتت شاويش للحزب الديموقراطي لكنّها "لن تفعل ذلك بالتأكيد" في الانتخابات الرئاسية للعام 2024 وتقول المرأة التي تبلغ من العمر 45 عاما من أمام متجر إسلامي شهير في فالز تشرش في فرجينيا في الشرق "إذا كان ترامب هو المرشح الجمهوري فربما لن أصوّت على الإطلاق".

ويرى وليد شهيد المتحدث السابق باسم السناتور اليساري بيرني ساندرز أنّ "شرخًا عميقًا حدث في قلوب العديد من الديمقراطيين الأميركيين المسلمين والعرب" ويقول الناشط "هم يرون أنّ الرئيس لا يساوي بين حياة الفلسطينيين وحياة الإسرائيليين".

وفقاً لتعداد غير رسمي فإنّ الجالية المسلمة تمثّل 1.3 في المئة فقط من السكان الأميركيين بوجود 4.5 ملايين مسلم لكن الانتخابات "ستقرّرها بضع مئات الآلاف من الأصوات في عدد قليل من الولايات"، وفقاً لشهيد وبالتالي، فإنّ خسارة أصوات المسلمين في ميشيغان وفيرجينيا وجورجيا وأريزونا، الولايات الأربع التي فاز فيها بايدن في العام 2020، قد تكلّفه غالياً العام المقبل.

وتقول هاديا باري (52 عاماً)، إنّ المسلمين "مهمّشون" منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001 ولن يؤدي هذا الدعم لإسرائيل إلا إلى "عزلهم وإبعادهم بشكل أكبر".

إضافة إلى ذلك، استاءت هذه الأميركية من أصل صومالي التي تنتخب الحزب الديمقراطي منذ 30 عاما من موقف الحزب الذي كان مؤيداً جداً لحقوق المتحوّلين جنسياً وتقول "لن أصوّت لا للديمقراطيين ولا للجمهوريين".

وفي دار الهجرة وهو من المساجد الرئيسية في شمال فيرجينيا يقول الإمام نعيم بيك إنّ الجالية المسلمة كانت تعلّق آمالاً كبيرة على جو بايدن بعد ولاية دونالد ترامب المتعِبة والتي شهدت فرض قيود على السفر إلى الولايات المتحدة من عدة دول إسلامية، مضيفا "في ما يتعلّق بقضايا العدالة العرقية والاقتصادية، نشعر أنّ الديمقراطيين لديهم الكثير ليقدّموه".

وبحسب استطلاع أجراه مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية فإنّ 69 في المئة من المسلمين صوّتوا لجو بايدن في العام 2020، مقابل 17 في المئة فقط صوّتوا لدونالد ترامب غير أنّ الصور المروّعة من غزة تسبّبت بنوع من الصدمة، وفق إمام المسجد الذي يقول "في الوقت الحالي، لن أصوّت للرئيس بايدن".

ويقول خالد مكي المولود في مخيم للاجئين في غزة، إنّه غير قادر على التواصل مع عدد من أفراد عائلته بسبب قطع الاتصالات من قبل إسرائيل ويضيف رجل الأعمال الذي يبلغ من العمر 52 عاماً ويدير مطعماً في فالز تشرش "نحب الولايات المتحدة، إنها بلدنا، لكن لا يمكن تلطيخ الأيدي بالدماء، ليس باسمي".

إضافة إلى ذلك، تفاقمت خيبة أمل بعض هؤلاء الناخبين بسبب ردود أفعال أخرى من جو بايدن فقد استغرق الرئيس خمسة أيام للاتصال بعائلة طفل أميركي من أصل فلسطيني قُتل طعناً في شيكاغو. كما شكّك علناً بعدد القتلى الذي قدّمته وزارة الصحة في غزة، على الرغم من أنّ المنظمات الدولية تعتبرها مصدراً موثوقاً.

وفي الأيام الأخيرة، خفّف البيت الأبيض من لهجته عندما وعد باعتماد استراتيجية ضدّ الإسلاموفوبيا، وأظهر جو بايدن المزيد من التعاطف مع مصير الفلسطينيين.

ويقول مهدي براي وهو مسلم أميركي من أصل إفريقي يبلغ من العمر 72 عاماً، إنّ "الأفعال أعلى صوتاً من الكلمات". ويشير براي إلى أنّ تضامنه مع الفلسطينيين ناتج من تجربته في ظل الفصل العنصري في جنوب الولايات المتحدة لكنه يؤكّد أنّه ما زال بإمكان بايدن استعادة صوته، إذا انضمّ إلى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في غزة.

ترامب يستعد لحملة انتخابية لا مثيل لها
ترامب يستعد لحملة انتخابية لا مثيل لها

وتوصف انتخابات الرئاسة الأميركية على أنها مضمار حواجز يمتد على 50 ولاية، لكن العقبات في طريق دونالد ترامب العام القادم تبدو صعبة على وجه الخصوص إذ تتقاطع مواعيد جلسات محاكمته مع التزامات انتخابية ضمن جدول أعماله للعام 2024.

وفي إطار سعيه للدفاع عن نفسه أمام الرأي العام، سينتقل ترامب الأوفر حظا للفوز بتسمية الحزب الجمهوري من التجمعات الانتخابية إلى جلسات الاستماع في المحاكم حيث يواجه 91 تهمة جنائية مرفوعة في عدة اختصاصات قضائية.

ووُجّهت اتهامات لقطب العقارات المقيم في فلوريدا أربع مرّات عام 2023 وتشمل دفع أموال لإسكات نجمة أفلام إباحية وسوء التعامل مع أسرار متعلّقة بالأمن القومي ومحاولة سرقة انتخابات 2020 مرّتين.

وهذه ليست إلا القضايا الجنائية. يواجه ترامب (77 عاما) محاكمة في نيويورك تتعلّق بالاحتيال المدني فيما ما زالت الدعوى جارية في قضة كاتبة اتُّهم بالاعتداء عليها جنسيا.

وقبل عام على موعد الانتخابات، تبدو الحملة بالفعل "مثيرة للانقسامات ومخيفة وتهدد الديموقراطية"، بحسب الخبير السياسي لاري ساباتو، في وقت يندد ترامب علنا بالنظام القضائي.

ويحشد ترامب يوميا قاعدته الموالية له ضد ما يسميها "مطاردة شعواء" في رسائل عبر البريد الإلكتروني، جامعا تبرّعات فيما يتّهم المدعين والقضاة بارتكاب انتهاكات.

وتتحدّث التبرّعات عن نفسها إذ جمع أربعة ملايين دولار في غضون 24 ساعة من توجيه أول اتهام له وسبعة ملايين دولار مباشرة بعد الثاني وثلاثة ملايين دولار خلال أسبوع من نشر صورته الجنائية عقب توقيفه لفترة وجيزة وإطلاق سراحه لاحقا بكفالة في جورجيا.

ويصف ترامب نفسه بأنه ملياردير لكن المكاسب التي يحققها ما زالت كبيرة، نظرا للمبالغ الهائلة التي ينفقها المرشحون من أجل الوصول إلى السلطة في الولايات المتحدة.

ويرجّح بأن يزداد الإنفاق بشكل كبير اعتبارا من يناير/كانون الثاني، فيما يستعد ترامب لعام لا شبيه له بالنسبة لأي مرشّح في التاريخ.

وينطلق المهرجان في منتصف يناير/كانون الثاني، من خلال دعوى التشهير التي رفعتها ضده الكاتبة في نيويورك إي. جين كارول التي دانته هيئة محلفين مدنية بالاعتداء الجنسي عليها وفي الأسبوع نفسه، تنظّم ولاية آيوا أول انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري والتي ستشكّل أول اختبار لترامب في مسعاه للعودة إلى البيت الأبيض. يتنافس معه ثمانية جمهوريين للفوز بتشريح الحزب لانتخابات 2024 الرئاسية.

وسينخفض هذا العدد على الأرجح بحلول العام الجديد. فعلى سبيل المثال، انسحب نائب ترامب عندما كان رئيسا مايك بنس أواخر تشرين الأول/أكتوبر.

وبجميع الأحوال، لا داعي للقلق بالنسبة لترامب إذ أن أقرب منافس له -- حاكم فلوريدا رون ديسانتيس -- متخلّف عنه بـ45 نقطة في الاستطلاعات.

وبعد ستة أسابيع على انتخابات آيوا، سيُحاكم ترامب في واشنطن بتهم التآمر لسرقة انتخابات 2020، عشية "الثلاثاء الكبير" وهو اليوم الذي يدلي فيه الناخبون الجمهوريون في عدد كبير من الولايات بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية للحزب.

وأما المحاكمة في قضية دفع الأموال لإسكات ممثلة الأفلام الإباحية في نيويورك فمن المقرر أن تجري في مارس/آذار، بينما ستجري المحاكمة المرتبطة بقضية الوثائق السريّة في فلوريدا في مايو/آيار.

ويرجّح أن تتأجّل المحاكمتان لفترات طويلة لكن ما زال من المرجّح بأن يقضي ترامب معظم وقته عام 2024 وهو يحاول التنقل بين التجمعات الانتخابية وفعاليات جمع الأموال من جهة والمحاكم من جهة أخرى ونظرا لمهارته في الاستعراض، سيسعى نجم تلفزيون الواقع بلا شك للاستفادة من هذا الوضع بأقصى قدر ممكن.

وقالت المحللة السياسية ويندي شيلر لفرانس برس "لطالما استفاد ترامب من طائرته الخاصة، ولن يختلف الأمر هذه المرة"، مضيفة "سيسافر من مكان لآخر على متنها مع بروز اسمه بشكل واضح عليها. ستتركز جميع الأنظار عليه".

وقالت شيلر إن "بايدن سيستخدم على الأرجح المكتب البيضاوي في حملته الانتخابية نظرا إلى أنه يذكّر الناخبين بأنه المسؤول عن الحكومة الفدرالية وبأنه يقضي وقته في أداء عمله وليس في قاعة المحكمة".

وبغض النظر عن المسار الذي ستمضي فيه الانتخابات، هناك أمر واحد مؤكد وهو أن حملة 2024 ستكون تاريخية إذ يتواجه فيها متّهم بمجموعة من القضايا من جهة، ورئيس ثمانيني من جهة أخرى.