رمضان تحت الحظر.. فيروس يغير طقوس وشعائر المسلمين

أماكن العبادة في بعض البلدان الأوروبية مثل ألمانيا تستعد لتلاوة القرآن والصلوات وإقامة الخطب عبر الإنترنت، حيث لا تزال المساجد مغلقة على الرغم من رفع بعض القيود التي فرضها تفشي فيروس كورونا.

باريس - سيؤدي البعض في ظل الإغلاق الصلاة في المنزل، أما البعض الآخر فسيواصلون الذهاب إلى المسجد. هكذا سيقضي المسلمون شهر رمضان الذي يبدأ الجمعة على الأرجح بطرق مختلفة في ظل جائحة كورونا المستجد.

وإن كانت العائلات في البلدان العربية محظوظة بعض الشئ لقدرتها على الاجتماع على مائدة الإفطار السخية في ظل الحجر الصحي والإغلاق، فلن يكون بامكانها الذهاب إلى المساجد لصلاة التراويح أو السهر خارج البيوت كما جرت العادة لسنوات حتى وقت متأخر من الليل، أو يسافروا لأداء العمرة أو زيارة الأماكن الإسلامية المقدسة.

في الشرق الأوسط، من السعودية إلى المغرب، مروراً بمصر أو لبنان أو سوريا، حيث فرضت تدابير العزل، تدعم الهيئات الدينية في معظم الأحيان تطبيق القيود الصحية الصارمة.

ويقول مؤذن المسجد الحرام الذي فرغ من مصليه في مكة "لقد انفطر قلبنا".

وبصورة استثنائية هذه السنة، دعت منظمة الصحة العالمية بوضوح إلى "إلغاء التجمعات الاجتماعية والدينية"، بما في ذلك "في الأماكن المرتبطة بالأنشطة والفعاليات الرمضانية، مثل أماكن الترفيه والأسواق والمتاجر".

لكنها أوضحت أن ذلك لا يعفي المسلمين "الأصحاء" من الصيام "كما فعلوا في السنوات السابقة".

أما البحرين فستكون أول دولة خليجية وعربية تتمسك بإقامة الصلوات الأبرز لدى المسلمين في رمضان، في موقف نادر منذ بدء تفشي فيروس كورونا وغلق المساجد، حيث أعلنت وزارة الأوقاف البحرينية، الاثنين، إقامة صلاة تراويح في أحد مساجد العاصمة المنامة لـ"عدد محدود".
وأفادت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أن "وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف رأت فتح مسجد الفاتح لصلاة العشاء والتراويح والقيام في شهر رمضان إظهارا لهذه الشعيرة التي يترقبها جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها".

وقالت إن "الصلاة ستكون وفق ما اتفق عليه بشأن فتح المسجد ذاته لأداء صلاة الجمعة بحضور الخطيب وعدد محدود من المصلين لنقل الخطبة والصلاة عبر أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة، وتحت رقابة الجهات الصحية المختلفة".

وفي 23 مارس/آذار الماضي، قررت البحرين منع صلاة الجماعة والجمعة بالمساجد ضمن تدابير مواجهة فيروس كورونا على غرار أغلب الدول العربية.

ال
 التراويح بالحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة ستستمر لكن دون حضور المصلين

وعادة ما يُخّزن المسلمون المواد الغذائية والحلوى والتمور في الأسابيع والأيام التي تسبق شهر الصوم. لكن أصحاب المتاجر في الأسواق يشكون مر الشكوى هذا العام ويقول بعضهم إن عدد المشترين أقل كثيرا عن العام الماضي فيما بقيت محلات البعض الآخر مغلقة في ظل الحظر.

ومع إعلان بعض البلدان العربية مع بداية هذا الأسبوع تخفيف إجراءات الحظر الوقائي لمواجهة فيروس كورونا، شهدت الأسواق عودة لافتة حيث سمح للناس بالتنقل لشراء مستلزمات رمضان رغم التحذيرات.

وأقرت السلطات في تونس واليمن والأردن والعراق وفلسطين، تقليص ساعات حظر التجوال الجزئي الوقائي المقرر للحد من تفشي الوباء ما سمح للبعض بالتسوق بعد أن تم السماح لبعض القطاعات التجارية بالعمل.

أما إيران، الدولة الأكثر تضررا من الوباء في الشرق الأوسط، قد عادت أسواق العاصمة طهران إلى النشاط كأن شيئا لم يكن، ففي حين فتحت السلطات بعض النشاطات الاقتصادية دعا المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي مواطنيه إلى تجنب التجمعات بدون "إغفال الصلاة".

وبالمثل أوصت مديرية الشؤون الدينية (ديانت) في تركيا بالصوم والصلاة في المنزل. كما تم حظر موائد السحور والإفطار الجماعية في جميع أنحاء البلاد بالإضافة إلى منع السكان بتقديم تبرعات للمسحراتية الذين يجوبون الشوارع لإيقاظ الناس من أجل تناول طعام السحور.

وذكرت وزارة الداخلية التركية اليوم الأربعاء أن التجمعات في الخيام وغيرها من الأماكن ستكون محظورة في تغيير حزين لتقاليد عمرها قرون في مختلف الدول. لكن بلدية أنقرة وإسطنبول تعتزمان توزيق أطباق موائد الإفطار على المحتاجين أو إرسال رزم طعام لهم.

أما بالنسبة إلى الجاليات المسلمة في الغربة فالأمر سيكون حتما صعب فلن لن تجتمع العائلات حول موائد الإفطار العامرة ولن يؤدي الرجال صلاة التراويح في المسجد، ولن يسهروا مع الأصدقاءأو يسافروا للقاء الأهل.

وفي العديد من البلدان الغربية سيصوم الناس "شهر رمضان هذا العام في أجواء خاصة، بعيداً من بعضهم البعض وبعيداً من المساجد"، يقول تولانت بيكا، أحد أعيان الجالية المسلمة الألبانية.

ا
التسوق في الأردن مسموح لكن الأجواء تبقى حزينة

وفي روسيا دعي المسلمون للصلاة في المنزل. وكذلك في كوسوفو وألبانيا حيث أغلبية السكان مسلمون، دعي السكان إلى إقامة الشعائر الدينية في المنزل كما هي الحال في فرنسا والنمسا وألمانيا. ولن يسمح بصلاة الجماعة سواء في بلغاريا أو في البوسنة.

في ألمانيا أيضا، حيث لا تزال المساجد مغلقة على الرغم من الرفع التدريجي للقيود في الأسابيع المقبلة، أعدت أماكن العبادة في برلين "تلاوة القرآن" و"الصلوات" و"الخطب عبر الإنترنت". وسيطبق الأمر نفسه في هولندا التي لا تفرض العزل الكامل، حيث ستبث صلاة رمضان عبر الانترنت.

أما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يستعد السنغال حيث أكثر من 90 بالمئة من السكان مسلمون، لرمضان غير عادي مع حظر صلاة الجماعة وإغلاق المساجد. وبالتالي، سيُحرم السنغاليون من أداء صلاة النافلة بعد الإفطار خارج بيوتهم. هذا عدا عن إلغاء الفعاليات الدينية الكثيرة التي تنظم خلال هذا الشهر.

بالإضافة إلى ذلك، حظرت السلطات السفر بين المدن في حين يشهد رمضان عادة حركة تنقل كثيفة بين المناطق الداخلية للبلاد ودكار.

وحتى لا تتأثر مساعدة الفئات الأكثر حرماناً من جراء تدابير احتواء الوباء، تنظم الجمعيات والسلطات نفسها بشكل مختلف. 

وفي السنغال، لن يقدم الحسن ندور، لاعب كرة القدم السنغالي السابق، وجمعيته موائد إفطار، ولكنهم سيوزعون "وجبات طعام، وأرز وسكر وذرة بيضاء".

ف
فانوس رمضان سضئ شوارع الحارات المصرية حتى في زمن كورونا

وفي مختلف البلدان، تواصل الهيئات الدينية دعواتها التقليدية لفعل الخير والالتزام بالتباعد لحماية أنفسهم رغم صعوبة استعاب كثيرين لهذه الظروف الاستثنائية.

وفي آسيا، حيث يعيش أكثر من مليار مسلم، يصعب فرض وتنفيذ إجراءات السلامة الصحية، وأحياناً يكون للشعائر الدينية الأسبقية على أي اعتبار آخر.

أما في باكستان، فقد أقنع الأئمة السلطات بعدم إغلاق المساجد. وليلة بعد أخرى، سيتجمع الأصدقاء والعائلات حول مائدة الإفطار. لكن الأمر يبدو في غاية الخطورة في البلد الذي سجل اليوم الأربعاء ارتفاعا في عدد الإصابات بالفيروس التاجي المستجد وصل إلى أكثر من 10 آلاف حالة.

كذلك في بنغلادش، ضربت الشخصيات الدينية بتوصيات السلطات الصحية عرض الحائط. ففي حين دعت الحكومة إلى الحد من التجمع داخل المساجد، ردد إمام ينتمي إلى إحدى جمعيات الأئمة الرئيسية في البلاد أن "الإسلام لا يجيز فرض قيود على عدد المصلين".

وفي إندونيسيا حيث يذهب الملايين إلى بلداتهم وقراهم بعد رمضان، حظرت الحكومة السفر خوفًا من ازدياد الإصابات بكوفيد-19 على نحو هائل.