'رقصة سماء' تستعيد رحلة التبريزي على مسرح الحمامات

المسرحية تأخذ عشاق الفن الرابع في رحلة امتزجت فيها الأحداث بين الحاضر والماضي، وذلك ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي.

الحمامات (تونس) - كان عشاق الفن الرابع، الاثنين، على موعد مع سهرة فكرية ممتعة احتضنها مسرح الهواء الطلق بالحمامات، حيث عرضت مسرحية "رقصة سماء" للمخرج طاهر عيسى بن العربي في طرح فلسفي وجودي بنفحات صوفية، لتسافر بالحضور في رحلة امتزجت فيها الأحداث بين الحاضر والماضي.

وعلى خشبة المسرح ذي الشكل الدائري الذي طوعه بن العربي حسب خصوصيات سينوغرافيا العرض، أعادت المسرحية التي تشكلت من ثلاثية الحب والمعرفة والإيمان وهي من إنتاج المسرح الوطني التونسي بالشراكة مع المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف والمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بزغوان، استكشاف الحقائق الإنسانية.

وقال بن العربي الذي قام بتأليف المسرحية وإخراجها في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إن مسرح الهواء الطلق بالحمامات كان فضاء لرحلة شمس الدين التبريزي ولقائه بجلال الدين الروم، لافتا إلى أن العمل مستوحى في جانب هام منه من كتاب "قواعد العشق الأربعون" للمؤلفة أليف شفق، موضحا أنه عمل على "تونسته من خلال قراءة تونسية في محيط تونسي فيستحيل إلى حكاية تستثمر دائرية الفضاء فتبني علاقة بالجمهور حول معان إنسانية يختلط فيها الحب بالغيرة ويختلط فيها الحاضر بالماضي والفلسفي بالواقعي".

و"رقصة سماء" تعد ترجمة للقدرة على إنجاز عمل جماعي يضم نحو 20 فردا بين ممثلين وتقنيين من أجيال مختلفة بينهم منى نورالدين، هاجر حمودة، خالد الزيدي، لزهر الفرحاني، عبدالكريم البناني، شيماء الزعزاع، حمزة الورتتاني، منير الخزري، إيمان المناعي، وآمنة المهبولي.

ونسج طاقم العمل بخبرته ومشاربه مسرحية تروي قصة "هالة" المسجونة في عالم العائلة، فتمضي الأحداث بتعقيدات العلاقة الزوجية لتكتشف حبا جديدا منطلقه رواية أحبت كاتبها حبا لا علاقة له بالبروتوكولات الاجتماعية، فتتناثر الأسئلة بين الحب المطلق الإنساني والسماوي وتمتزج الحكاية بين القرن الحالي والقرن الثالث عشر لتلتقي الشخوص والأزمان في ألم رحلة الميلاد الجديد.

وبالتزامن مع ستينية تأسيس مسرح الحمامات، تعتلي الممثلة منى نورالدين خشبته في دور جديد بشخصية "حلومة" في مسرحية "رقصة سماء"، بعد أن اعتلته أول مرة في افتتاحه سنة 1964 بشخصية "إيميليا" في مسرحية "عطيل" للمخرج الراحل علي بن عياد.

وظهرت الفنانة منى نورالدين في دور الجدة بحكمتها وحلمها، فإذا هي ملاذ لحفيدتها في رحلة الحب التي لا تؤمن بالفوارق الاجتماعية، ثم تنتقل لتبرز من جديد في علاقة بابنتها، فإذا العلاقة أكثر تعقيدا وتكاد تقوم على تجاذب بين الحب والتنافر، لتعود للظهور على خشبة المسرح في دور "كيرا" زوجة جلال الدين الرومي.

وتميزت منى نورالدين كعادتها بسلاسة أدائها، فلا تكاد تصدق أنها تؤدي دورا في عمل مسرحي بل هي جدة تونسية تميزت بحضورها وحركتها وكلماتها وهي في ذات العمل منى نور الدين الفنانة المسرحية التي راكمت سنوات من الخبرة فتقف من جديد بعد ستة عقود على خشبة مسرح الحمامات وتؤدي بالعربية الفصحى دور "كيرا".

ومسرحية "رحلة سماء" التي عرضت ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي، تميزت بمراوحتها بين الواقعي والتاريخي، وتميز الممثلون بالتجوال في أداء شخصيات من تونس اليوم لتروي باللهجة التونسية قصص عائلية وما يميزها من تشعب وتجاذب فتارة هي قصة حب لجيل الإنترنت والديجيتال والصورة، وطورا هي قصة حياة زوجية أصابها الروتين والبرود، لتنتقل في لحظات إلى شخصيات وأحداث تاريخية تروي لقاء جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي وتنغمس بلغة عربية فصحى في فلسفة البحث عن الذات الإلهية وفي نسق الطرق الصوفية.