رائحة صفقة لتسليم غولن تفوح من اتصالات بين واشنطن وأنقرة

أنقرة تقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ نظيره التركي رجب طيب اردوغان خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة في الأرجنتين بأن واشنطن تعمل على تسليم فتح الله غولن وآخرين.   

صفقة محتملة لتسليم غولن استكمالا لصفقة القس براونسون
التهرب من الضرائب تهمة أميركية محتملة لترحيل غولن إلى تركيا

الدوحة - قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الأحد، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ الرئيس رجب طيب اردوغان بأن واشنطن تعمل على تسليم فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة الذي تتهمه أنقرة بتدبير انقلاب فاشل في 2016.

وغولن كان حليفا وثيقا لاردوغان قبل أن ينقلب عليه الأخير ضمن تنافس محموم بين الرجلين، دفع الأول إلى اللجوء منذ 1999 إلى منفاه الاختياري في الولايات المتحدة.

وإذا صحّت تصريحات الوزير التركي، فإن صفقة ما تطبخ سرّا بين أنقرة وواشنطن وقد تكون استكمالا لصفقة سرّية سابقة أفضت لإطلاق تركيا سراح القس الأميركي أندرو براونسون.

وقال جاويش أوغلو في مؤتمر في الدوحة "في الأرجنتين قال ترامب لاردوغان إنهم يعملون على تسليم غولن وآخرين"، في إشارة لقمة مجموعة العشرين التي عقدت بالأرجنتين من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الأول من ديسمبر/كانون الأول.

وتسعى تركيا منذ وقت طويل لتسلم غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ نحو عقدين. وكان السياسي الإسلامي التركي المعارض حليفا لاردوغان، لكن السلطات التركية اتهمته بالمسؤولية عن الانقلاب الفاشل الذي سيطر خلاله جنود مارقون على دبابات وطائرات هليكوبتر وهاجموا البرلمان وأطلقوا النار على مدنيين عزل. ونفى غولن مرارا تلك الاتهامات.

القس الأميركي اندرو براونسون
صفقة الافراج عن القس الأميركي الذي كانت تحتجزه تركيا حركت على ما يبدو قضية غولن

وقال ترامب الشهر الماضي، إنه لا يدرس تسليم غولن في سياق جهود لتخفيف ضغوط تركية يمارسه اردوغان لابتزاز السعودية في قضية جمال خاشقجي الذي قتل في القنصلية السعودية باسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الثاني.

وقال الرئيس التركي الأسبوع الماضي، إن بلاده ستطلق مبادرات جديدة في الخارج لاستهداف تمويل أنصار غولن.

وقال جاويش أوغلو "رأيت في الآونة الأخيرة تحقيقا موثوقا لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) عن تهرب منظمة غولن من الضرائب".

وشنّت تركيا حملة تطهير واسعة استهدفت أنصار غولن ومؤسساته ووسائل الإعلام تابعة لشبكته.

ووجدت أنقرة في محاولة الانقلاب الفاشل أفضل فرصة لتصفية خصوم الرئيس التركي وقد اعتقلت المئات من الأنصار المفترضين لغولن فيما تطالب بموازاة ذلك دولا غربية بتسليمها معارضين من شبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت شبكة إن.بي.سي الإخبارية الأميركية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبحث سبلا محتملة لإخراج غولن من أراضيها في خطوة تؤكد مجددا أن غولن يشكل ورقة سياسية بين واشنطن وأنقرة شأنها في ذلك شأن القس الأميركي الذي تم الإفراج عنه ضمن صفقة سرّية بين البلدين.

ونقلت الشبكة عن أربعة مصادر قولها إن مسؤولين في إدارة ترامب طلبوا من وكالات إنفاذ القانون بحث ما إذا كان بالإمكان إخراج غولن، الذي يتهمه اردوغان بتدبير محاولة انقلاب في 2016، بشكل قانوني من الولايات المتحدة.

ويطالب اردوغان منذ فترة طويلة بأن تسلم واشنطن غولن الذي ينفي أي دور له في محاولة الانقلاب ويعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة منذ عام 1999. وقال مسؤولون أميركيون إن المحاكم تحتاج لأدلة كافية لتسليم رجل الدين العجوز.

الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب اردوغان
صفقة محتملة لتسليم غولن تطبخ خلف أبواب مغلقة بين ترامب واردوغان

ويرى متابعون أن الخطوة الأميركية تؤكد أن غولن يشكل ورقة سياسية اعتمدتها سابقا واشنطن في وجه أنقرة عندما أصرت على رفض تسليمه بتعلة أن الأدلة غير كافية لترحيله، وما أسفر عنه من توترات بين البلدين في ظل إصرار اردوغان على تسليمه وتحميله مسؤولية الانقلاب الفاشل.

وفي ظل الموقف الأميركي ناورت تركيا بعدة ملفات كان أبرزها سجن القس الأميركي واتهامه بالإرهاب وما رافقها من توترات كانت الأشد بين البلدين وتبعات وخيمة على العملة التركية.

لكن اللقاء الذي جمع اردوغان وترامب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في شهر سبتمبر/أيلول 2018، الذي حمل في مضمونه بوادر صفقة سياسية بين الطرفين أدت في مرحلة أولى للإفراج عن القس وبوادر تقارب بين الجانبين فيما يتعلق بقضية الأكراد السوريين.

واستكمل الرئيسان الأميركي والتركي مشاوراتهما خلال قمة العشرين حول قضية غولن.

ويبدو أن الصفقة السياسية بين اردوغان وترامب التي تحدث عنها الكثير من المتابعين أدرجت غولن على أن تقدم تركيا حتما تنازلات قد تكون في سوريا هذه المرة.