دعوات للمساواة في الميراث تؤجج الجدل في مصر
القاهرة – أشعل تصريح أستاذ فقه مصري بجامعة الأزهر بعدم الزامية النصوص الدينية المتعلقة بالميراث ودعوته الى المساواة بين المرأة والرجل في الإرث، النقاش بين المصريين حول حقوق المرأة، حيث قوبل تصريحه بانتقادات حادة من قبل علماء دين وأساتذة في الجامعة، فيما حذّر الأزهر من هذه الدعوات التي اعتبرها "إعادة انتاج للفكر التكفيري المنحرف".
ولا يعدّ الجدل الديني حول أحكام الميراث ملفا مستجدا في مصر، إلا أنه عاد مجددا الى الواجهة على إثر تداول رواد المنصات الاجتماعية لمقطع فيديو تحدّثت فيه فتاة عن اعتداء أعمامها على والدها المسن بعدما أخبرهم أنه سجّل ميراثه لبناته.
وقال الدكتور سعد الدين الهلالي في لقاء تلفزيوني بأن للأسرة الحق في التراضي على قسمة الميراث بما يتفقون عليه، وأن للدولة الحق في استفتاء الشعب لتغيير قانون الميراث وجعل نصيب الأخت كنصيب الأخ بقرار شعبي، وهو أمر جائز شرعاً".
وأضاف "من يعترض على ذلك يضع نفسه وصياً على المجتمع"، معتبراً أن “الإرث حق وليس فرضاً كالصيام والصلاة، ومسائل المواريث هي مسائل فقهية تخضع لفهم الأغلبية".
من جانبها طالبت المحامية والناشطة الحقوقية نهاد أبوالقمصان في تدوينة عبر حسابها على فيسبوك المصريين، بـ"كتابة الأموال لبناتهن في حياتهم" مع احتفاظهم بحق المنفعة لتأمينهم شخصيا، مشيرة إلى "وجود تفسيرات متعددة لآيات الميراث وترتب عليها قوانين مختلفة بعدة دول إسلامية".
وتباينت المواقف حول هذه التصريحات بين مؤيد يرى أنه خطوة للحد من الحرمان المُمنهج لحقوق المرأة المصرية ورافض يعتبر الميراث فريضة من الله لا تحتمل ابداء الرأي أو الاجتهاد.
وعلقت الناشطة على فيسبوك ريهام الرفاعي قائلة "إن الموضوع مش قانون وبس، لكنه صراع على النفوذ والسلطة داخل الأسرة"، مضيفة " السؤال الحقيقي هو إزاي لحد النهاردة، ستات بيتحرموا من حقوقهم الشرعية، وبيتعرضوا للعنف لما يطالبوا بيها؟"
واعتبرت متابعة على منصة اكس أن إثارة الموضوع "خطوة ممتازة"، متابعة "أتمنى يطبق قانون المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث على الجميع في مصر المرأة أصبحت تعمل وتعول وتنفق وفى أوقات كثيرة تتحمل مسئولية أولادها مسئولية كاملة.
وأثارت الدعوات بالمساواة في الإرث حفيظة الأزهر، حيث أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا شديد اللهجة حذّر فيه من خطورة "الشحن السلبي الممنهج تجاه الدين وتشريعاته، والانتقال من التشكيك في حكم إلى التشكيك في غيره، ونسبة المشكلات المجتمعية إلى تعاليم الدين ونصوصه"، معتبرا ذلك "جريمة كبرى تغذي الانحراف الفكري والسلوكي وتنذر بتطرف بغيض".
وأضاف أن "الاستدلالات الخاطئة لتبرير المحرمات أو تحريم المباحات بهدف تطبيع المنكرات في المجتمع هي جرائم فكرية ومعرفية تستوجب محاسبة مرتكبيها والداعين إليها"، رافضا تفسير "أولي الأمر"في القرآن بأنه "الشعب"، قائلا إنه "دعوة للتجرؤ على أحكام الدين وإهداراً للدستور المصري واعتداءً على حق ولي الأمر، وإعادة إنتاج لمنهج التكفيريين والمتطرفين".
وجدد تأكيده على أن "النصوص المتعلقة بالميراث في الإسلام قطعية ومحكمة وثابتة بإجماع الصحابة والعلماء عبر العصور، وتناسب كل زمان ومكان وحال".
وتفاعل عدد هام من رجال الدين وأساتذة الفقه وحتى السياسيين مع بيان الأزهر، حيث علق عضو مجلس النواب عمرو درويش محذراً من الخوض في قضية الميراث، مؤكداً أن الشرائع السماوية حددت إطاره وأن القانون المصري متوافق مع الدستور.
وطالب الدكتور أحمد مصطفى على حسابه على فيسبوك بمنع الهلالي من الظهور في الإعلام، الى جانب منعه من التدريس بجامعة الأزهر كي "لا يُفسد عقول أبناءنا بأفكاره".