روسيا توقع اتفاقيات استثمار تفوق المليار دولار مع الإمارات

بوتين يشيد بسرعة التطور الذي شهدته الإمارات منذ آخر زيارة قام بها من حوالي 12 عاما.
الإمارات تتعاون مع روسيا لشراء وقود نووي روسي
توقيع اتفاقيات شراكة تصل إلى أكثر من 1.3 مليار دولار
تركيز على التعاون في قطاعات الطاقة والفضاء والتكنولوجيا

أبوظبي - هيمنت الشراكات الاقتصادية في عديد المجالات على بداية الزيارة التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات، حيث قدرت قيمة الاتفاقيات التي أبرمت بين البلدين بحولى 1.3 مليار دولار.

ووصل بوتين اليوم الثلاثاء، إلى الإمارات العربية المتحدة ضمن جولة خليجية يسعى من خلالها لجذب الاستثمارات العربية إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، حيث أشرف على إبرام اتفاقات هامة في مجالا الطاقة والسياحة والتكنولوجيا والصحة مع أبوظبي.

وفي تصريحات علنية نادرة في بداية اللقاء مع بوتين، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي "نتطلع إلى تعزيز العلاقات بين الإمارات وروسيا في جميع المجالات التي تخدم الدولتين، (...)، ونرحب ونثمن الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية".

وأثنى بوتين بعد وصوله اليوم الثلاثاء إلى أبوظبي على سرعة التطور الذي شهدته الإمارات منذ آخر زيارة قام بها من حوالي 12 عاما، وتحديدا في العام 2007.

وتمكنت دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971 من تطوير نفسها بحيث أصبحت في السنوات الأخيرة إلى أهم المراكز الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.

ووصل بوتين إلى الإمارات بعد يوم من زيارة مماثلة قام بها إلى السعودية، وتم فيها تتويج التقارب بين موسكو والرياض عبر التوقيع رسميا على ميثاق التعاون بين "أوبك" والدول المنتجة خارج المنظمة، وعلى مذكرات تفاهم واتفاقيات اقتصادية هامة.

ويرافق بوتين أيضا في رحلته إلى السعودية والإمارات وفد هام من وزراء ومسؤولين روس كبار، بينهم رئيس الشيشان رمضان قديروف الذي تربطه علاقات متينة مع الإمارات ويلقى دعما قويا من الرئيس الروسي.

وقال قديروف الاثنين خلال لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنه "متأكد" أنه سيتم تعزيز علاقات روسيا مع "كل العالم الإسلامي".

وتأتي هذه الجولة بينما وصلت العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة. وفي وقت يعاني فيه الاقتصاد الروسي بشدة منذ استهدافه عام 2014 بعقوبات أوروبية وأميركية بسبب دوره في الأزمة الأوكرانية.

وهيمنت اتفاقيات الشراكات الاقتصادية الثنائية في عدد كبير من القطاعات على بداية اجتماع بوتين والشيخ محمد بن زايد بحضور وفدين كبيرين من البلدين، في قصر الوطن الرئاسي.

ومن بين الشراكات التي تم توقيعها اتفاقية امتياز لحقل "غاشا" بين شركة "لوك أويل" وشركة النفط الوطنية في أبوظبي، بالإضافة إلى اتفاقية تعاون أخرى بين الشركتين وصندوق الاستثمار المباشر الروسي​​​.

كما وقعت شركة "غازبروم نفط" الروسية وشركة بترول أبوظبي الوطنية اتفاقية إطار للتعاون الاستراتيجي.

وأبرم صندوق الاستثمار المباشر الروسي اتفاقية مع الصندوق السيادي لدولة الإمارات العربية المتحدة "مبادلة"، للتعاون في تنفيذ المشاريع الوطنية، بما في ذلك وفي مجال الذكاء الاصطناعي.

وتسعى شركات النفط الإماراتية إلى تطوير عملياتها التجارية في إطار مساعيها للاقتداء بشركات النفط العملاقة المنافسة وتعزيز نفوذها في السوق.

وتنتج الإمارات، ثالث أكبر منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بعد السعودية والعراق، نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا. وتعتزم زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020..

وكان سهيل المزروعي وزير الطاقة والصناعة الإماراتي قد كشف عن خارطة تعاون مشترك بين الإمارات وروسيا تشمل العديد من القطاعات الحيوية لاسيما قطاعات الطاقة والصناعة والطاقة النووية السلمية.

وقال المزروعي أن الإمارات تتعاون مع روسيا لشراء وقود نووي روسي في إطار برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية.

وأشار إلى اهتمام الشركات الروسية العاملة في مجال النفط والغاز بالاستثمار في السوق الإماراتي وهو ما سيساهم في نقل التقنيات والتكنولوجيا الروسية إلى الدولة والاستفادة من الفرص الواعد المقدمة من دولة الإمارات في هذا القطاع الحيوي.

وأكد المزروعي على رغبة الشركات الإماراتية في زيادة حجم الاستثمار بقطاع النفط والغاز مستقبلا .

وأشاد وزير الطاقة والصناعة بدور روسيا الكبير في إنجاح الاتفاق بين دول منظمة أوبك وحلفائها في ما يعرف بـ"أوبك+" لكبح الزيادة المفرطة في إنتاج النفط والتي أسهمت في موازنة العرض والطلب وتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمي.

وأكد مستشار الكرملين يوري أوشاكوف للصحافيين قبل أيام من الزيارة أنه "من بين دول الخليج، فإن الإمارات العربية المتحدة هي رائدة التبادل التجاري مع روسيا". وفي عام 2018، بلغت قيمة التبادل بين البلدين 1.7 مليار دولار.

وأكد رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف في بيان أن "روسيا والإمارات لديهما الكثير لتقديمه عبر تبادل التكنولوجيا والاستثمارات".

وأضاف "لدينا شراكات ليس فقط على الأرض بل أيضا في الفضاء"، موضحا أن "إمكانيات التعاون غير محدودة".

الطموحات الإماراتية اتجهت أيضا نحو الفضاء
الطموحات الإماراتية اتجهت أيضا نحو الفضاء 

وكانت روسيا أرسلت في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي أول رائد فضاء إماراتي هزاع المنصوري (35 عاما) إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة استمرت لثمانية أيام. وتم استقباله كبطل في بلاده.

وقبيل اجتماعهما المغلق، التقى بوتين والشيخ محمد بن زايد لوقت قصير مع المنصوري ورائد الفضاء الإماراتي الاحتياطي سلطان النيادي.

وكان ديمتري روغوزين رئيس وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" قال الاثنين أن بلاده "كقوة في مجال الفضاء لديها مهمة فتح الطريق تجاه الفضاء أمام الدول التي ترغب في أن تكون قوى في مجال الفضاء".

وتسعى روسيا إلى تطوير استثماراتها في الإمارات التي أصبحت اليوم مركزا إقليميا للتجارة والسياحة.

ووصل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وروسيا خلال السنوات الخمس الماضية، إلى 51.7 مليار درهم إماراتي  (14.07 مليار دولار أميركي)، بينما بلغ التبادل غير النفطي بين البلدين العام الماضي 12.4 مليار درهم (3.38 مليار دولار) بنمو سنوي وصل إلى 36 بالمئة، حسب مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

وتعمل حالياً في الإمارات أكثر من 3 آلاف شركة روسية إلى جانب 576 علامة تجارية و25 وكالة تجارية روسية مسجلة في الدولة.

ووصل عدد السياح الروس الذين استقبلتهم الإمارات عام 2018 إلى نحو 900 ألف زائر، فيما يصل عدد المواطنين الروس المقيمين في الدولة إلى نحو 40 ألفاً.

وأشاد بوتين بهذا التطور في قطاع السياحة مع الإمارات قائلا إن السياح الروس انفقوا في الإمارات نحو 1.3 مليار دولار وهو رقم قريب من حجم التبادل التجاري بين البلدين.