دعوى ضد وزير الداخلية التونسي بسبب الجهاز السري للنهضة

الخناق يشتد على حركة النهضة في تونس بعد مطالبة هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين المغتالين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وزير الداخلية بكشف حقيقة الجهاز السري للحركة الإسلامية وتحركاته المريبة داخل الوزارة.
وثيقة تفيد بأن منفذ اغتيال بالعيد استلم 100 ألف دولار
فتح تحقيق جديد في قضية اغتيال بالعيد
مصطفى خضر أشرف على مؤتمر النهضة التاسع

تونس - رفعت هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين المغتالين شكري بالعيد ومحمد البراهمي دعوى ضد وزير الداخلية التونسي على خلفية "التلاعب بوثائق مهمة تهم المتورطين في قضية اغتيال شكري بالعيد".

وقالت المحامية إيمان قزارة عضو اللجنة، خلال ندوة عقدت السبت في محافظة المهدية إن" الهيئة قدمت دعوى جزائية ضد وزير الداخلية هشام الفراتي يوم 27 فيفري الماضي".

وأضافت قزارة أن الهيئة لجأت إلى القضاء مجددا بعد ان اتضح لقاضي التحقيق الذي حجز وثائق تخص ما عرف بـ"الغرفة السرية" التابعة لحركة النهضة الإسلامية، أنها دخلت لوزارة الداخلية بطريقة غير قانونية.

وأكدت المحامية على أن جميع المعطيات التي قدمتها الهيئة والتي تطالب بفتح تحقيق رسمي فيها، ليست استنتاجات أو تأويلات خاصة بها بل هي "نقل حرفي لجميع الوثائق والمعطيات الموجودة في الملف القضائي".

واغتيل المحامي التونسي شكري بلعيد وهو معارض شرس لحركة النهضة، بالرصاص في 6 فبراير 2013، أمام منزله بحي المنزه شمال العاصمة، ما شكل صدمة لدى التونسيين، وخلق حينها أزمة سياسية حادة استقال على إثرها رئيس الحكومة حمادي الجبالي (حركة النهضة) من منصبه.

كما اغتيل النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو 2013، وتبنى العمليتان إرهابيون على صلة بتنظيم داعش.

وأوضحت قزارة أن "هشام الفراتي لم يكن على رأس وزارة الداخلية حين تم اخفاء الوثائق الخطيرة فيها بما أن العملية تمت في ديسمبر 2013، لكنها دعته إلى الكشف عن أسماء المسؤولين عن سرقة تلك الوثائق".

وأشارت قزارة إلى أن "وزير الداخلية تستر على وثائق تورط مجرمين" متسائلة عن "كيفية دخول هذه الوثائق للوزارة خاصة وأن السماع لإدارة الوثائق والإعلام الآلي بوزارة الداخلية أكد عدم قانونية دخولها".

وأوضحت المحامية إنه "تم إخفاء وثائق مهمة على البحث في القضايا المتعلقة بالاغتيالات" مضيفة أن "الفراتي غالط النواب خلال جلسة المسائلة عندما قال أن هناك محضرا في هذه الوثائق والحال أنه يوجد فقط إعلان بالإحتفاظ بالمتهم في قضية اغتيال شكري بالعيد مصطفى خذر وليس بالوثائق".

وتوجهت قزارة برسالة إلى الوزير هشام الفراتي تطالبه فيها بـ"مصارحة الشعب التونسي " وكشف الحقيقة، وجميع المعطيات".

وقدمت الهيئة السبت وثائق مهمة وخطيرة تثبت تورط خذر في حادثة اغتيال بالعيد، مشيرة إلى أنه على علاقة مباشرة بحركة النهضة.

وكشفت الهيئة أن لديها وثيقة تفيد بأن "خذر تلقى نصف المبلغ المتفق عليه وهو 300 ألف دينار (100 ألف دولار) مقابل اغتيال بلعيد وقد هدد بفضح الجهات المتورطة في صورة عدم حصوله على باقي المبلغ".

ونهاية العام الماضي، قالت لجنة الدفاع عن القياديين اليساريين المغتالين إن حركة النهضة تمتلك "جهازا سريا متورطا بالاغتيالات وتصفية الخصوم".

كشف حقيقة الاغتيالات مطلب شعبي في تونس
الكشف عن حقيقة الاغتيالات مطلب شعبي في تونس

ويترقب الشارع التونسي اليوم وقبل أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية، تبعات قرار النيابة العامة فتح تحقيق بشأن المعلومات والوثائق التي كشفتها الهيئة وخاصة حقيقة الجهاز السري للنهضة.

وتمر حركة النهضة التي تسيطر حاليا على المشهد السياسي في تونس، بمنعطف خطير على اثر الاتهامات بإدارة الجهاز السري داخل الدولة وعلاقته الوثيقة بسلسلة الاغتيالات التي وقعت في البلاد بعد ثورة يناير 2011.

ومن بين الوثائق التي كشفت عنها الهيئة "تقرير يفيد بأن الجهاز السري أشرف على المؤتمر التاسع لحركة النهضة الإسلامية، سنة 2012".

وقال نور الباصي، عضو هيئة الدفاع إن "المتهم بقتل بالعيد ورئيس الجهاز السري مصطفى خذر قام إثر المؤتمر التاسع لحركة النهضة بصياغة تقرير إنهاء مهمة رفعه إلى رئيس لجنة مؤتمر حركة النهضة الإخوانية".

فيما كشف عضو الهيئة رضا الرداوي أنه قد "ثبت وجود علاقة مباشرة بين خذر وحركة النهضة الإسلامية"، مشددا على أن "الغرفة السوداء الموجودة في وزارة الداخلية، تتضمن وثيقة تخص محمد العوادي، المسؤول الأول في الجناح العسكري لتنظيم أنصار الشريعة (موالي لداعش) والمسؤول عن قتل محمد البراهمي".

وتتهم الهيئة حركة النهضة الإسلامية بالجمع بين جناحين مدني وآخر عسكري، في ضوء اشتباه حول اختراق الحركة لأجهزة الدولة، وتورطها في عمليات تجسس واسعة كما تشتبه بتلاعبها وتسترها على معلومات لها علاقة بعمليتي الاغتيال.

وقبل كشف الهيئة للوثائق الأخيرة، نفت الحركة الإسلامية مرارا تلك الاتهامات وهي تزعم أن مصدرها خصومها السياسيين الذين يريدون تشويهها قبل أشهر من الانتخابات التي ستجري في البلاد.

وقال رئيس مجلس شورى النهضة عبدالكريم الهاروني، أمس الأحد، في محافظة سوسة، أن حزبه "بصدد متابعة الإدعاءات والافتراءات التي تروج لها لجنة الدفاع عن الشهيدين"، مؤكدا أن حركة النهضة ستفاجئ أصحاب هذه الإدعاءات أمام القضاء، في الوقت المناسب.

واعتبر  الهاروني أن "ما تقوم به هيئة الدفاع يدخل في إطار العمل السياسي"، مشيرا إلى أن "هذه الهيئة تخشى فوز الحركة في الانتخابات القادمة".

ولا يعد هذا النفي هو الأول في سجل الحركة ذات الخلفية الإخوانية، فقد سبق لها أن تبرأت من الحملات الكبيرة التي تولاها أئمة محسوبون على الحركة ومقربون منها لحمل الشباب على الذهاب إلى ليبيا وسوريا للقتال إلى جانب تنظيمات إسلامية متشددة.

وتعيش حركة النهضة منذ انعقاد مؤتمرها العاشر عام 2016 حالة من الارتباك بسبب التناقض بين ما تروج له خلال مؤتمراتها وبين ممارساتها وتوجهاتها في الواقع السياسي والمجتمعي في تونس.

ويرى أغلب التونسيين في ارتداء النهضة لثوب المدنية مجرد شعار من الشعارات ومناورة لتحقيق مكاسب سياسية، وقد زادت وتيرة الانتقادات الموجهة ضدها مع إثارة الدولة والمجتمع قضايا الهوية والحريات إضافة إلى طرح لجنة حقوقية العام الماضي مسائل مثل المساواة بين النساء والرجال في الإرث.

ويجمع مراقبون على أن معارضة النهضة لمثل هذه المسائل جعلتها تسقط في اختبار الهوية، حيث ظهر أنها ما زالت في جوهرها حركة محافظة ومتشددة.

وزاد تورط الحركة وتخبطها حين تعالت مؤخرا أصوات بعض القيادات من داخلها تنادي بضرورة التزام الحركة بالطابع المدني الذي تتميز به تونس.