'ذي موريتانيان' يجر طاهر رحيم وجودي فوستر لجحيم غوانتانامو

الممثل الفرنسي من أصل جزائري يؤدي دور الموريتاني محمدّو ولد صلاحي المشتبه ظلماً بكونه إرهابياً واعتُقِل لمدة 14 عاماً في هذا السجن العسكري من دون توجيه تهم إليه فيما تتولى النجمة الأميركية دور محاميته وتنجح بفضل إصرارها القضائي ضد الإدارة الأميركية في تحريره.

كان (فرنسا) - يتألق الممثل الفرنسي من أصل جزائري طاهر رحيم إلى جانب الأميركية جودي فوستر في فيلم "ذي موريتانيان" الذي يتزامن بدء عرضه في فرنسا في 14 تموز/يوليو الجاري مع وجود نجميه في مهرجان كان، وهو فيلم قوي يشكل إدانة للتعسف، إذ يتناول قصة موريتاني سُجن في معتقل غوانتانامو الأميركي بتهمة الإرهاب، ويكافح لإثبات براءته.

ويؤدي طاهر رحيم في الفيلم دور الموريتاني محمدّو ولد صلاحي الذي اشتُبه ظلماً بكونه إرهابياً واعتُقِل لمدة 14 عاماً في هذا السجن العسكري من دون توجيه تهم إليه ومن دون محاكمته. أما دور محاميته التي نجحت بفضل إصرارها القضائي ضد الإدارة الأميركية في تحريره، فتتولاه جودي فوستر.

ويبدأ الفيلم بمشهد يدور في الصحراء الموريتانية، لكنه سرعان ما ينتقل إلى الزنازين المظلمة للقاعدة الواقعة في جزيرة كوبا، حيث اعتقل صلاحي، على غرار نحو 800 "أسير حرب" آخر، منذ 11 ايلول/سبتمبر 2001.

وقال طاهر رحيم ردا على سؤال عن الفيلم خلال موسم الجوائز الأخير "إنها قصة حقيقية تستحق ويجب أن تُروى. ما حدث لهذا الرجل أمر فظيع لكنه يحمل في قلبه رسالة مغفرة وسلام، وهذا هو الأهم في الواقع".

ورُشح الفيلم لجائزة "بافتا"، فيما فازت جودي فوستر بجائزة "غولدن غلوب" لأفضل ممثل مساند عن دورها فيه كمحامية لا تكتفي بخوض المعركة القانونية، بل تتمثل مهمتها الدقيقة ايضاً في إقامة علاقة ثقة مع هذا السجين المنفصل عن العالم الخارجي.

تجربة حقيقية للتعذيب 

يصوّر الفيلم الذي أداره المخرج كيفن ماكدونالد (وهو أيضاً مخرج فيلم السيرة الذاتية "ذي لاست كينغ أوف اسكتلند" عام 2006) ظروف الاعتقال القاسية في القاعدة الأميركية، حيث تعددت ضروب الإذلال وأساليب التعذيب، سواء بواسطة محاكاة الغرق أو الحرمان من النوم أو التسبب بالدوار من خلال رفع صوت الموسيقى إلى أقصى درجة...

ورغم مرور 20 عاماً على ما حصل في 11 ايلول/سبتمبر، لا يزال موضوع الفيلم مطروحاً بقوة، إذ كان نحو 40 معتقلاً لا يزالون في غوانتانامو في ايار/مايو الفائت، مع أن الرئيس السابق باراك أوباما وعد في العام 2009 بإغلاقه. وتُتهم واشنطن بالاحتجاز غير القانوني وانتهاك حقوق الإنسان والتعذيب، فيما لم تثبت الشبهات أخيراً إلا بالنسبة إلى بضع عشرات فحسب من المعتقلين.

وشكّل أداء طاهر رحيم عنصراً مهماً في الفيلم، إذ يصعب التعرف عليه في بعض الأحيان، بخديه الأجوفين وشحوبه ورأسه الحليق، ما يذكّر كثيراً بدوره في فيلم "آن بروفيت" لجاك أوديار الذي أدى فيه دور السجين قبل 12 عاماً وكان باكورة بروزه.

وروى رحيم أن "الطريقة الوحيدة" التي وجد أنها تجعل "مشاهد التعذيب الفظيعة هذه حقيقية" هي "تجربتها إلى حدّ ما، والاقتراب (من الواقع) قدر الإمكان". واضاف "ما نراه في الفيلم، فعلته في الواقع. وضعت أغلالاً حقيقية، ومكثت في هذه الزنازين الباردة، وتعرضت لمحاكاة الغرق وللإطعام بالقوة".

وشرح لوكالة فرانس برس قائلاً "اضطررت الى تغيير نفسي جسديا، ولإنقاص وزني كثيراً في وقت قصير جدا (...) ما جعلني في وضع خاص جدا من الناحية النفسية".

شجاعة وعناد 

ويجسد طاهر رحيم ببراعة الشجاعة والعناد اللذين تحلى بهما محمدو ولد صلاحي خلال انفصاله عن العالم وخضوعه للاستجواب تلو الآخر. وقد روى الأخير قصته بعد إطلاق سراحه في كتاب اقتُبس الفيلم منه.

وشكّل هذا الفيلم الذي اعتبره رحيم التجربة "الأكثر قوة" في حياته المهنية خطوة جديدة في المسيرة العالمية لهذا الفرنسي الذي نشأ في بلفور (شمال شرق فرنسا) ضمن عائلة متواضعة وكبيرة من أصل جزائري، والمتزوج حالياً من الممثلة ليلى بختي وله منها ولدان.

ولاحظ رحيم أن "التمثيل بلغة أجنبية مختلف. فالجسم والوجه يتحركان بشكل مختلف، واستخدام الكلمات ليس نفسه، لذا فإن الانفعالات العاطفية وتأدية الشخصية مختلفان حتماً، وهذا أمر مثير جداً للاهتمام".

ويشارك رحيم البالغ 39 عاما في أفلام خارج فرنسا منذ نحو عشر سنوات بالتوازي مع أدواره في السينما الفرنسية، وهو برز أخيراً في مسلسلَي "ذي إدي" و"ذي سربنت"، وهو حالياً عضو في لجنة التحكيم المرموقة لمهرجان كان السينمائي، حيث مُنحت جودي فوستر سعفة ذهبية فخرية عن مجمل مسيرتها.