رد شعبي مصري على مطالب ترامب بالمرور المجاني في قناة السويس
القاهرة - أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، موجة استنكار واسعة بين المصريين في أعقاب تصريحاته إنه لا ينبغي فرض رسوم على السفن الأميركية لاستخدام قناة السويس وبنما، طالبا من وزير خارجيّته ماركو روبيو معالجة هذه القضية "فورا".
وقال ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال "يجب السماح للسفن الأميركية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجانًا عبر قناتي بنما والسويس! هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة"، مضيفا أنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو "التعامل فورًا مع هذا الوضع.."
وبعد أشهر من تكرار رغبته في السيطرة على قناة بنما، يصبّ الرئيس الأميركي حاليا تركيزه على قناة السويس، وهي طريق نقل استراتيجي آخَر للتجارة العالمية، وتعتبر مسألة سيادية بالنسبة للقاهرة.
وكانت قناة السويس التي تسيطر عليها مصر منذ 1956 تشكل حوالى 10 بالمئة من التجارة البحرية في العالم، إلى أن بدأ الحوثيون في اليمن بمهاجمة سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل وإنهم يفعلون ذلك "تضامنا" مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتدخّلت الولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى لمحاولة تأمين هذا الممرّ البحري. لكنّ حركة العبور فيه تراجعت، ما أدّى إلى تراجع كبير في مصادر العملة الأجنبيّة بالنسبة إلى القاهرة التي تشهد أزمة اقتصادية حادة.
وعقّب النائب بالبرلمان المصري، مصطفى بكري على تصريح ترامب بتدوينة على صفحته بمنصة إكس اعتبر فيها أن تصريحات ترامب تعتبر سياسة بلطجة ومحاولات لابتزاز دول ذات سيادة.
وأكد قانونيون مصريون أن السيادة المصرية كاملة على قناة السويس بدون استثناءات وإعفاءات، واعتبر خبير القانون الدولي المصري أيمن سلامة في منشور على فيسبوك، أن قناة السويس تخضع لنظام قانوني مصري يستند إلى تشريعات واضحة، ولوائح تنظيمية دقيقة، تحدد رسوم المرور وحالات الإعفاء المحدودة، مؤكداً أن مطالبة ترامب باستثناء الولايات المتحدة وحدها من دفع الرسوم تفتقر إلى أي أساس قانوني أو منطقي.
وخلال الأسابيع الماضية، أعلنت لجنة الشحن البحري الفيدرالية الأميركية فتح تحقيق حول "نقاط الاختناق البحرية العالمية"، الذي يشمل قناة السويس.
وقالت اللجنة، بحسب موقع بي.بي.سي، إن الهدف من التحقيق، تقييم "الظروف غير المواتية" للتجارة الأميركية، التي قد تتسبب فيها دول أو شركات شحن في الممرات الملاحية.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات، تشير إلى محاولة ترامب الضغط على الدول المالكة للممرات الملاحية العالمية، بما في ذلك قناة السويس، لتخفيض رسوم المرور للسفن الأميركية، وهو ما عكسته آراء الناشطين على الشبكات الاجتماعية الذين اعتبروا أن هذا النوع من التصريحات يشير إلى تحول خطير في أسلوب إدارة واشنطن للملفات الحيوية في منطقة الشرق الأوسط.
وحذر البعض من أن الصمت أو الاكتفاء بردود إعلامية باهتة قد يفهم كنوع من القبول الضمني والضعف، وهو ما قد يشجع الولايات المتحدة على تقديم مطالب أخطر في المستقبل.
وحسب الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس فإن المؤرخين يجمعون على أن فرعون مصر سنوسرت الثالث من الأسرة الثانية عشرة قبل الميلاد، كان أول من فكر في شق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، وذلك بهدف توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب وما زالت آثار هذه القناة موجودة حتى اليوم في منطقة جنيفة بالقرب من مدينة السويس شرق مصر .
لكن التاريخ الفعلي لقناة السويس بدأ من فرمان الامتياز الأول في العام 1854، وصولا إلى عملية الحفر التي بدأت في 25 أبريل/نيسان 1859 حيث بدأت أعمال الحفر في قناة السويس في مدينة بورسعيد بمشاركة 20 ألفا من العمال المصريين وصولاً إلى انتهاء أعمال الحفر في 18 أغسطس/آب من العام 1869 والتي توجت بحفل الافتتاح في 17 نوفمبر من العام 1869.
وبعد 87 عاما أعلن الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر في خطابه في مدينة الإسكندرية في 26 يوليو/تموز 1956 قرار تأميم قناة السويس وتعويض المساهمين وحملة حصص التأسيس عما يملكون من أسهم وحصص بقيمتها، مع التزام الحكومة المصرية بسداد هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.
وفي العام 2015 افتتحت السلطات المصرية قناة السويس الجديدة والتي هدفت لتوسيع المجرى الملاحي وتقليل زمن العبور واستيعاب أكبر عدد ممكن من السفن، وتوسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى بطول إجمالي 37 كيلومترا وإجمالا أطوال المشروع 72 كيلومترا.
وحتى قبل تولّيه منصبه في 20 كانون الثاني/يناير، صعّد ترامب الضغط على بنما، متوعّدا بـ"استعادة" القناة التي بنتها الولايات المتحدة والتي افتُتحت عام 1914 وظلت تحت السيادة الأميركية حتى عام 1999.
والولايات المتحدة والصين هما المستخدمتان الرئيسيّتان للقناة التي تمر عبرها 5 بالمئة من التجارة البحرية العالمية. وفي بداية نيسان/أبريل، حصلت واشنطن على إذن من بنما لنشر قوات عسكرية أميركية في محيط هذا الممر المائي الاستراتيجي.