دواء مضاد للصرع يخلّف أضعافا مضاعفة من مخاطر إضطرابات النموّ

دراسة فرنسية حديثة تجد ان أطفال من تناولن عقار 'ديباكين' خلال الحمل يعانون خطرا أعلى بخمس مرّات للاصابة بمشاكل مثل التوحّد والتأخّر في المشي وعسر النطق.

باريس - يواجه الأطفال الذين تناولت أمّهاتهم دواء "ديباكين" خلال الحمل خطرا أعلى بخمس مرّات للإصابة باضطرابات في النموّ منذ سنّ صغيرة، وهي نسبة أعلى بكثير من تلك المسجّلة مع أدوية أخرى للصرع، بحسب ما أظهرت دراسة فرنسية حديثة.

والمخاطر التي تشكّلها الأدوية القائمة على فالبروات الصوديوم (ومنها "ديباكين") معروفة منذ سنوات عدّة. وللعلماء فكرة واضحة نسبيا عن مخاطر الإصابة بتشوّهات جسدية، لكن الحال ليس كذلك مع اضطرابات النموّ (كالتوحّد والتأخّر في المشي ومشاكل في النطق) التي قد تنجم عن تناول هذه العقاقير.

وقام فريق من الباحثين، من الصندوق الوطني للتأمين الصحي وهيئة الدواء خصوصا، بتحليل بيانات طبّية لأكثر من 1.7 مليون طفل ولدوا في فرنسا بين 2011 و2014، وهي أكبر مجموعة تخضع لدراسة في هذا الصدد، تابعوا نموّهم حتى العام 2016 لمعرفة إن كانوا يعانون من هذه الاضطرابات.

وشخّصت إصابة 50 طفلا من بين 991 تناولت أمّهاتهم فالبروات الصوديوم خلال الحمل باضطرابات النموّ العصبي، أي ما نسبته 5 % من المجموع، وفق هذه الدراسة التي نشرت في مجلّة "ساينتيفيك ريبورتس".

ولا تتخطّى هذه النسبة 0.89 % عند الأطفال الذين لم يتعرّضوا لدواء مضاد للصرع داخل الرحم.

وفي التفاصيل، تبيّن أن الأطفال الذين تعرّضوا لفالبروات الصوديوم خلال الحمل يواجهون خطرا أعلى بـ 5.1 مرّات للإصابة بتخلّف عقلي واحتمالا أعلى بـ 4.7 مرّات للتعرّض لاضطرابات في الوظائف الحركية والتعلّم والنطق. أما خطر الإصابة باضطرابات طيف التوحّد، فهو أعلى عندهم بـ 4.6 مرّات.

الخطر يكون أدنى عند الأطفال الذين تعرّضوا لجرعات قليلة من الدواء

وتبقى نسبة الأطفال الذين يواجهون هذه المشاكل دون التقديرات الفعلية، نظرا خصوصا إلى أن "نطاق التتبّع محدود في الدراسة (حتّى 3.6 سنوات في المعدّل و5 سنوات على أقصى تقدير)، ما سمح بتحديد الحالات الأكثر حدّة لا غير التي تتوجّب رعايتها منذ سنّ صغيرة، في حين أن الحالات الأقلّ حدّة لن ترصد سوى خلال فترة أطول للمتابعة"، على ما قالت منسّقة الدراسة روزماري دراي-سبيرا في تصريحات لوكالة فرانس برس.

دراسات مكمّلة

وأظهرت الدراسة أيضا أن خطر إصابة الأطفال المعرّضين للفالبروات بهذه الاضطرابات "لا يزداد خلال الربع الأوّل من الحمل فحسب"، في حين أن "الدراسات المتوافرة لم تكن تتيح معرفة إن كان الخطر يختلف باختلاف مدّة التعرّض"، بحسب الباحثة.

وخلص القيّمون على هذه الأبحاث إلى أن "الخطر يكون أدنى عند الأطفال الذين تعرّضوا لجرعات قليلة من الدواء بالمقارنة مع هؤلاء الذين تعرّضوا لجرعات أكبر".

وأشارت عالمة الأوبئة إلى أن "خطر الإصابة باضطرابات مبكرة في النموّ العصبي يبدو أكثر انخفاضا مع أدوية أخرى مضادة للصرع، لا سيّما لاموتريجين"، غير أن هذا الخطر الذي ارتفع بنسبة 50 % مع تناول عقار "بريغابالين يتطلّب دراسات معمّقة ومكمّلة".

وتوصي السلطة العليا للصحة ببدائل للفالبروات في علاج الصرع هي لاموتريجين (الخيار المفضّل) وليفيتيراسيتام وأوكسكاربازيبين.

وتلاحَق مختبرات "سانوفي" الفرنسية المصنّعة لعقار "ديباكين" أمام القضاء هذه السنة بتهم "القتل غير العمد" و"التدليس في ظروف مشدّدة للعقوبة" و"إحداث إصابات من دون قصد" بعدما اتهمتها عائلات ضحايا بأنها تأخّرت في إبلاغهم بمخاطر الدواء خلال الحمل المعروفة منذ الثماننينات.

واعتبارا من العام 2015، تمّ تدريجا تقييد شروط وصف دواء "ديباكين" للنساء اللواتي هنّ في سنّ الإنجاب.