'رحيل نورس' لعودة عودة، أنا أكتب فأنا موجود

المؤلف يركز في مقالاته على الجوانب المحلية والقضايا الإنسانية التي يلتقطها خلال عمله ويعيدها في قالب قصصي حكائي لا يبتعد كثيرا عن النمط الحكائي الذي يركز على العبرة والفائدة والمعنى.

عمّان - "رحيل نورس"، عنوان الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" بعمّان للقاص والكاتب الصحفي عودة عودة.
والكتاب يمثل استكمالا لكتاب سابق بعنوان "لو كان لي قلبان" وصدر عن الدار نفسها.
وفي هذا الكتاب يركز المؤلف في مقالاته على الجوانب المحلية والقضايا الإنسانية التي يلتقطها خلال عمله ويعيدها في قالب قصصي حكائي لا يبتعد كثيرا عن النمط الحكائي الذي يركز على العبرة والفائدة والمعنى.
العنوان الذي اختاره الكاتب ينطوي على ما تحيل إليه رحلة هذا النوع من الطيور الذي لا يكف عن عادة الهجرة التي تجري في دمه، فهو يهاجر ليضع بيضه في بلاد بعيدة، لتعود فراخها مرة أخرى لموطنها، فهي رحلة دائرية لا تكف عنها هذه الطيور وهي تسلم روحها للغربة التي سلمها جده لوالده، ثم سلمها والده له، وهو بدوره يسلمها لولده وهو يمتطي جناح الرحلة لغربة جديدة.
ويتناول الكاتب بأسلوب سردي الكثير من الحكايات، ومنها: "عن شقيقتي وتوفيق أبو الهدى" التي يحكي فيها عن شقيقته الراحلة التي دفنت في مقبرة المصدار، ولم يتسن له معرفة قبرها، كما لم يعرف قبر رئيس الوزراء أبو الهدى الذي تسلم الوزارة لأكثر من عشر مرات.
ويتحدث عن قريته "الولجة" قضاء القدس التي قرّر الاحتلال الصهيوني هدمها بأيديهم عقابا لهم بعد أعمالهم الاحتجاجية، مختتما بمقولتين لمفكرين يهوديين نعوم تشومسكي وألبرت أنشتاين اللذين وصفا الكيان الصهيوني بقولهم "كم هي مجنونة دولة إسرائيل".

وأنا أطل بكتابي هذا على القارئ، لا بد أن أدرك أن الكتابة تظل منارة المعرفة، ووسيلة لقراءة الحاضر والمستقبل، وأن الكلمة هي المبتدأ والخبر

ويكتب المؤلف عن عمّان قائلا: "كم أنت حنونة وصابرة أيضا"، ملتقطا صورا للعمال الذين ينتظرون أمام المسجد الحسيني قبل طلوع الشمس في الصيف والشتاء والحر والقر لمن يستأجرهم، ومثلهم من دقوا "باب الخزان" في هجرة المكابدة للعمل في الغربة، مستذكرا قصة غسان كنفاني، ولكن المشهد الذي رآه في عمّان وكتب عنه كنفاني، هو المشهد نفسه الذي رآه أيضا في كازبلانكا بالمغرب، وقسطنطينة في الجزائر، والقاهرة ودمشق لرجال ينتظرون لقمة العيش.
ومن عناوين الكتاب: "ابن خلدون وابن خلفون/ محمود برهوم وأيام فاتت/ رابطة الكتاب نكهة أخرى/ إبراهيم سكجها ولوزان/ الكلية العربية بالقدس/ حجارة غائبة/ خالد الساكت وأرنست همنغوي/ أنا أكتب فأنا موجود/ من يدفع للزمار ومن يقرر له النغم/فاتن حمامة في نابلس/ جولييت عواد تدق خشب المسرح/ عن السلط سيدة البلقاء/ ما أنا إلا جورنالجي".
وكتابة المقال أو تطريز القصة بالنسبة للكاتب، وهو عضو نقابة الصحفيين الأردنيين ورابطة الكتاب ليست هواية أو كلاما فائضا عن الحاجة، بل هو موقف من الحياة والوجود وانحياز للناس البسطاء الذي يصورهم بحياد وموضوعية، كما هو بحث عن الحق والحقيقة التي يرفدها بالمعلومة والحكمة والوقائع والشائع، ومادة المقال أو القصة ليست متخيلة، وإنما مستلة من عظام الواقع، يلتقطها من مشاهداته العيانية ويسجلها كصورة فوتوغرافية أو سينمائية متحركة بكل ما يحيط بها من ظروف وملابسات وفرح أو حزن.
يقول المؤلف على الغلاف الأخير للكتاب الذي يقع في 275 صفحة من القطع الوسط ويشتمل على 106 مقالات وحكايات: "وأنا أطل بكتابي هذا على القارئ، لا بد أن أدرك أن الكتابة تظل منارة المعرفة، ووسيلة لقراءة الحاضر والمستقبل، وأن الكلمة هي المبتدأ والخبر..، وما أتمناه أن يسهم كتابي هذا في رفد المكتبة العربية بإضافة نوعية في العلم والمعرفة".
وفي تقديمه للكتاب يقول نواف نافع: "تلمس في الكتاب العشق للمكان وتفاصيله..، ولأن المكان لا يكتسب معناه دون ساكنه فقد كانت تفاصيل حياة وأسماء كثيرة ممن عايشهم حاضرة دوما".