دولة الحوثي

عندما يصرح زعيم الحوثيين في اليمن بأن جماعته ستواصل تطوير قدراتها العسكرية، ويتزامن مع هذا التصريح إستمرار إطلاق صواريخ إيرانية الصنع، على السعودية، فإن السؤال الذي يتبادر للذهن؛ في أي مجال ستطور هذه الجماعة الخاضعة لإيران قلبا وقالبا، قدراتها العسكرية؟ وماذا يعني بهذا التطوير، هل يعني بأن هناك مصانع لإنتاج الاسلحة في اليمن وسيتم تطويرها؟ أم إنه يعني بذلك سعي جماعته لإبرام صفقات لشراء أسلحة من بلدان أخرى؟

قطعا فإنه ليس هناك من أية إجابة محددة على أي من هذه الاسئلة لأسباب كثيرة ولكن من أهمها وأبرزها، إن هذه الجماعة ليست بدولة، وإن إنقلابهم على الشرعية في اليمن غير معترف به دوليا، ولذلك فإن الحديث عن تطوير القدرات العسكرية لهم تعني رفع مستوى الدعم المقدم لهم وهو في نفس الوقت بمثابة رسالة إيرانية للسعودية على لسان زعيم الحوثيين.

عبدالملك الحوثي، وهو يتحدث عن تطوير جماعته لقدراتها العسكرية، قال: "كلما استمر العدوان (في اشارة الى عمليات التحالف الداعم للشرعية في اليمن) في حربه فإن قدراتنا العسكرية سوف تكبر وتتطور وتتعاظم"، مضيفا أن لحركته الحق في صنع طائرات بدون طيار واستخدامها. وهذا الكلام لو حللناه وفككناه فإنه سعي لإبعاد الشبهات عن إيران من تقديم الاسلحة النوعية للحوثيين، لكن مع ذلك قد تكون هناك مصانع متنقلة أو إبتدائية نوعا ما لصناعة طائرات من دون طيار أو مصانع لصناعة الصواريخ، خصوصا وإن تضييق الخناق على الجماعة وتشديد المراقبة على السفن الايرانية أو القادمة من إيران لإيصال أسلحة لجماعة الحوثي، يجعل من قضية فتح مصانع من جانب الايرانيين لإنتاج أنواع من الاسلحة أمرا ملحا تماما كما تفعل تنظيمات المافيا لتصنيع وإنتاج بعض البضاعات التي تدر عليها أرباحا وفوائد كبيرة.

ما تفعله جماعة الحوثي في اليمن، هو نفس ما فعله ويفعله حزب الله في لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق، بمعنى إن هذه الجماعات والميليشيات المسلحة هي دول داخل دول، وهو خطر يبدو إن المجتمع الدولي لايلتفت إليه في الوقت الحاضر ويتحسب من نتائجه وتداعياته تماما كما كان الامر مع بن لادن عندما حارب الروس في أفغانستان وما شكله من خطر بعد ذلك، خصوصا وإن هذه الجماعات والميليشيات والاحزاب المرتبطة تنظيميا وأيديولوجيا بالنظام في إيران، من الممكن جدا أن تصبح في أية لحظة وسائل وأدوات خاصة لطهران ويتم إستخدامها في ضوء الحاجة المطلوبة منها، علما بأن هذه الاحزاب والجماعات هي الايادي الظاهرة لطهران في المنطقة، أما الايادي الخفية ونقصد بها الخلايا النائمة فانها تشكل هي الاخرى إحتياطا إستراتيجيا لها، وإن نجاح الحوثيين في المهمة المناطة بهم في اليمن ستكون نتائجه في نهاية المطاف مضرة بالجميع، فهل سيتم السكوت عن ذلك؟