رشيدة كرعان: علاقتي بالمسرح تمتد في الزمان والمكان

على الرغم من اشتغال كرعان بالسينما والدراما التلفزيونية وتدريسها للموسيقى بالمعهد الموسيقي بأكادير، إلا أنها تعد ابنة المسرح بامتياز.
هناك مشتركات في الرؤى والأفكار بين كرعان وزوجها المؤلف والمخرج المسرحي إبراهيم ارويبعة
فرقة بصمات الفن أنتجت الفرقة 11 عملا مسرحيا احترافيا مدعما من طرف وزارة الثقافة المغربية

تتمتع الممثلة المغربية رشيدة كرعان، أو رشيدة بصمات، نسبة إلى فرقة "بصمات الفن المسرحية"، بحضور طاغ وفريد على خشبة المسرح، فعلى الرغم من اشتغالها بالسينما والدراما التلفزيونية وتدريسها للموسيقى بالمعهد الموسيقي بأكادير، إلا أنها تعد ابنة المسرح بامتياز، وترى أنه تربطه بها علاقة عشق، هذه العلاقة التي بدأت أطوارها منذ الثمانينيات بمسقط رأسها بالدار البيضاء، بعدها تنتقل إلى مدينة الجديدة، وهي مستمرة في عشقها وحبها للمسرح، لتشد الرحال إلى مدينة أكادير حيث كان الاستقرار. 
وهنا ستكون لها تجربة أخرى مع المخرج المسرحي إبراهيم ارويبعة. وموعد آخر مع جمهور عريض، سواء داخل المغرب أو خارجه، قدمت 11 عرضا مسرحيا حظيت باحتفاء واسع ونالت العديد من الجوائز منها العربية ومنها الدولية. من بينها "أنا وجولييت"، "تقاطعات"، "باب البحر"، "ليلة صعلوك"، "اسمع يا عبدالسميع"، "أيام التبوريدة"، "عرس الديب"، ومونودرام "راوية نار"، و"طاح راح"، "بورتري". ومن أفلامها فيلم "فنيدة"، و"BELLEVILLE TOUR" و"المجروح"، "le comptable"، و"Agadir Bombay"، ومن المسلسلات التي شاركت فيها "الغريب".
تقول رشيدة عن تأسيس "فرقة بصمات الفن": ﺑﻌد اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﺟﺎرب اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺧراج واﻟﺗﻣﺛﯾل داﺧل ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم واﻵداب اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺄﻛﺎدﯾر، وﻛذﻟك اﻻﺷﺗﻐﺎل ﻣﻊ ﻣﺧرﺟﯾن ﻣﻐﺎرﺑﺔ وأﺟﺎﻧب ﻓﻲ أﻋﻣﺎل ﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻗدﻣت ﺑﺎﻟﻘﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﻋدة ﻣدن ﻣﻐرﺑﯾﺔ، وﻛذاك ﺑﺑﻌض اﻟدول اﻷوروﺑﯾﺔ، ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺧﻠق ﻓﺿﺎء وﻣﺧﺗﺑر ﻗﺻد اﻟﺗﺟرﯾب واﻟﺑﺣث ﻓﻲ آﻟﯾﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺳرﺣﻲ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔﻧﺎﻧﯾن، ﻣﻣﺛﻠﯾن، ﺳﯾﻧوﻏراف، ﻣﺧرﺟﯾن.. ﻣن ھﻧﺎ ﺗﺑﻠورت ﻓﻛرة ﺗﺄﺳﯾس ﻓرﻗﺔ ﺑﺻﻣﺎت اﻟﻔن بالتعاون بيني وبين ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﻟف واﻟﻣﺧرج إﺑراھﯾم اروﯾﺑﻌﺔ ﻟﺗﻧطﻠق اﻟﺗﺟرﺑﺔ في 25 يناير/كانون الثاني 2002 بمدينة أكادير، وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﻔرغ اﻟﻛﺎﻣل ﻟﻠﺗدرﯾب واﻟﺑﺣث ﻓﻲ آﻓﺎق إﻧﺗﺎج ﻋﻣل ﻣﺳرﺣﻲ، وﺑﻌد أشهر ﻣن اﻟﻌﻣل ﺗم إﻧﺗﺎج أول ﻋﻣل ﻣﺳرﺣﻲ ﻟلفرقة، "ﻣﺳرﺣﯾﺔ اﻧﻛﺳﺎر"، واﻟﺗﻲ دﻋم إنتاجها ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣن طرفي وطرف اﻟﻣﺧرج إﺑراھﯾم اروﯾﺑﻌﺔ. 

Moroccan theater
اسمع يا عبدالسميع

وتلفت إلى أنها اشتغلت بالمعهد الموسيقي بمدينة أكادير ومدينة تزنيت لمدة 14 سنة كأستاذة لمادة الصولفيج وآلة البيانو وهي معاهد موسيقية تابعة لوزارة الثقافة المغربية. وبالنسبة لميولي للموسيقى، فهو ينبني بالدرجة الأولى على التلقين والتدريس ونشر ثقافة موسيقية بين الشباب. أما بالنسبة للتصميم الموسيقي للأعمال المسرحية بفرقة بصمات الفن، فهو لا يشغلني كثيرا لكن أساهم في تطوير التصور الموسيقي بجانب المخرج والمؤلف الموسيقي.
وتشير رشيدة إلى أن الفرقة تشتغل في كل عمل مسرحي بطاقم فني وتقني يمكن أن يكون مغايرا، معتمدة على طبيعة العمل المسرحي وما يفرضه التصور الإخراجي سواء بالنسبة للممثلين أو باقي الفريق مع الاعتماد على بعض الأطر القارة في الفرقة كالفنان إبراهيم غليل، عبدالواحد أمزيلن، إبراهيم ارويبعة. 
وترى أن هناك مشتركات في الرؤى والأفكار بينها وبين زوجها المؤلف والمخرج المسرحي إبراهيم ارويبعة، وتضيف: نتقاسم العديد من الأفكار والتوجهات الفنية والجمالية، نحمل نفس الهم الإبداعي لكن أحيانا من زوايا مختلفة، ففي فرقة بصمات الفن ومنذ بدايتها، نحاول دائما أن نطورها بالحوار والإنصات وتبادل الأفكار. هذا من الجانب الفكري العام للفرقة، أما بالنسبة لإنتاج أي عمل مسرحي أو مشروع فني، فنحن نشتغل بشكل تكاملي واحترافي كل واحد منا يقوم بعمله.
وتوضح رشيدة أنه منذ تأسيس فرقة بصمات الفن سنة 2002 إلى اليوم 2020 أنتجت الفرقة 11 عملا مسرحيا احترافيا مدعما من طرف وزارة الثقافة المغربية. من بينها "أنا وجولييت"، "تقاطعات"، "باب البحر"، " ليلة صعلوك"، و"عبث". وهذه المسرحيات شاركت في عدة مهرجانات أبرزها مهرجان الهيئة العربية بالقاهرة بالمسابقة الرسمية، ومهرجان قرطاج المسابقة الرسمية. كما حصلت على العديد من الجوائز.
وتقول: نشتغل في أعمال الفرقة على مواضيع مختلفة ذات بعد فكري ودلالي تنتصر للإنسان والجمال، كل عمل مسرحي له تيمته الخاصة مرتكزين على الممثل وكيفية الاشتغال معه من أجل تسخير جميع إمكانياته الفكرية والجسدية حتى يسمو ويترجم الأفكار إلى أفعال. بالإضافة الى التركيز على الفضاء المسرحي بجميع مكوناته من أجل خلق صور دلالية وجمالية في العمل المسرحي تساهم في إيصال المعنى للمتلقي، وتلائم همومه في العصر الحالي  وذلك من خلال المعمل المختبري. 
وتؤكد رشيدة على أن المسرح المغربي يعرف تطورا كبيرا وذلك من خلال الاهتمام الجدي والمسؤول لوزارة الثقافة المغربية، من خلال بناء مجموعة من المراكز الثقافية التي أصبحت تغطي حتى المدن الصغيرة والهامشية، بالإضافة الى دعم أبو الفنون. هناك أيضا ترسيم قانون الفنان وقوانين أخرى، تهيكل وتؤسس للممارسة المسرحية بالإضافة إلى التكوين والتأطير الأكاديمي بالمعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي وببعض الجامعات. كل هذا بالطبع لعب دورا كبيرا في تأهيل الإبداع المسرحي وإغناء الفرجة المسرحية المغربية بالتنوع، لا من حيث القضايا والتيمات المطروحة أو من حيث التصور الفكري والجمالي. وبالتالي أصبح التعدد في التجارب المسرحية يغني الساحة الفنية ويساهم في استقطاب جمهور واسع ومتعدد. كما أصبح المسرح المغربي ومن خلال عدة تجارب متألقا عربيا ودوليا في عدة تظاهرات ومهرجانات مسرحية، يجمع من حوله عدة نقاد ومنظرين، جعلوا من المادة المسرحية المغربية أرضا خصبة للدراسة والتحليل من أجل مسرح عربي جديد ومتجدد. 
وتضيف أن "المغرب العربي اليوم يعرف عدة تحديات اقتصادية، اجتماعية وسياسية، وبدون شك فالمسرح بدوره يعيش داخل هاته التحديات، منخرطا في البحث والتجديد من أجل إرساء ممارسة مسرحية مبنية على فكر فلسفي وجمالي ومن أجل الوصول إلى طرق جديدة وبديلة تكون أكثر اتصالا مع الجمهور والواقع. وبالتالي يبقى التجريب في المسرح عند بعض المسرحيين هو المختبر القادر على تفكيك الأفكار وصياغتها من جديد فوق خشبة المسرح. فهاته الحساسيات المعاصرة أعطت عدة تجارب مسرحية بالمغرب الكبير استطاعت أن تجد لها جمهورا وازنا والعديد من المنظرين والنقاد يسايرون ويتابعون هاته التجارب التي أصبحت تغني الساحة الفنية. 

وحول علاقتها بالسينما والتليفزيون وتأثيرهما على علاقتها وعملها بالمسرح، تؤكد رشيدة: علاقتي بالمسرح، هي علاقة جد وطيدة، تمتد في الزمان والمكان. المسرح يمنحني عدة مساحات للاشتغال والتعبير. في المسرح يمكنني أن أحكي كل شيء وعن كل شيء، هو يمنحني الالتقاء المباشر مع الإنسان من أجل خلق لحظة فريدة ومتميزة، لحظة مليئة بالأحاسيس الصادقة تساهم في الإرتقاء بالبشر. 
أما بالنسبة للسنيما فعلاقتي بها تبقى جد محدودة من خلال مشاركتي في أفلام مغربية ودولية بالإضافة إلى بعض الأفلام التلفازية. لتبقى هاته المشاركة مهمة في تجربتي الفنية والعملية كممثلة، بدون أن يكون لها أي تأثير في التزاماتي الأولى بالمسرح والتي هي من الأولويات.