دُفعة ضغوط فرنسية لفك عُقد تشكيل الحكومة اللبنانية

الرئيس الفرنسي يجري اتصالات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين بعد تعثر تشكيل الحكومة بسبب اعتراضات الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) وتمسكهما بترشيح شخصيات شيعية لعدة حقائب وزارية على رأسها المالية.
فرنسا تضغط على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة في أقرب وقت
عراقيل بسبب خلاف على من يختار الوزراء
فرنسا لاتزال تعلق آمالا على تجاوب ساسة لبنان مع جهودها
ماكرون طلب من مصطفى أديب التريث وعدم التنحي

بيروت/باريس - قال مصدر دبلوماسي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالات هاتفية بالقادة اللبنانيين اليوم الجمعة لمناقشة الجهود المتعثرة لتشكيل حكومة جديدة، فيما تسعى باريس لإعطاء دفعة جديدة لمبادرتها لإخراج لبنان من أزمة مالية عميقة.

وتمارس فرنسا ضغوطا على سياسيين من طوائف لبنانية مختلفة لتشكيل حكومة في وقت قريب للبدء في إصلاحات تخرج البلاد من أسوأ أزمة تمر بها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990.

لكن العملية وصلت إلى طريق مسدود بسبب خلافات الطوائف حول تولي الحقائب الوزارية الرئيسية.

ويصر الفصيلان الشيعيان الرئيسيان في البلاد وهما جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحركة أمل على ترشيح الشخصيات الشيعية التي ستشارك في الحكومة ومن بين الحقائب التي تريد تسمية من يشغلها وزارة المالية.

وانقضى بالفعل الموعد النهائي المحدد بين باريس وزعماء لبنان لتشكيل حكومة جديدة في 15 سبتمبر/أيلول.

وذكرت الرئاسة اللبنانية أن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتناول "الوضع الحكومي وضرورة الاستمرار في المساعي لتأمين ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن".

وصرح مصدر دبلوماسي بأن ماكرون اتصل أيضا برئيس البرلمان نبيه بري زعيم حركة أمل الذي عبر عن اعتراضاه على أسلوب رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب في تشكيل الحكومة والذي يتمسك أيضا بأن تتولى شخصية شيعية حقيبة المالية.

كما تصل ماكرون بالسياسي السنّي البارز سعد الحريري رئيس الوزراء الأسبق الذي يدعم رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب.

وقال أديب أمس الخميس، إنه سيمنح المزيد من الوقت لمحادثات تشكيل الحكومة بعدما أشارت تقارير إلى أنه قد يتنحى عن المهمة. وكان قد اقترح تداول السيطرة على الوزارات إذ ظلت في أيدي ذات الطوائف لسنوات طويلة.

وقال المصدر الدبلوماسي إن ماكرون تحدث مع أديب أمس الخميس وطلب منه التحلي بالهدوء وعدم التنحي.

وقال السياسي اللبناني المسيحي المعارض سمير جعجع اليوم الجمعة إن مطالب جماعة حزب الله وحركة أمل الشيعيتين تضرب المبادرة الفرنسية لإخراج لبنان من أزمته "في الصميم".

وأضاف خلال مؤتمر صحفي بثه التلفزيون "إن شاء الله أكون مخطئا بس تعطلت وتعطلت، شو بدو يعود يخلصها هلق؟".

وأشار إلى أن الإذعان لمطالب حزب الله وحركة أمل سيدفع بقية الفصائل لطرح مطالب وهو ما سيعرقل الإصلاحات.

وردا على سؤال بشأن المتوقع إذا تبددت الفرصة التي توفرها المبادرة الفرنسية، قال "مزيد من الانهيار بس بسرعة أكبر".

وقال الرئيس اللبناني اليوم الجمعة، إن بلاده تقف على مفترق طرق بين تحقيق التنمية وأزماتها المختلفة، مشددا على حاجتها إلى المزيد من الدعم الدولي.

وأفاد في كلمة خلال مشاركته في مؤتمر التنمية المستدامة للأمم المتحدة عبر اتصال مرئي نشرها حساب الرئاسة اللبنانية على تويتر "لبنان يقف على مفترق طرق مصيري بين طموحه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبين أزماته الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية".

وأضاف أن  بلاده "تحتاج بشكل كبير للمزيد من دعم المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة لمساعدتها على تخطي الظروف الطارئة".

وتابع "عالمنا يواجه تحديات كبيرة انعكست على كل البلدان وكان للبنان نصيب كبير منها، من أزمة النزوح السوري المستمرة منذ 10 أعوام إلى أزمة اقتصادية ومالية ونقدية حادة نتيجة عقود من تراكم الفساد وسوء الإدارة".

وقال أيضا "في خضم مكافحتنا لوباء كورونا، فُجع لبنان بانفجار مرفأ بيروت الذي ضرب قلب العاصمة وأسفر عن ضحايا بشرية وخسائر مادية كبيرة"، مضيفا "كما خلف الانفجار آثارا سلبية هائلة لن تتسبب في تفاقم الانكماش في النشاط الاقتصادي فحسب، لكنها ستؤدي أيضا إلى تعاظم معدلات الفقر".

واعتبر الرئيس اللبناني أن على بلاده أولا الاستجابة السريعة لمعالجة الأزمات الأكثر إلحاحا عبر "إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر عوزا وفقرا وإلى الشرائح المهمشة والمتضررة".

وقال "علينا ثانيا إصلاح ما يقارب 200 ألف وحدة سكنية لحقها الضرر (جراء انفجار مرفأ بيروت) ومنها ما دمرت بالكامل ونتج عن ذلك نزوح 300 ألف مواطن خصوصا ونحن على أبواب فصل الشتاء".

وختم بالقول "علينا ثالثا إعادة إعمار مرفأ بيروت، الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني، ومعالجة الأضرار الجسيمة التي لحقت بكل القطاعات: الصحة، التعليم، الغذاء، البناء، السياحة".