دور كشافة الإخوان في صناعة العنف

البنا أسس جيشه من الراديكاليين من خلال تحايله على القانون وكما هو معلوم فإن النشاطات العسكرية خارج نطاق التنظيم الرسمي السائد كان ممنوعا لذلك منعت ميليشيات حزب الوفد ومصر الفتاة لكن الإخوان تحايلوا بنشاط الكشافة في المدارس والجوالة في الجامعات.

بقلم: ناصر الحزيمي

أي حركة تتلبس بطابع التدين غير المعتدل لا بد أن تبحث عن وسائل التغيير بالعنف واستعراض القوة والهيبة. وهذ ما حدث مع المرشد الأول لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا. يقول الأستاذ محمود عبد الحليم في كتاب "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ":

"... كان الأستاذ يتحرق شوقاً إلى إبراز الدور العسكري لتجلية فكرة الجهاد، ولكنه رأى الدعوة مازالت في مهدها، ولم تتجاوز في طورها الجديد مرحلة الحبو...؛ إذن فلابد من أن تتحاشى الدعوة في هذا الطور كل ما يعتبرونه في عرفهم خروجًا على القانون. وكنا إذ ذاك في الثلث الأخير من الثلاثينيات وكان تكوين منظمات عسكرية لا يعد خروجاً علي القانون فحسب بل يعد إحدى الكبائر... لهذا لجأ إلي إبراز الطور الجديد في خاطره، إلي مظهر ألبسه لباس القانون. لم يكن في مصر إذ ذاك صورة فيها رائحة العسكرية مسموح بها إلا جمعية الكشافة الأهلية، وكان صغار السن من المنتسبين إليها يسمون "كشافة" وكان الكبار يسمون "جوالة" وصار الإخوان المسلمون فرقة جوالة منتسبة إلي جمعية الكشافة الأهلية".

وهكذا تيسر لحسن البنا أن يؤسس جيشه من الراديكاليين من خلال تحايله على القانون، وكما هو معلوم فإن النشاطات العسكرية خارج نطاق التنظيم الرسمي السائد كان ممنوعا؛ لذلك منعت ميليشيات حزب الوفد ومصر الفتاة. وكم كنت أستغرب حرص الإخوان المسلمين على نشاط الكشافة في المدارس ونشاط الجوالة في الجامعات والصفوف العليا؛ حتى تيسر لي معرفة استغلالهم لهذا النشاط وطبيعة إعلام الإخوان أنه يهاجم كل نشاط لم ينزوِ تحت سيطرته فالإعلام فاسد إذا لم يكن وزير الإعلام منهم أو تحت سيطرتهم والحركة الكشفية ماسونية إذا لم تكن تحت سيطرتهم وهكذا دواليك. وأنا أذكر أن النشاط الكشفي في إحدى جامعاتنا قد سيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين، فكانوا يقومون بدور المحتسب، وأنا أتحدث هنا عن وقائع، كما لا ننسى أن فرق الجوالة هي التي تنتج العناصر المميزة للجهاز الخاص أو الجهاز السري، ومن قاموا بالعنف مبكرا في جماعة الإخوان المسلمين هم في بدايتهم من كوادر الكشافة أو الجوالة والسبب في ذلك يعود إلى أن كوادر الكشافة والجوالة يخضعون للملاحظة من حيث الطاعة واللياقة البدنية والشجاعة. هذه العوامل هي التي تحدد لياقة الكادر الإخواني وجاهزيته للتحول إلى مرحلة الجهاز الخاص أو الجهاز السري.

الغريب أن محمود عبد الحليم الذي نقلنا عنه ذكر معلومة غريبة وغير واقعية وهي أنهم عدلوا على قانون الكشافة بذريعة غير واقعية يقول "... وتبني الإخوان قانون الكشافة وهو يتماشى مع الفضائل الاجتماعية التي يدعو إليها الإسلام، وأذكر أننا لم نعدل فيه إلا لفظاً واحداً من إحدى مواده التي تقول: وأن أطيع رؤسائي طاعة عمياء، عدلناها إلى طاعة تامة لأن الإسلام لا يعترف بالطاعة العمياء...". وأنا أريد أن أفهم ما هو الفرق عند الإخوان المسلمين بين طاعة تامة وطاعة عمياء فالطاعة عند الإخوان مطلقة! ومقولة إن العنصر الإخواني يجب أن يشبه في طاعته الميت بين يدي مغسله.

نُشر في صفحة العربية نت