دفع إخواني لجرّ السودان إلى مربع الفوضى

الشرطة السودانية تستخدم الغاز المسيل للدموع لتفريق عشرات المحتجين فيما تأتي الاحتجاجات تلبية لدعوة أطلقها تنظيم موال للنظام الإسلامي السابق.
تنظيم حشد الموالي للبشير يقود احتجاجات منددة بإيفاد بعثة أممية للسودان
عشرات المحتجين يحتشدون أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم
الاخوان يحاولون تعطيل مسار المرحلة الانتقالية

الخرطوم - احتشد عشرات السودانيين الأربعاء قرب مقر قيادة الجيش السوداني وسط الخرطوم رفضا لبعثة سياسية تخطط الأمم المتحدة لإرسالها دعما للمرحلة الانتقالية.

وتأتي هذه الاحتجاجات بدعوة أطلقها تنظيم شبابي جديد في السودان يطلق على نفسه اسم 'الحراك الشعبي الموحد' (حشد) وهو حسب مصادر محلية من التنظيمات الموالية للإخوان وللنظام الإسلامي السابق الذي يقوده الرئيس المعزول عمر البشير.

وظهر تنظيم 'حشد' للواجهة في فبراير/شباط الماضي ويقوده معمر موسى وهو أحد شباب الاعتصام الذي انتظم أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم قبل عام والذي اعتقلته السلطات السودانية مؤخرا.

وكان لافتا خلال الأسابيع الأخيرة أن جماعة الإخوان تعمل على تأجيج الوضع المتأزم أصلا، محاولة جرّ السودان مجددا إلى مربع العنف والفوضى التي تتغذى منها عادة وتسعى من خلالها للعودة إلى الساحة السودانية بدعم تركي قطري.

ولا يتبنى تنظيم حشدا علنا أجندة الاخوان لكنه يعمل ضمنها تحت غطاء تجميع السودانيين المناهضين للسلطة الانتقالية الحالية.

وصحيح أن الجيش عزل البشير وتعمل السلطة الانتقالية حاليا على تطهير مؤسسات الدولة من أتباعه، إلا هناك محاولات لإرباك الوضع من بقايا النظام السابق.

وكانت السلطة الانتقالية قد عزلت واعتقلت عشرات الضباط في الأشهر الماضية كانوا يخططون لتنفيذ عملية انقالبية.

واضطرت الشرطة السودانية الأربعاء لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين في التظاهرة التي خرجت على الرغم من حظر السلطات للتجمعات بسبب فيروس كوفيد-19.

وتجمّع العشرات على شارع رئيسي يبعد حوالي مئتي متر عن قيادة الجيش وهم يحملون أعلام السودان وأغصان الأشجار مرددين شعارات وهتافات مناوئة للسلطة الانتقالية من قبيل "الموت ولا حمدوك" في إشارة إلى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك و"الله أكبر... تسقط حكومة العملاء".

وانتشرت سيارات شرطة مكافحة الشغب على مقربة من موقع الاحتجاج بينما أغلق الجيش الشوارع المؤدية إلى مقر قيادته بوضع حواجز إسمنتية وأسلاكا شائكة ومركبات مدرعة فيما نشر جنودا يحملون عصي.

وردّت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع وفرقت المتظاهرين من شارع رئيسي قرب مقر قيادة الجيش.

والأسبوع الماضي، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارين يقضي الأول بإرسال بعثة سياسية لدعم المرحلة الانتقالية بناء على طلب الحكومة، بينما يمدد الثاني تفويض القوات المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في إقليم دارفور المضطرب منذ عام 2003 حتى نهاية العام الحالي.

وقال حسن نورالدين الذي وضع كمامة على وجهه ورفع علم السودان "لن نسمح بدخول قوات الأمم المتحدة لبلادنا. هذه حكومة عميلة تريد أن تجلب لنا الاحتلال".

كما حمل المتظاهرون لافتات لتنظيم جديد باسم "تحالف القوى الوطنية" الذي يتكون من منظمات مجتمع مدني تضم المفصولين من قبل لجنة إزالة التمكين في القطاعات المهنية، دون ظهور لأحزاب سياسية.

وبدأ السودان عملية انتقال سياسي منذ عزل الجيش الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019 إثر انتفاضة شعبية غير مسبوقة استمرت أشهرا وتخلّلتها عمليات قمع عنيفة.

ويحكم مجلس سيادي يضم مدنيين وعسكريين وحكومة من المدنيين البلاد منذ أغسطس/اب 2019 لفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.

وينصّ أحد قراري مجلس الأمن على "إنشاء بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية في البلاد" لفترة أولية مدتها 12 شهرا.

وأما القرار الثاني، فينص على تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2020. كما يقضي بإبقاء عديد البعثة من عسكريين وعناصر شرطة حتى ذلك التاريخ على حاله.

وتم نشر قوة مشتركة لحفظ السلام مع الاتحاد الإفريقي منذ العام 2007 في دارفور غرب السودان. وبلغ عديد قوة حفظ السلام 16 ألفا.

ورحبت الحكومة السودانية بقراري مجلس الأمن الدولي. وجاء في بيان صدر عنها مطلع الأسبوع الحالي "تأتي هذه القرارات استجابة لطلب حكومة السودان للامين العام للأمم المتحدة بتاريخ 27 فبراير/شباط الماضي"، معتبرة أن "هذه القرارات سوف تسهم في دعم واستقرار الفترة الانتقالية".

وتنتشر بعثة 'يوناميد' في دارفور منذ مطلع 2008 وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام أممية إذ تجاوز عدد أفرادها 20 ألفا من قوات أمن وموظفين، قبل أن يتبنى مجلس الأمن في 30 يونيو/حزيران 2017، خطة تدريجية لتقليص عددها.

وشهد الإقليم منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

ويلاحق الرئيس المعزول عمر البشير دوليا في قضايا إرهاب وجرائم حرب في الإقليم، وهو معتقل حاليا على ذمة عدة قضايا منها ما يتعلق بالفساد المالي والإداري ومنها ما يتعلق بالإرهاب ومنها قضايا أخرى تتعلق بالنزاع في اقليم دارفو.

وتطالب المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت منذ سنوات مذكرة اعتقال دولية بحق البشير، السلطة الانتقالية بتسليمها الرئيس السابق.

لكن هذه القضية لاتزال غامضة على الرغم من تجاوب السلطات السودانية مع دعوة الجنائية الدولية.