"دفتري" عندما كانت الحياة أكثر صدقا وبساطة

"دفتري" لا يتوجه إلى الأكاديميين فحسب؛ بل يتوجّه كذلك إلى الفاعلين الاجتماعيين؛ وهو تجربة ثقافية بامتياز.
"مكتبة شومان" تحتفي بكتاب "دفتريّ" ضمن برنامج قراءات في المكتبة
الموضوعات التي يحتويها الكتاب تدل على القيم الاجتماعية والأخلاقية التي حرص الأساتذة على تعزيزها في نفوس طلبتهم

عمان ـ احتفت مكتبة عبدالحميد شومان العامة، بإشهار وتوقيع كتاب "دفتري" للدكتور سعد حجازي، وذلك ضمن برنامج قراءات في المكتبة. 
وشارك في حفل إشهار الكتاب الصادر حديثاً عن دار "هبة ناشرون وموزعون" وحضره العديد من المهتمين بالفعل الثقافي، كل من الأكاديمي والباحث د. علي محافظة، ود. أحمد ماضي، ومحمد أبو عريضة.
وقال الإعلامي محمد أبو عريضة الذي قدم الاحتفائية وأدار الحوار مع الحضور إن "دفتر الأستاذ سعد حجازي أكثر أناقة وخطه جميل مقارنة مع خطي، غير أن أوجه الشبه كثيرة ومتعددة، جعلتني أشعر بالغيرة من هذه التجربة العظيمة التي نحن بصدد الاحتفاء بها". 
وأضاف "دفتري فيه أشياء مدهشة، ويستعيد مرحلة الدكتور سعد في شبابه، عندما كان طالبا في المدرسة؛ وعندما كانت الحياة أكثر صدقا وأقرب ما تكون إلى البساطة". 
وبين أبو عريضة نقلاً عن المؤلف أن الكتاب لا يتوجه إلى الأكاديميين فحسب؛ بل إنه يتوجّه كذلك إلى الفاعلين الاجتماعيين؛ وهو تجربة ثقافية بامتياز؛ ولكنه في مرحلة ما ينتقد المعالجات الثقافية السائدة؛ ويرى أن الثقافة فعل تنويري؛ لها دور في تفعيل حيوية الإنسان كعنصر فاعل في مجتمعه.
من جهته، قال الدكتور علي محافظة في كلمة له "عرفت مؤلف كتاب "دفتري" شاباً أنيقاً وطالباً مميزاً في مدرسة إربد الثانوية الواقعة على تل إربد الشهير، بين سنتي 1951 و1955 يوم كانت المدرسة الثانوية الوحيدة فيما يعرف اليوم بمحافظات إربد وعجلون وجرش والمفرق ولواء الرمثا. وكنا في الصف الثانوي الأول نحو مئة طالب موزعين على فرعين (أ) و(ب). ولم تنشأ مدرسة الرمثا الثانوية إلا في سنة 1952، وتلتها ثانوية جرش".
واعتبر محافظة أن "دفتري" يحتوي على نصوص في الإنشاء العربي في السنة الدراسية 1954- 1955، والموضوعات التي تحتويها هذه النصوص تدل على القيم الاجتماعية والأخلاقية التي حرص الأساتذة على تعزيزها في نفوس طلبتهم، وكذلك أهمية المفاهيم السياسية الوطنية والقومية السائدة في خمسينيات القرن العشرين.
وبحسبه، فإن الكتاب يدل على المستوى الرفيع الذي تمتع به طلبة المدارس الثانوية في الخمسينيات في اللغة العربية، مع العناية الفائقة بجمال التعبير عن المناظر والمشاعر الإنسانية، كما أنه يهتم، بشكل كبير، بمظاهر تقدم الأمم ورقي حضاراتها. 

وأبدى د. ماضي سعادته واعتزازه بما طرحه مؤلف الكتاب، مبينا أن الكتاب يعد حالة فريدة ويحتوي على أثمن الأفكار وأصدقها، خصوصاً أنه تناول العلاقة بين الأردن وفلسطين، وهي التي استهوت الباحثين والمؤرخين والكتاب لأن يفتشوا عن أسباب ثبات هذه العلاقة وديمومتها.  
وجاء في مقدمة الكتاب على لسان مؤلفه د. سعد حجازي "لا أعرف تماماً، لما احتفظت بهذا الدفتر المدرسي، طوال ستة عقود ونصف العقد.. ما أعرفه هو أنه الأكثر حميمية من بين كل أوراقي الكثيرة". 
وأضاف "كنا في أول العمر، وميعة الصبا.. وتذكرت أستاذي الجليل واصف الصليبي.. الذي كان يحمل في وجدانه هموم أمة، وهزيمة أمة، رافضاً الاستكانة لها.. ما انعكس همةً واندفاعا في كل ما ملأنا به من معارف وحماس". 
يُذكر أن سعد حجازي حاز درجة الدكتوراه في الطب من "جامعة لندن" عام 1976، ويعمل كأستاذ شرف في كلية الطب في "جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية" منذ عام 2009، وسبق له أن ترأس الجامعة ودرّس فيها، وله العديد من المؤلّفات والأبحاث باللغتين العربية والإنكليزية في اختصاصه إضافة إلى ممارسته الطب في مستشفى خاص أسّسه منذ فترة طويلة.
له العديد من الدراسات والمقالات العلمية؛ باللغتين العربية والإنجليزية؛ المنشورة في كتب ومجلات محكمة ودوريات.
واظب حجازي لأكثر من عقد؛ بعد اختمار الفكر والمذاكرة؛ على التفكير تاريخياً وانثروبولوجيَّا؛ في الأردن متأملاً التجربة التاريخية لماضي الأردن؛ وتأمل تحولها نحو حاضرها؛ ونظر مليا في علاقتها بفلسطين؛ فلم يتناول السطح السياسي إلا ليغوص في الجسد الثقافي العربي والمحلي.