رئيس الحكومة المغربية المكلف يتطلع إلى فريق منسجم ومتماسك

رئيس الحكومة المغربية المكلف عزيز أخنوش يعلن أنه سيتم فتح مشاورات مع الأحزاب لتكوين أغلبية حكومية منسجمة ومتماسكة ذات برامج متقاربة".
عزيز أخنوش: مشاورات لتكوين أغلبية حكومية قادرة على تفعيل التوجهات الكبرى
جل الأحزاب الممثلة في البرلمان تتبنى ميثاقا من أجل "نموذج تنموي جديد"
مشاورات تشكيل الحكومة المغربية تبدا الاثنين

الرباط – كلّف العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بتشكيل حكومة جديدة في المغرب بعد فوز حزبه بالانتخابات البرلمانية التي جرت الأربعاء ملحقا هزيمة مدوية بإسلاميي العدالة والتنمية.

وقال بيان لوزارة القصور الملكية إن العاهل المغربي استقبل عزيز أخنوش بالقصر الملكي في فاس و"كلفه بتشكيل الحكومة الجديدة"، مشيرا إلى أن التعيين جاء "طبقا لمقتضيات الدستور وبناء على نتائج الانتخابات التشريعية" الأخيرة.

ويرتقب أن يجري مشاورات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان لتشكيل فريق حكومي جديد، لن يكون من ضمنه حزب العدالة والتنمية الذي أعلنت قيادته الخميس اصطفافه في المعارضة.

وصرح أخنوش، عقب تكليفه، أنه "سيقوم بفتح مشاورات مع الأحزاب التي يمكن أن يتم التوافق معها في المستقبل، من أجل تشكيل أغلبية منسجمة ومتماسكة لها برامج متقاربة"، معربا عن "أمله في أن تضم هذه التشكيلة الحكومية "أعضاء في المستوى، ينفذون الاستراتيجيات الكبرى للملك محمد السادس والبرامج الحكومية".

وتصدر حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي نتائج الانتخابات البرلمانية بحصوله على 102 مقعد من أصل 395. بينما تراجع الإسلاميون الذين ترأسوا الحكومة في المغرب لنحو عقد إلى المرتبة الثامنة مكتفين بـ13 مقعدا مقابل 125 في البرلمان المنتهية ولايته.

وكان أخنوش وزيرا للزراعة في الحكومة المنتهية ولايتها وشغل هذا المنصب منذ العام 2007. وتولى حزبه التجمع الوطني للأحرار وزارات أساسية في حكومة سعد الدين العثماني، مثل الاقتصاد والمالية والصناعة والسياحة.

وشارك الحزب، الذي أسّسه مقرّب من الملك الراحل الحسن الثاني العام 1978 لمواجهة المعارضة اليسارية آنذاك، في الحكومات المتعاقبة منذ 23 عاما، باستثناء عام ونصف بين 2012 و2013 غاب فيها عن حكومة عبد الإله بنكيران. لكن أخنوش استمر خلالها وزيرا للزراعة، قبل أن يعود لينتخب رئيسا للحزب في 2016.

وقال رشيد الطالبي العلمي، القيادي بالحزب السبت، إن مشاورات تشكيل الحكومة المغربية ستنطلق الاثنين.
وأوضح العلمي، عضو المكتب السياسي للحزب (أعلى هيئة تنفيذية)، أن "الجولة الأولى من المشاورات ستحدد الأحزاب التي لها رغبة في المشاركة بالحكومة، والأخرى التي تريد المعارضة"، دون تفاصيل عن بقية الجولات.
وأشار، في تصريحات صحفية، إلى أن الأرضية الأساسية لهذه المشاورات ستعتمد على البرامج الانتخابية للأحزاب، خصوصا أن المواطنين ينتظرون حكومة فعالة وقوية ومنسجمة.

مستعد للعمل

يطمح أخنوش إلى تكوين "أغلبية رصينة قادرة على تفعيل التوجهات الكبرى والمشاريع المهيكلة التي أطلقها الملك محمد السادس وقادرة على استكمال مسار التنمية"، مؤكدا على العمل من أجل "تحسين معيش المواطنين".

ومن المنتظر أن تتبنى جل الأحزاب الممثلة في البرلمان ميثاقا من أجل "نموذج تنموي جديد" يدشّن "مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات" في أفق العام 2035، وفق ما أكد الملك محمد السادس في خطاب مؤخرا.

ويرسم هذا المشروع الخطوط العريضة لتحقيق نهوض اقتصادي وتقليص الفوارق الاجتماعية العميقة في المغرب، مع الطموح إلى تشجيع الاستثمار ورفع مستوى التعليم وجودة الخدمات الصحية.

المغرب

وتواجه الحكومة الجديدة أيضا تحديات التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 التي سببت ركودا غير مسبوق، علما أن الملك محمد السادس سبق أن أعلن صيف 2020 عن مشروع طموح للإنعاش الاقتصادي بقرابة 12 مليار دولار.

ويمنح الدستور صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان، لكنّ الملك يحتفظ بمركزية القرار في القضايا الاستراتيجية والمشاريع الكبرى التي لا تتغير بالضرورة بتغيّر الحكومات.

وأكدت النتائج الكاملة للانتخابات العامة التي شملت أيضا المجالس المحلية والجهوية ريادة حزب التجمع الوطني للمشهد السياسي في المغرب، حيث حصد الصدارة في الاستحقاقين بينما انهار حزب العدالة والتنمية في كليهما.

من جهته حافظ حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الثانية بـ86 مقعداً. وكان المنافس الرئيسي للعدالة والتنمية منذ أن أسّسه مستشار الملك محمد السادس فؤاد عالي الهمّة العام 2008، قبل أن يغادره في 2011، لكنه فشل في هزمهم العام 2016.

بدوره حقق حزب الاستقلال (يمين وسط) تقدما في المقاعد التي حصل عليها محتلا المرتبة الثالثة (81 مقعدا). وكان كلا الحزبين ضمن المعارضة خلال الولاية البرلمانية المنتهية.

استعمال المال

واجه التجمع الوطني خلال الحملة الانتخابية اتهامات "بشراء المرشحين والناخبين"، وجهها له صراحة أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي. بينما انتقد رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران يومين قبل الاقتراع ما اعتبره "افتقاد" أخنوش لماض سياسي وللإيديولوجيا قائلا "ليس لك إلا المال".

لكن أخنوش المعروف بابتعاده عن السجالات السياسية وندرة ظهوره الإعلامي اعتبر تلك الانتقادات "إقرارا بالهزيمة"، مفضلا عدم الرد عليها.

وأسفرت الهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية عن استقالة قيادته ودعوتها لمؤتمر استثنائي، متحججة في تبرير الهزيمة "بممارسة الضغط على مرشحي الحزب من قبل بعض رجال السلطة"، و"الاستخدام المكثف للأموال".

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 50,35 بالمئة وفق ما أعلن وزير الداخلية، علماً أنها المرة الأولى في تاريخ المغرب دعي فيها نحو 18 مليون ناخب لانتخابات برلمانية ومحلية وجهوية في نفس اليوم.