دلالات حضور الصدر في مجلس الخامنئي

الصدر كسب مكانة خاصة ومميزة لدى الإيرانيين بحضوره البارز بجنب الخامنئي وسليماني مما سيمنع خصماءه من فصائل الحشد الموالية لإيران باتهامه بأنه ضمن محور آخر.

بقلم: علي المعموري

يعد حضور الصدر حدثا غير مسبوق، حيث رغم أنه قد التقي بهما سابقا ولكنه لم يظهر أبدأ في العلن بجنب المرشد الإيراني علي خامنئي وقائد فيلق قدس الإيراني قاسم سليماني.

لقد حاول كل من الطرفين الحصول على إنجازات من خلال المشهد وقد حملت الزيارة رسائل لمختلف الأطراف المرتبطة بالشأن العراقي، كما تضمنت مفارقات عدة.

  •   نجح الإيرانيون بإيصال رسالة لمنافسيهم الدوليين والإقليميين بأن الصدر رغم كل انتقاداته للسياسة الإيرانية هو ما زال عنصر رئيسي ضمن البيت الشيعي ومحور المقاومة التي تقودها إيران في المنطقة.
  • لهذا السبب تم التعمد بوضع الصدر بين الخامنئي وسليماني من حيث أن الأول هو المرشد الأعلى لمخيم الإسلام الشيعي والثاني هو القائد العسكري المحنك والأبرز في إدارة مغامرات إيران الإقليمية. ولكن الإيرانيون بوضع الصدر في هكذا مقام منحوا له شرعية غير مسبوقة لأي أحد آخر في الشأن العراقي، ما يعني أنهم يقرون له مكانته السياسية في إدارة الشأن العراقي ما يجعل من الصعب تخطي مطالبه المستقبلية والاستمرار على نهجهم القديم في اتهامه بالوقوع في المحور السعودي أو انتكاسه السياسي في محور المقاومة.
  • نجح الصدر في تقديم نفسه القائد السياسي الأبرز في إدارة الشأن العراقي، حيث أنه جالس بجنب المرشد ومعه رجل إيران الأول في العراق قاسم سليماني. ومن خلال ذلك عمل كش مات لمنافسيه في البيت الشيعي العراقي وخاصة السيد عمار الحكيم الذي حاول التقدم عليه خلال الأشهر السابقة بأخذ زمام المظاهرات الشعبية وتشكيل معارضة سياسية والعمل على تشكيل حكومة ظل تعمل على ملأ الفراغ السياسي بعد أقاله أو استقالة عادل عبد المهدي أو في أسوأ الحالات بعد إكمال دورته. ولكنه بجلوسه في مستوى ادني من الخامنئي ووقوفه أمامه احتراما له وإجلالا لشأنه ويرافقه قاسم سليماني وهم حاضرين في مجلس ديني قد أقر لهم شرعية التدخل في الشأن العراقي وأقر على نفسه أنه يتعامل معهم من منظور أعلى مستوى من المنظور السياسي البحت، فهناك اشتراكا دينيا ومذهبيا وهناك إقرارا بالقبول الإجمالي على اقل الاحتمالات بالسياسية الإقليمية لإيران في العراق كانت أو خارجه.
  • قد أثبت الصدر أنه يتعامل ببرغماتية في السياسة وأنه مستعد للتفاوض مع خصمائه واللقاء معهم مباشرة ووجها لوجه وانتقال وجهة نظرة لهم. وحسب ما نعرف من خطاب الصدر وشخصيته، من المتوقع أنه قد صارحهم في زيارته ونقل لهم وجهة نظره المعارضة لهم مباشرة.
  • لكنه في الوقت نفسه، قد اعترف لهم بدورهم الرئيس في الشأن العراقي وقد تنازل عما قاله سابقا بعد استهداف مقرات الحشد بدعوته جميع الأطراف العراقية لعقد اجتماعا شاملا لا يحضره أي جهة أجنبية ولو كانت تعد من محور المقاومة ما يشير إلى إيران ووكلاءها من حزب الله اللبناني وآخرين. فهو رغم منعه الآخرين من إشراك الإيرانيين في اتخاذ القرارات المصيرية في العراق، فقد قام هو بالجلوس معهم والحديث معهم والتفاوض معهم في شؤون عراقية.
  • قد كسب الصدر مكانة خاصة ومميزة لدى الإيرانيين بحضوره البارز بجنب الخامنئي وسليماني، مما سيمنع خصماءه من فصائل الحشد الموالية لإيران باتهامه بأنه ضمن محور سعودي أو التهجم عليه، ولكنه عارض نفسه بتقديم رسالة فحواها بقبوله بالميليشيات الوقحة التي تعمل تحت إشراف وإدارة السليماني مباشرة.

وأخيرا أثبت الصدر أنه لاعب ذكي في السياسة العراقية، يجيد سياسة تغيير المواقف وإدارة الأزمات وأنه يفاجئ الساسة العراقيين وغيرهم من المهتمين بالشأن العراقي بخطواته غير المتوقعة، والزمان هو الكفيل بمعرفة المفاجئات القادمة لحرباء السياسة العراقية.

كاتب عراقي

عن صفحته في فيسبوك