رسائل تحدي من قيس سعيد إلى خصومه في شارع بورقيبة عشية مظاهراتهم

الرئيس التونسي يؤكد أن لا عودة إلى الوراء وأن الكلمة النهائية تعود إلى الشعب خلال جولة وسط العاصمة وداخل المدينة العتيقة مرورا بمقر لجنة الصلح الجزائي.

تونس – بعث الرئيس التونسي قيس سعيد برسائل إلى معارضيه الذين يزمعون الخروج السبت للتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة، لإحياء ذكرى سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011، بقيامه بجولة في نفس الشارع الجمعة التحم خلالها بالموطنين تتضمن عبارات تحد بأن "لا عودة إلى الوراء" وأن تطهير البلاد من الخونة والعملاء جار على قدم وساق.

وكشفت جولة الرئيس التونسي في شارع الحبيب بورقيبة، حسب مراقبين، عن أنه لم يفقد شعبيته، وأن الشارع يصطف إلى جانبه ويساند مسار 25 يوليو 2021، حيث تجمع حوله الآلاف من المواطنين وساروا خلفه حتى داخل المدينة العتيقة بالعاصمة.  

وقال سعيد أثناء جولته بأنه "لا مكان للخونة والعملاء في تونس"، وأضاف أنه "لا يخشى أي شيء سوى الله".

وفي ما يتعلق بالاحتجاجات المزمعة، كرر الرئيس التونسي مقولته السابقة بأن 14 يناير -تاريخ سقوط نظام زين العابدين بن علي ومغادرته تونس- ليس ذكرى الثورة، بل يوم 17 ديسمبر، بوصفه تاريخا لبدء الاحتجاجات التي أفضت لسقوط النظام.

وتعتزم حركة النهضة وعدد من الأحزاب المعارضة لمسار 25 يوليو 2021، تنظيم مظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة اليوم السبت، حسب دعوات التظاهر من أجل استعادة الحكم في ذكرى سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وللتعبير عن رفض مشروع الرئيس قيس سعيّد، والتنديد بالقرارات الأخيرة بإحالة عدد من قياداتها البارزة إلى القضاء للتحقيق معها في تهم تتعلق بتبييض الأموال والتسفير إلى بؤر التوتر والـتآمر على أمن الدولة.

وأجرى الرئيس التونسي خلال جولته، حديثا مع عدد من المواطنين والمواطنات، الذين تجمعوا حوله، مؤكدا لهم "ضرورة تطهير الدولة ومؤسساتها ممن يسعون إلى ضربها من الداخل ويعملون بكل الطرق على افتعال الأزمات، لأن طريقهم لتأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هو المس بالسلم الأهلية عبر احتكار السلع والبضائع وسحبها من الأسواق".

وزار الرئيس التونسي، أيضا، المدينة العتيقة بتونس العاصمة وتحدث إلى عدد من تجار الصناعات التقليدية وأنصت إلى الصعوبات والمشاكل التي تعترضهم، ثم تحول إلى جامع الزيتونة المعمور أين أدى صلاتي الجمعة والعصر وتحادث مع عدد من المواطنين واستمع إلى مشاغلهم.

كما أدى الرئيس التونسي زيارة إلى مقر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي في العاصمة تونس، وفقا لبيان من الرئاسة التونسية.

وأكد الرئيس سعيد في مقطع مصور نشره الحساب الرسمي للرئاسة التونسية على فيسبوك ضرورة انطلاق عمل اللجنة في أقرب وقت والشروع في استرجاع أموال الشعب التونسي، وأضاف "نحن في سباق ضد الساعة لتصحيح مسار التاريخ".

وتعهّد بتجاوز العقبات التي تَحُول دون انطلاق نشاط اللجنة، وقال إنه سيتم توفير كل الموارد اللوجستية والبشرية.

وأشار إلى "نحن في حالة حرب ضد الفساد والخونة والعملاء، ولا بد أن نعمل على تحقيق إرادة الشعب في استرجاع أمواله المنهوبة".

وأوضح أن "جزءا من هذه الأموال المنهوبة سيتم توجيهه إلى الشركات الأهلية، بالإضافة إلى تمويل استثمارات في الجهات التي تم ترتيبها من الأكثر إلى الأقل فقرا".

وشدد الرئيس التونسي، كذلك، على أنه لا رجوع إلى الوراء وعلى أن الكلمة النهائية تعود إلى الشعب.

وسعت كل الحكومات التونسية المتعاقبة على الحكم بعد الثورة إلى استعادة الأموال المنهوبة والتي ينتمي غالبية المتورطين فيها إلى عائلة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ورجال الأعمال، غير أنها لم تحقق أي تقدم في هذا الملف.

وتستعد حركة النهضة للنزول السبت بكثافة، لوضع حد لما وصفته بـ"مسار الانقلاب" الذي "استحوذ على السُلط، ودمر الاقتصاد، ونكل بالحياة اليومية للشعب، وحولها إلى معاناة حقيقية".

بينما اعتبرت جبهة الخلاص الوطني (الواجهة السياسية لحركة النهضة) والحزب الدستوري الحر أن هناك تضييقا من السلطات على احتجاجهم السلمي المدني.

وتعول حركة النهضة على الإقبال الكثيف لمناصريها في هذه المظاهرات لإسقاط نظام قيس سعيد، بعد أن فشلت منذ 25 يوليو 2021 في إقناع الشارع التونسي وحشده، رغم الدعوة إليها من قبل معظم قادتها، إلا المشاركة كانت محدودة للغاية.

وقال الناشط السياسي رضا شهاب المكي (المعروف برضا لينين) في تعليق على التظاهرات الاحتجاجية التي من المنتظر أن يشهدها اليوم السبت شارع الحبيب بورقيبة في تصريح لإذاعة "ديوان" المحلية إن "القانون التونسي يسمح بالتظاهر وحرية التعبير ولكن لا يمكن لـ50 شخصا ان يسقطوا رئيس الجمهورية"

وكان المكي ترأس الحملة الانتخابية للرئيس التونسي في 2019، ورافقه خلال جولته ظهر الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة والمدينة العتيقة وسط العاصمة التونسية.

ويرى مراقبون أنّ حركة النهضة فقدت ثقة التونسيين بها، كما أن تأثيرها أصبح محدودا، حيث يحملها الكثير من التونسيين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد خلال العشر سنوات الماضية التي وصفها خبراء ومحللون بـ"العشرية السوداء"

ووصف رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، دعوات حركة النهضة للتظاهر السبت في شارع الحبيب بورقيبة، بـ"اللاسلمية"، باعتبارها دعوات تهدف لإدخال البلاد في الفوضى والحرب الأهلية والتحارب.

وحذر الناصري في تصريحات إعلامية من الانجرار وراء هذه الدعوات لمنع أي فوضى يمكن أن تبث في الشارع، خاصة أن اليوم السبت سيكون يوم احتفالات كبيرة.

وأكد ضرورة ضبط النفس من طرف قوات الأمن التونسية، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات التي ستعمل على إحداثها حركة النهضة يوم غد.

وقال الناصري إن قيادات حركة النهضة تعتبر "الإطاحة برئيس الجمهورية فرض عين وجهاد".

وأفادت وزارة الدّاخليّة التونسية بأن السلطات المحلية وافقت على عدد من طلبات الترخيص في تنظيم مظاهرات سلميّة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة السبت.

كما نبهت الوزارة في بيانها إلى "عدم الانسياق وراء بعض الخطابات التحريضيّة العنيفة التي تمّ تداولها مؤخرا والدّاعية إلى عدم الالتزام بمضامين التراخيص وتجاوزها إلى الاعتصام بالشارع والخروج عن المسالك المرخص فيها وافتعال المواجهات مع قوّات الأمن المُكلفة بتأمين المظاهرات السلمية والزجّ بكبار السن والأطفال فيها".

وفي أحدث استطلاع رأي، أعرب 67 بالمئة من التونسيين عن ثقتهم في الرئيس قيس سعيّد، حين تصدّر لائحة الشخصيات السياسية الموثوق بها، فيما واصل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي تصدر لائحة الشخصيات السياسية التي تنعدم كلياً ثقة التونسيين فيها.

وكشف الاستطلاع الذي أجرته شركة "سيغما" لأبحاث الرأي أنّ 89 بالمئة لا يثقون في الغنوشي إطلاقاً، كذلك، حلّ القيادي بالنهضة علي العريض ثالثاً في ترتيب الشخصيات التي لا يثق فيها التونسيون بنسبة 80 بالمئة، يليه النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف بـ78بالمئة، ثم الرئيس السابق المنصف المرزوقي بـ76بالمئة.