"دي جي" مصريات يشعلن حلبات الرقص

الرجال يشكلون الغالبية العظمى من العاملين في تنسيق الأسطوانات، لكن يتزايد عدد المواهب النسائية التي تجد القوة والشجاعة للعمل في هذه المهنة.

القاهرة - في مطعم على ضفاف النيل تتمايل مجموعة متنوعة من الشباب تحت أضواء أشعة الليزر على وقع نغمات للموسيقى الإلكترونية تنسقها بعناية ياسمين سلكتريس المنتمية إلى جيل جديد من منسقات الأسطوانات اللواتي يشعلن حلبات الرقص في مصر.

وقالت الصحافية المتخصصة في الموسيقى هالة كاي التي تعمل هي نفسها في بعض الأحيان منسقة أسطوانات لوكالة فرانس برس إن "الرجال يشكلون الغالبية العظمى من العاملين في تنسيق الأسطوانات، لكن يتزايد عدد المواهب النسائية التي تجد القوة والشجاعة للعمل في هذه المهنة وهن يستلهمن تجارب رائدات في هذا المجال مثل سما عبدالله"، في إشارة إلى منسقة الأسطوانات الفلسطينية التي بدأت مشوارها المهني في القاهرة في العام 2011 ثم انتقلت إلى باريس وباتت اليوم تلعب موسيقاها الإلكترونية في مهرجان كواتشيلا الأميركي.

وأضافت الصحافية اليمنية المقيمة في أمستردام والتي تزور بانتظام العواصم العربية "في القاهرة رأيت منسقات أسطوانات قويات وموهوبات ويتمعتن بالكفاءة فهن يعرفن كيف يجعلن الناس يرقصون".

ولفتت فريديركه برييه من معهد غوته الثقافي الألماني في القاهرة إلى أن "عدد النساء اللاتي يعملن كمنسقات أغنيات في المنطقة ازداد خلال السنوات العشر الأخيرة".

وتابعت "لكن المشهد الموسيقي في مصر كما في دول كثيرة يظل تحت هيمنة الرجال خصوصا في مجالي الإنتاج وإدارة قاعات الحفلات".

حفلات تقوم على التنوع

أما دنيا شهدي مؤسسة فريق جيلي زون فتفخر بأنها "من أوائل منسقات الأغنيات اللاتي تمكنّ من إنشاء كيان مستقل حتى لو لم تكن أول دي جي امرأة في مصر".

وأكدت أنها من خلال فرقتها جيلي زون تنظم حفلات موسيقية "بمشاركة منسقات ومنسقي أسطوانات تقوم على التنوع الموسيقي وكذلك على التنوع الطبقي والجندري للجمهور"، مضيفة "أردت تنظيم حفلات أشعر فيها شخصيا بالأمان ومن دون تحرش".

وتقر ياسمين سلكتريس وهي "دي جي" مصرية تقيم بين القاهرة ونيويورك بأن "عدد النساء أقل من الرجال في المهنة بسبب التقاليد والمجتمع وعوامل أخرى" لها تأثيرها في الدول العربية حيث تتمتع أقل من 20 في المئة من النساء بوظيفة تدرّ دخلا ثابتا وهي نسبة لم تتغير منذ 15 عاما بحسب البنك الدولي.

وقالت منة وهي مصرية-أميركية جاءت لحضور حفل سلكتريس "طوال عمري أرى منسقي أسطوانات من الرجال ويسعدني أن نجد تطورا في المشهد الموسيقي".

ولكن سلكتريس لا تريد أن "تكتسب كل قيمتها من كونها امرأة"، فهذا بالنسبة إليها "يحجّم" موهبتها.

في المقابل تستفيد داليا حسن من تنظيم حفلات للنساء فقط تلقى إقبالا كبيرا لأن كثيرات منهن خصوصا المحجبات "يفضلن أن يلتقين معا بدون رجال في وجود منسقة أسطوانات امرأة".

ومنذ مطلع الألفية الثالثة تنظم حسن في دول عربية كثيرة حفلات حنّة تقتصر على النساء اللاتي يستطعن ارتداء ما يشأن من ملابس والرقص والغناء بحرية فيما يحتفلن مع العروس بتوديع حياة العزوبية.

وأكدت كاي أن مثل هذه الحفلات تتيح للنساء الاستمتاع "ولكننا لا نريد للسيدات اللاتي يعملن في تنسيق الأغنيات أن ينعزلن عن بقية الجمهور، بل على العكس يجب أن يكنّ بارزات".

وتابعت "هذه الوسيلة الوحيدة لإقناع الذين يعتقدون أن المرأة لا يمكن أن تكون منسقة أسطوانات".

وقالت الباحثة هاجر بن بوبكر إن "المغنيات كنّ دائما ممثلات بشكل جيد على الساحة الثقافية العربية وتظل الأسطورة أم كلثوم الرمز الأهم للموسيقى المصرية"، غير أن "المرأة ممثلة بنسبة ضئيلة على ساحة موسيقى المهرجانات الإلكترونية المصرية وهي الأوسع انتشارا".

وفيما لا يزال المصريون قادرين على التأثير على الموسيقى الإلكترونية الدولية بما أن الجمهور من نيويورك إلى طوكيو مرورا بدبي وباريس يتمايل على الموسيقى المصرية والعربية، إلا أنهم يجدون صعوبة في الوصول المباشر إلى 20 مليون شخص يقيمون في القاهرة.

ويعود ذلك إلى أن "التحدي الأكبر" وفق سلكتريس يكمن في العثور على قاعات، إذ هناك عدد قليل جدا من الأماكن المخصصة للحفلات الموسيقية و"بالتالي فإننا لا نستطيع أن نمارس عملنا" في تنسيق الأسطوانات.

وأكدت برييه أن "صناعة الموسيقى وخصوصا الإلكترونية تعتمد بدرجة كبيرة على المبادرات الخاصة والالتزام الفردي للفنانين" في بلد يضع قيودا على الفنانين الذين يؤدون هذا النوع من الموسيقى.

وتابعت "الفنانون يجدون صعوبات أكثر فأكثر في العثور على أماكن يلعبون فيها" الموسيقى.