دفاع حماس عن أعضاء خلية الأردن يضعها في مواجهة مع عمان

بيان حماس حمل نبرة عالية في تأييده لمتهمين بحيازة السلاح داخل الأراضي الأردنية وسط دعوات لاطلاق سراحهم حيث يعتبر ذلك مؤشرًا واضحًا على وجود علاقة بين الحركة والخلية.
موقف حماس سيزيد من عزلتها في الاقليم خاصة وأن الاردن لم تكن له مواقف حادة ضد الحركة
بيان الحركة الفلسطينية سيزيد من احراج اخوان الاردن وسط مطالبات بحل جماعتهم
موقف حماس تبرير ضمني أو غطاء سياسي لنشاط مخالف للقانون

عمان - في خطوة قد تحمل تبعات سياسية وأمنية ثقيلة، دخلت حركة المقاومة الإسلامية حماس على خط الأزمة المرتبطة باعتقال مجموعة أردنية ضُبطت بحوزتها أسلحة وذخائر، عبر بيان صدر عنها يوم الثلاثاء أكدت فيه أن دوافع المجموعة كانت "نصرة لغزة والقدس"، ودعت للإفراج عن أفرادها، معتبرة أن نشاطهم "نابع من ضمير الأمة" ولا يستهدف أمن المملكة الأردنية الهاشمية.
ولا يعد بيان حماس، الذي حمل نبرة عالية في تأييده لعناصر لمجموعة فقط دفاعًا عن أشخاص متهمين بحيازة السلاح داخل الأراضي الأردنية، بل يُشكل أيضًا مؤشرًا واضحًا على وجود علاقة بين الحركة والخلية التي تضم 16 شخصا وتم اعتقالهم الاسبوع الماضي، وهو ما يضعها في مواجهة سياسية مباشرة مع السلطات الأردنية، ويهدد بإعادة صياغة العلاقة بين عمّان وحماس على أسس أكثر توترًا وريبة.
ورغم حرص الحركة، في بيانها، على التأكيد بأن "أمن واستقرار الأردن أولوية لا يمكن المساس بها"، إلا أن مضمون البيان أظهر بوضوح احتضانًا سياسيًا ومعنويًا للخلية، وهو ما قد يُقرأ من قبل الجهات الرسمية الأردنية كتبرير ضمني أو غطاء سياسي لنشاط مخالف للقانون. كما اعتبر البيان أن "مثل هذه الأعمال يجب أن تُحتفى لا أن تُدان"، في رسالة ضمنية تُضفي شرعية على ما تصفه السلطات الأردنية بمحاولة زعزعة أمن البلاد.

مثل هذه الأعمال يجب أن تُحتفى لا أن تُدان

ويأتي البيان في وقت حساس للغاية، تشهد فيه المملكة توترًا داخليًا ناجمًا عن الاحتجاجات المتصاعدة تضامنًا مع غزة، والتي وُجّهت ضد الحكومة الأردنية نفسها، وسط اتهامات للحركة الفلسطينية بالتحريض عليها عبر خلايا داخلية أو واجهات تابعة لها. ويمثل دفاع حماس العلني عن مجموعة مشتبه بانتمائها لها تصعيدًا غير مسبوق في العلاقة بين الطرفين، خاصة وأن الأردن لم يكن في السنوات الماضية من الدول التي اتخذت مواقف عدائية حادة تجاه الحركة، بل حاول الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة معها.
لكن التطورات الأخيرة، وخاصة حادثة الاعتقال وبيان حماس الذي تلاها، تُشير إلى تحول جذري في شكل العلاقة، من توتر مكتوم إلى مواجهة سياسية مباشرة. وهي مواجهة قد تنعكس سلبًا ليس فقط على علاقات الحركة بالأردن، بل على حضورها الإقليمي ككل، في وقت تواجه فيه عزلة متنامية على مستوى النظام العربي الرسمي.
ووفقًا لمراقبين، فإن البيان لا يُقرأ في السياق الأردني فحسب، بل في سياق إقليمي أشمل. فالأردن يُعد لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، ويمثل نقطة ارتكاز استراتيجية للعلاقات العربية – الغربية، وخاصة مع الولايات المتحدة. وأي إشارة إلى دعم نشاط مسلح غير شرعي داخل أراضيه، تُعد استفزازًا مباشرًا لمعادلة الأمن الإقليمي التي تشكل عمّان أحد أركانها.
كما أن توقيت البيان، الذي جاء بعد إعلان السلطات الأردنية عن "عملية أمنية دقيقة" أفضت إلى تفكيك الخلية، يزيد من حساسية الموقف، ويضع الحركة في مرمى الانتقادات من دول عربية أخرى تخشى انتقال العدوى إلى أراضيها، خاصة في ظل مناخ عربي متوتر أصلاً بفعل الحرب على غزة والانقسامات الداخلية في عدة دول.
من جهة أخرى، يُفاقم موقف حماس الأخير من حرج جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والتي تحاول النأي بنفسها عن أي ارتباطات خارجية يمكن أن تُوظّف ضدها داخليًا. 
ووفق مقال للكاتب الصحفي حسين الرواشدة، فإن دخول الحركة الفلسطينية بهذا الشكل "المباشر والحاد" على خط الخلاف بين الدولة الأردنية وبعض التيارات الإسلامية، يعمّق الشكوك حول ارتباطات الجماعة، ويُعيد الجدل حول مدى استقلالها عن أجندات التنظيم الدولي للإخوان وحلفائه الإقليميين.
ويرى الرواشدة أن التطورات الأخيرة لم تكن مجرد حدث أمني عابر، بل "عملية كبيرة تهدف إلى تقويض الأمن الوطني الأردني، واستنساخ نماذج مسلحة داخل البلاد"، محذرًا من أن استمرار التهاون مع هذه الظواهر قد يفتح الباب أمام تصعيد لا يمكن احتواؤه لاحقًا.
ومن الواضح أن البيان الأخير، بكل ما فيه من نبرة تحدٍ واصطفاف مع متهمين بحيازة السلاح داخل دولة ذات سيادة، سيكون له أثر مباشر على شكل العلاقة المستقبلية بين عمّان والحركة. ويتوقع محللون أن تتجه الدولة الأردنية نحو خطوات أكثر صرامة في تعاملها مع أي نشاطات ذات طابع سياسي أو أمني تُنسب إلى حماس، بما في ذلك مراجعة وضع الجماعات أو المؤسسات التي يُشتبه بعلاقتها معها داخل المملكة.
كما أن هذه الحادثة قد تسرّع من جهود رسمية كانت تُدار بهدوء منذ سنوات لتقييد النفوذ السياسي والدعوي لجماعة الإخوان في الأردن، خاصة إذا ما رُبط هذا النفوذ بجهات خارجية تهدد المصلحة الوطنية، وتتناقض مع التزامات الأردن الإقليمية والدولية، بما في ذلك اتفاقية السلام مع إسرائيل والدور الوسيط الذي تلعبه عمّان في القضية الفلسطينية.
ويُمكن القول إن بيان حماس بشأن الخلية الأردنية لم يكن مجرد تصريح سياسي عابر، بل محطة فارقة تكشف عن علاقة غير معلنة بين الحركة ومجموعات تنشط داخل الأراضي الأردنية، وتدفع نحو إعادة تعريف شكل العلاقة بين الطرفين. كما يعكس البيان حالة من التصعيد المفتوح الذي قد يُدخل الحركة الفلسطينية في دائرة أوسع من العزلة الإقليمية، في وقت هي أحوج فيه إلى كسب الحلفاء لا خسارتهم.