روحاني يرخي الحبل للتهدئة تجنبا للعاصفة

الرئيس الإيراني يعلن عن رغبته في مواصلة الحوار لخفض التوتر مع الولايات المتحدة، مذكرا مع اقتراب موعد الانتخابات بأنه تم انتخابه لخفض التوتر والانفتاح على العالم.
روحاني يقول إن العمل "لمنع الحرب" شغله اليومي
أول جمعة يؤمها خامنئي منذ 2012 على وقع التوترات والاستعداد للانتخابات
تصريحات روحاني توحي بوجود انقسامات شديدة بين الإصلاحيين والمحافظين

طهران - أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني الخميس أنه يعمل "يوميا لمنع الحرب"، فيما تشهد العلاقات بين طهران وواشنطن فترة جديدة من التوتر الشديد.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 21 فبراير/شباط والتي لن تكون سهلة بالنسبة إلى روحاني المعتدل وأنصاره ووسط توتر متنام بين طهران والغرب حول البرنامج النووي الإيراني، أعلن روحاني أيضا أنه يريد مواصلة الحوار مع العالم حول هذه القضية.

وقال إن "الحكومة تعمل يوميا على منع مواجهة عسكرية أو الحرب"، مضيفا "بالنسبة لي، إنه انشغال يومي".

ويأتي ذلك بعدما قصفت طهران في 8 يناير/كانون الثاني قاعدتين في العراق يستخدمهما الجيش الأميركي ردا على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني قبل خمسة أيام من ذلك التاريخ.

وأكد روحاني في خطابه الخميس أن الرد الإيراني الذي تسبب بأضرار مادية كبرى، لكن ليس بوقوع ضحايا بحسب الجيش الأميركي، عزز قوة الردع الإيرانية في مواجهة "تهديدات" الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويبدو أن التوتر بين واشنطن وطهران تراجع بعد مأساة طائرة البوينغ الأوكرانية التي أسقطتها إيران خطأ بعد ساعات من استهدافها القاعدتين في العراق، في الوقت الذي كانت فيه المنظومة الدفاعية الإيرانية مستنفرة خشية رد أميركي.

وأسفر تحطم الطائرة عن مقتل 176 شخصا معظمهم إيرانيون وكنديون. واعتذرت طهران عما حصل لكنها أكدت أن المأساة نجمت عن "التهور الأميركي".

ونبه وزير الخارجية الكندي الخميس إلى أن المجتمع الدولي "ينتظر أجوبة" في شأن إسقاط الطائرة الأوكرانية في إيران، وذلك اثر اجتماع للدول المتضررة التي طالبت طهران بتعويض عائلات الضحايا ومحاكمة المسؤولين عن الكارثة.

وصرح فرنسوا فيليب شامبان للصحافيين بعد اجتماع في لندن مع نظرائه البريطاني والأوكراني والسويدي والأفغاني بأن "العائلات تريد أجوبة والمجتمع الدولي يريد أجوبة. العالم ينتظر أجوبة وسنواصل جهودنا ما دمنا لم نحصل" على تلك الأجوبة.

وفي يونيو/حزيران 2019 بدت الولايات المتحدة وإيران على وشك خوض مواجهة عسكرية بعدما أسقطت طهران طائرة مسيرة أميركية، لكن ترامب أكد يومها أنه تراجع عن الرد في اللحظة الأخيرة.

أزمات متواترة تربك النظام الايراني وتنزع عن خامنئي هالة القداسة
أزمات متواترة تربك النظام الايراني وتنزع عن خامنئي هالة القداسة

ويزداد التوتر بين البلدين منذ انسحاب واشنطن أحادي الجانب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/ايار 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

وأثارت المأساة الجوية غضبا شديدا داخل إيران. وسجلت تظاهرات مناهضة للنظام بين السبت والأربعاء.

وفي محاولة لاستعادة زمام الأمور على الصعيد السياسي، دعا روحاني الأربعاء إلى حوكمة أفضل وإلى المزيد من التعددية.

ودافع الخميس عن سياسة الانفتاح مع العالم التي بدأها منذ انتخابه أول مرة في عام 2013 فيما يواجه انتقادات من المحافظين المتشددين.

وقال إن الحوار بين إيران والعالم "صعب لكنه ممكن"، مضيفا "الناس انتخبونا لخفض التوتر" بين الجمهورية الإسلامية والعالم.

وأدلى بهذه التصريحات عشية خطاب مرتقب للمرشد الإيراني الأعلى اية الله علي خامنئي الذي سيؤم الجمعة المصلين في طهران للمرة الأولى منذ العام 2012 والذي تعرض لانتقادات عنيفة من المتظاهرين الإيرانيين واهتزت 'قداسته' التي كان يتمتع بها منذ توليه منصبه.

وانتقاد المرشد في إيران خط أحمر منذ الثورة الإسلامية في 1979 إلا أن الإيرانيين كسروا حاجز الخوف ووجهوا سهامهم للمؤسسة الدينية الحاكمة والمتسلطة منتقدين خامنئي والحكومة.   

ويكرر المرشد وهو أعلى مرجعية دينية وسياسية في ايران (المؤسسة الدينية هي من يرسم سياسات الدولة وتوجهاتها) أن الغرب ليس أهلا للثقة ويرفض أي حوار مع حكومة ترامب.

وفي عبارة ملتبسة بدا أنها موجهة إلى المحافظين المتشددين، أكد روحاني الخميس أن "التخصيب اليومي" لليورانيوم هو اليوم "أعلى مما كان قبل" اتفاق فيينا.

وردا على انسحاب واشنطن من الاتفاق، تنصلت إيران منذ مايو/ايار من بنود رئيسية فيه لجهة أنشطتها النووية.

والثلاثاء، أعلنت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على اتفاق 2015 أنها أطلقت آلية فض النزاعات التي يلحظها الاتفاق بهدف إجبار طهران على معاودة الوفاء بالتزاماتها.

لكن برلين أكدت الخميس معلومات أوردتها صحيفة واشنطن بوست مفادها أن الولايات المتحدة توعدت سرا بفرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على السيارات الأوروبية لإجبار الأوروبيين على تفعيل آلية فض النزاعات.

واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأوروبيين بالتضحية باتفاق فيينا من أجل الحفاظ على مصالحهم الاقتصادية وبالرضوخ لابتزاز الرئيس الأميركي.

وأفاد الاتحاد الأوروبي بأن ظريف التقى الخميس في فيينا وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل الذي حض إيران على "الحفاظ" على اتفاق فيينا.