دموع الولي الفقيه في عيني نصرالله

ها هو نظام الحكم في سوريا يتساوى مع ميليشيا لبنانية في تبعيته للولي الفقيه.

صار في إمكاننا اليوم أن نقول "دموع نصرالله" بدلا من أن نقول "دموع التماسيح". فزعيم حزب الله بكى كذبا وخداعا وتضليلا حين رأى صورة المرشد الأعلى الإيراني خامنئي وهو يحتضن الرئيس السوري بشار الأسد.

لا شيء يستدعي البكاء في الصورة.

يمكن النظر إلى الأسد باعتباره من أكثر الرؤساء بؤسا وتعاسة. لقد قاده حظه السيء إلى أن يستظل بأسوأ نظام سياسي شهدته البشرية في عصرها الحديث وهو النظام الإيراني الذي يتزعمه رجل متخلف هو خامنئي.

بالنسبة للأسد فإن تلك الصورة تعد بمثابة نهاية لحداثته التي كانت على الأقل حبرا على ورق. ذلك لأن النظام السياسي المتخلف الذي ورثه عن أبيه ما كان يقوى على تحديث أدواته وأساليبه في الحكم ليصل إلى مستوى ما كان الرئيس نفسه قد وعد به يوم تسلم الحكم.

لقد سبقت الأحداث الرئيس السوري بما جعله يشعر في وقت مبكر من الازمة التي تمر بها بلاده أنه عاجز عن اللحاق بها. لم يفهم الرجل شيئا مما كان يجري من حوله فجاءت ردود أفعاله فارغة من محتوى الاستجابة الحقيقية لمطالب الشعب السوري.

اما بعد أن تم تدويل الحرب فإن كل شيء خرج من يده وصار يلعب مضطرا دور المتفرج الذي لا يملك مقعدا بين المتفاوضين الإقليميين والدوليين الذين صاروا يضعون الحلول بما يناسب مصالحهم.

لقد انتهى بشار الأسد صفرا في معادلة لا ينفع فيها الصفر الفارغ من القيمة.

ليس صحيحا ما يُقال عن أن الأسد ونظامه يمكن تأهيلهما أو إعادة انتاجهما. فتلك مجرد فقاعة إعلامية يُراد من خلالها توجيه الأنظار بعيدا عن حقيقة ما يجري بين الفرقاء غير السوريين من تسويات.

وحين بكى نصرالله فإنه لم يفعل ذلك إلا تعبيرا عن فرحه.

فبعدما كانت سوريا قيمة على الشؤون اللبنانية لسنوات طويلة ها هو نظام الحكم فيها يتساوى مع ميليشيا لبنانية في تبعيته للولي الفقيه. وفي ذلك تكون سوريا قد احتفظت برئيسها ونظام حكمها وفقدت استقلالها وقبله شعبها الذي صارت عودته إلى مدنه وقراه أمرا مستبعدا.

مشكلة البعض تكمن في عدم النظر إلى حقيقة ما انتهى إليه بشار الأسد بعد ثمان سنوات من الحرب. فالرجل الذي تعترف وسائل اعلامه بدور إيران في حماية نظامه من السقوط يمارس اليوم وظيفته رئيسا لسوريا على مستوى مجازي. ذلك لأن الجزء الأكبر من سوريا لا يقع تحت سيطرته الفعلية بالرغم من هزيمة الجماعات الإرهابية المسلحة.

فإضافة إلى روسيا هناك إيران وتركيا اللتان تسيطران على أجزاء واسعة من الأراضي السورية المحررة، سواء بشكل مباشر أو من خلال الميليشيات والتنظيمات المسلحة التابعة لها.

سوريا التي عبثت بأحوال مواطنيها الجماعات الإرهابية المسلحة لا تزال خارج السيطرة الحقيقية وقد لا تستعيد وضعها الطبيعي في وقت قريب. وهو ما يريح حسن نصرالله الذي يحلم في أن تنضم سوريا مفككة إلى المجال الاستراتيجي الإيراني تمهيدا لقيام امبراطورية آيات الله.

دموع نصرالله المشؤومة هي علامة نحس بالنسبة للرئيس السوري. فبالنسبة لزعيم حزب الله فإن زيارة الأسد لخامنئي هي تجسيد للقاء المريد بمعلمه كما لو أن الأسد كان دائما واحدا من أتباع الولي الفقيه اسوة بنصرالله نفسه.

وليس مستبعدا أن يكون نصرالله قد بكى شماتة ببشار الأسد الذي كان يوما يلوح بحداثته التي استبدلها بالخضوع لأكثر الأنظمة السياسية تخلفا في عالمنا المعاصر. وهو ما سيقف حائلا بشار الأسد وسوريا.     

فسوريا التي تحكمها الميليشيات لن تعود موحدة من أجل أن يحكمها واحد من مريدي الولي الفقيه. وهو ما بكى نصرالله من أجله فرحا.