رغبة شباب تركيا في التغيير تحدد مسار الانتخابات التركية

الرئيس التركي المنتهية ولايته والطامح لولاية رئاسية جديدة يكابد في استقطاب جيل من الناخبين الجدد يمثلون خزانا انتخابيا وازنا يتوق بشدة للتخلص من صورة نمطية لزعيم لم يعرفوا غيره يُهيمن على السلطة منذ عقدين.

باريس - يتوق جيل من الشباب في تركيا وهم خزان انتخابي مهم قد يحدد مسار التغيير في تركيا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إلى التخلص من صورة نمطية للرئيس في بلادهم وهم جيل لم يعرف أحدا غير رجب طيب أردوغان في هذا المنصب أو في السلطة التي يهيمن عليها حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ منذ نحو عقدين. وتختلف أراء الناخبين من الشباب حول تجديد الثقة في أردوغان أو التصويت ضده.

وقد سلطت الصحف الفرنسية الضوء على الانتخابات التركية مع استعداد ملايين الأتراك للتوجه يوم الأحد إلى صناديق الاقتراع في مناخ يبدو شديد الضبابية على ضوء توقيت الاستحقاق الانتخابي الذي يأتي في ظل أزمة اقتصادية وتداعيات زلزال 6 فبراير، في وضع يبدو عموما غير مريح لمرشح تحالف الشعب الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان.

وتقول صحيفة 'لاكروا' الفرنسية في تقرير لأغنياس روتيفال، إن هناك رغبة لدى فئة الشباب في تركيا في التغيير وفي التصويت لوجه جديدن بينما يتطلع هذا الجيل الذي لم يعرف سوى أردوغان في السلطة، إلى شخصية جديدة تلبي تطلعاته.

وقالت كاتبة التقرير إن "الأتراك الذين ولدوا مطلع القرن الحادي والعشرين لم يعرفوا سوى رجب طيب أردوغان في السلطة وهذا الجيل قد يصوت لوجه جديد في الانتخابات المقبلة".

ونقلت عن شاب جامعي يدعى إسماعيل قوله إنه متردد لمن سيمنح صوته في هذه الانتخابات، لكنه يرى في المقابل أن الأتراك بحاجة إلى التغيير وفي الوقت ذاته يعتبر أن مرشح تحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو (68 عاما) منافس أردوغان "ليس رجلا سياسيا جديدا، لقد مارس السياسة لمدة ثلاثة عشر عاما على الأقل".

وبعيدا عن تقرير 'لاكروا' يسود اعتقاد في تركيا أن جيل الشباب الذي لا يعرف غير أردوغان رئيسا وعايش لفترة حملة قمع دموية للمعارضة وللحريات، يميل للتغيير والتخلص من شخصية لن تلبي طموحه.

وفي المقابل يكابد الرئيس التركي المنتهية ولايته لاستقطاب هذا الخزان الانتخابي الذي يعتبر صوته حاسما في تحديد مسار نتائج الانتخابات، لكنه يبدو مثقلا بأزمات شديدة وغياب لسنوات عن تطلعات شباب تركيا.

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن ميرت الشاب العشريني قوله في نظرة مخالفة لغيره من الشباب، إن أردوغان "هو من جلب الرخاء لتركيا وعمل على ضمان أمنها واستقلالها العسكري وبفضله تركيا اليوم دولة تتمتع بأهمية ومكانة إقليمية وجيوسياسية".

وهذا رأي من بين آلاف الآراء المختلفة بين شباب تركيا حول أردوغان، إلا أن الغالبية تقودها رغبة في التغيير بغض النظر عما قدمه الرئيس المنتهية ولايته لجيل القرن الحادي والعشرين.

وفي تقرير آخر تتساءل صحيفة لوموند الفرنسية: لماذا يعتبر الاقتصاد قضية رئيسية في الانتخابات الرئاسية التركية؟

وتشير ماري جيغو في مقال من توقيعها إلى ما وصفته بـ"السياسة النقدية العبثية للرئيس التركي الذي خفض أسعار الفوائد تسع مرات ما أدى إلى ارتفاع التضخم وإضعاف الليرة التركية".

واعتبرت أن بقاء أردوغان في السلطة، يهدد وضع الليرة المتأزم أصلا، مرجحة أن تشهد العملة الوطنية التركية انخفاضا حادا في قيمتها وفق تقديرات الخبراء.

وترى كاتبة المقال أنه حال تم انتخاب كمال كيليشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف من ستة أحزاب معارضة، "من الممكن استعادة ثقة المستثمرين والعودة إلى السياسة النقدية المعمول بها دوليا".

وتعكس هذه الرؤية، توجها عاما لدى الدول الغربية التي وان لم تفصح عن رأيه علنا، فإنها تميل إلى دعم كليتشدار أوغلو الذي يبدي مواقف قريبة من الغرب ولا يعتبر شخصية صدامية.

ومن بين داعمي زعيم حزب الشعب الجمهوري في تحالف الأمة أحمد داود أوغلو المنشق عن حزب العدالة والتنمية والذي شغل في السابق منصب رئيس الوزراء ويعرف بمواقف متوازنة في العلاقة مع الشركاء الغربيين.

وقد يتولى داود أوغلو منصبا في حكومة كليتشدار أوغلو في حال فوز الأخير في الرئاسة وفي حال فوز المعارضة عموما في الانتخابات التشريعية.

وتسعى دول غربية للقطع مع ارث أردوغان خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان وملفات التدخل التركي الخارجي في ليبيا وسوريا وإقليم قره باغ وغيرها من المناطق.