رفض شعبي متصاعد للتواجد التركي شمال سوريا

حشود غاضبة ترشق رتلا يضم قوات تركية وروسية بالحجارة قرب مدينة كوباني تزامنا مع انطلاق ثاني دورية مشتركة.

دمشق - بدأت قوات تركية وروسية الثلاثاء ثاني دورية مشتركة في شمال سوريا قرب مدينة كوباني بموجب اتفاق أرغم جماعة كردية مسلحة على الانسحاب من منطقة الحدود مع تركيا، وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية حشودا غاضبة ترشق رتلا بالحجارة.
وكانت تركيا وحلفاؤها من المعارضة السورية المسلحة قد نفذوا قبل نحو شهر توغلا يستهدف مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية وسيطروا على شريط يمتد 120 كيلومترا على الحدود. ووافقت موسكو وأنقرة في اتفاق لاحق على دفع وحدات حماية الشعب إلى مسافة تبعد 30 كيلومترا على الأقل جنوبي الحدود وعلى القيام بدوريات مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاق.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إن وحدات حماية الشعب لم تنسحب من تلك "المنطقة الآمنة" المزمعة في شمال شرق سوريا على الرغم من اتفاقات تركيا مع كل من روسيا والولايات المتحدة.
ودورية يوم الثلاثاء كانت على بعد نحو سبعة كلومترات إلى الشرق من مدينة كوباني الحدودية التي تحمل دلالة خاصة لوحدات حماية الشعب التي صدت مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية عند محاولتهم السيطرة عليها عامي 2014 و2015 في أحد أشرس معارك الحرب السورية.

وقال شاهد إن مركبات مدرعة دخلت عبر فجوة في الجدار الحدودي إلى الجانب السوري واتجهت شرقا. وذكرت مصادر أمنية أن الدورية ستغطي مسافة 72 كيلومترا بعمق خمسة كيلومترات من الحدود.
وأظهرت تغطية من وكالة نورث برس المحلية حشودا قرب كوباني ترشق المدرعات التركية والروسية في الدورية بالحجارة من طريق سريع وهي تردد الهتافات.
وتمكن عشرات من إيقاف مدرعتين روسيتين وتسلق بعضهم مركبة منهما تحمل شعار الشرطة العسكرية الروسية حسبما أظهر تسجيل مصور بثته وكالة أنباء هاوار المحلية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الثلاثاء إنه لم تقع حوادث خلال مهمة الدورية.
ونشرت وزارة الدفاع التركية صورا على تويتر تظهر جنودا أتراكا وروسا مجتمعين عند الحدود ويدرسون الخرائط قبل انطلاق الدورية. وقالت إن طائرات مسيرة تشارك فيها أيضا.
وروسيا هي أقوى حليف للحكومة السورية، وساعدتها منذ عام 2015 في انتزاع السيطرة على معظم أراضي البلاد من المعارضة المسلحة مما عكس دفة اتجاه الحرب. وأتاح الاتفاق التركي الروسي لقوات الحكومة السورية العودة إلى مناطق حدودية غابت عنها لسنوات.
ووصلت الشرطة العسكرية الروسية إلى كوباني في 23 أكتوبر/تشرين الأول بمقتضى اتفاق توصل إليه أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكانت الدورية الأولى انطلقت يوم الجمعة حول بلدة الدرباسية السورية الحدودية إلى الشرق من المنطقة التي أجبرت أنقرة وحلفاؤها وحدات حماية الشعب الكردية على إخلائها.

وقال أردوغان الأسبوع الماضي إن تركيا تعتزم إنشاء "بلدة أو بلدات للاجئين" في "منطقة آمنة" في ذلك الجزء الواقع بين تل أبيض ورأس العين في إطار مشروع ذكر الإعلام الرسمي أنه سيتكلف 151 مليار ليرة (26 مليار دولار).
وشنت أنقرة هجومها على وحدات حماية الشعب الكردية السورية في أعقاب سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قواته البالغ قوامها 1000 جندي بشكل مفاجئ من شمال سوريا في أوائل أكتوبر تشرين الأول.
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا. ويشن حزب العمال الكردستاني تمردا ضد الدولة التركية منذ عام 1984 وهو صراع أودى بحياة نحو 40 ألف شخص.
وتوقع خبراء أن تواجه تركيا التي احتلت أجزاء من شمال شرق سوريا بدعوى حماية حدودها وأمنها القومي، تحديات أمنية كبيرة، مشيرين إلى أن الرئيس التركي الذي كان يبحث عن نصر خارجي يسنده في مواجهة الضغوط والأزمات الداخلية قد يكون حقق هدفه، لكن السؤال الملح في هذا الظرف هو كم سيكون حجم فاتورة هذا التدخل في شمال شرق سوريا على ضوء هجوم انتحاري دموي بسيارة مفخخة في تل أبيض الخاضعة لسيطرة أنقرة.
ويشير الرفض الشعبي للتواجد التركي في شمال سوريا الى إمكانية عودة الاعمال المسلحة في المنطقة مع حديث عن استمرار الفصائل الموالية لأنقرة في ارتكاب جرائم ضد المدنيين الاكراد خاصة فيما يتعلق بالتهجير والتغيير الديمغرافي.