روسيا وإيران تروجان لطريق بحري بديل لقناة السويس

أزمة جنوح سفينة حاويات ضخمة في قناة السويس التي تسببت في توقف حركة الملاحة والتجارة البحرية تحيي دعوات إيرانية روسية لبديل مائي في منطقتهما يمكن أن يدرّ عليهما إيرادات بمئات مليارات الدولارات سنويا.
الدعوات الروسية الإيرانية تشكل محاولة لضرب الاقتصاد المصري
الأزمة في قناة السويس تنفتح على أكثر من سيناريو وسط خسائر يومية ضخمة
جهود تعويم سفينة الحاويات مستمرة لكن توقيت نهاية الأزمة غير واضح
اللجوء لتفريغ جزئي للسفينة واحد من الخيارات الواردة ضمن جهود إعادة تعويمها
كتلة صخرية أسفل مقدمة السفينة تزيد جهود الإنقاذ تعقيدا

موسكو - استغلت كل من روسيا وإيران أزمة حركة الملاحة في قناة السويس الناجمة عن جنوح سفينة الحاويات إيفرغرين والتي من المتوقع أن تستمر لأسابيع في أسوأ تعطيل للتجارة العالمية عبر هذا الممر المائي الحيوي، للترويج للطريق البحري الشمالي والشمالي-الجنوبي كبديل للقناة المصرية.

واقترح السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي تفعيل خط ملاحي يمر من بلاده، ليكون بديلا عن قناة السويس المعطلة حاليا، بسبب جنوح سفينة الحاويات منذ الثلاثاء الماضي.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) الأحد عن جلالي قوله في تغريدة على حسابه بويتر "في ضوء توقف حركة الملاحة البحرية في قناة السويس.. علينا الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر شمال-جنوب".

ومنذ سنوات، تروج إيران للممر التجاري (شمال-جنوب) الذي يربط بين الهند حتى روسيا مرورا بأراضيها وتقول إنه بديل جيد لقناة السويس المصرية.

وأوضح السفير الإيراني أن الممر الذي يقترحه "يختصر الزمن إضافة إلى اختصار التكاليف حتى 30 بالمئة، مقارنة مع قناة السويس"، مضيفا إنه "خيار أفضل كبديل عن القناة المصرية في مجال الترانزيت".

وتابع "الحادث الأخير، مؤشر على ضرورة البحث عن بديل أقل خطورة من قناة السويس، التي يعبر منها أكثر من مليار طن من السلع سنويا".

وبحسب وسائل إعلام إيرانية وروسية، فإن الخط يبدأ من الهند وصولا إلى ميناء 'جابهار' الواقع جنوب إيران على المحيط الهندي، ثم شحن البضائع برا وصولا إلى ميناء 'بندر إنزلي' شمال إيران على ساحل بحر قزوين.

ويتبع ذلك، نقل السلع بحرا إلى أستراخان جنوب غرب روسيا ومنها إلى شمال روسيا أو إلى دول أوروبا عبر خطوط السكك الحديدية.

والثلاثاء، واجهت سفينة الحاويات (إيفرغرين) طقسا عاصفا أثناء سفرها شمالا في قناة السويس من الصين إلى مدينة روتردام الهولندية، ما أدى إلى جنوحها وسد الممر المائي العالمي الذي يربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر وتعبره أكثر من 10 بالمئة من التجارة البحرية العالمية.

وكان رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع قد أشار أمس السبت إلى وجود فرضية "خطأ فني أو شخصي تسبب في جنوح السفينة وستظهر هذه الأمور مع الانتهاء من التحقيقات الجارية بشأن الحادثة".

وبشأن تبعات جنوح السفينة، قال المسؤول المصري في مؤتمر صحفي إن 321 سفينة عالقة على طرفي القناة شمالا وجنوبا.

وتأتي تصريحات السفير الإيراني لدى روسيا بعد يومين من تصريحات مسؤول روسي رفيع قال فيها إن تعطل الملاحة في قناة السويس يبرز أهمية تطوير الممر البحري عبر القطب الشمالي الذي بات يمكن استخدامه في شكل متزايد بسبب التغير المناخي.

واستثمرت روسيا بكثافة في تطوير الممر البحري الشمالي الذي يسمح للسفن بالوصول إلى الموانئ الآسيوية بمدة أقل بـ15 يوما مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس.

وتخطط موسكو لاستخدام الممر لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق الخارجية، خاصة وأن معظمه بات خاليا من الجليد إلى حد كبير.

وفشلت يوم الجمعة الماضي محاولة لتعويم ناقلة الحاويات البالغ طولها 400 متر، وفق ما أعلنت شركة "برنارد شولته شيبمانجمنت" (بي أس أم) ومقرها سنغافورة التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة.

وقال السفير الروسي المتجول نيكولاي كورتشونوف لوكالة إنترفاكس للأنباء إنّ "الحادث الذي وقع في قناة السويس سيجبر كل شخص على التفكير في الحاجة لتنويع طرق الملاحة البحرية مع تنامي حجم النقل البحري".

وتابع "من الواضح أنه من الضروري التفكير في كيفية إدارة مخاطر النقل بكفاءة وتطوير طرق بديلة لقناة السويس، أولا وقبل كل شيء الممر البحري الشمالي"، مضيفا أنّه "ستتنامى جاذبية الممر البحري الشمالي على المدى القصير والطويل. لا يوجد بديل لها".

والخميس، أعادت روسيا بأسلوب صلف طرح الممر البحري الشمالي "بديلا" عن قناة السويس في مصر.

وتأتي هذه التطورات بينما تواصل فرق الإنقاذ في قناة السويس جهود التكريك والقطر اليوم الأحد لتعويم السفينة الضخمة، لكن مصدران قالا إن الجهود تعقدت بسبب كتلة صخرية أسفل مقدمة السفينة.

وقالت هيئة قناة السويس في بيان إن الكراكات رفعت حتى الآن حوالي 27 ألف متر مكعب من الرمال حتى عمق 18 مترا وإن أعمال التكريك والشد بالقاطرات ستستمر على مدار الساعة وفقا لظروف المد والجزر واتجاه الرياح.

وقال أسامة ربيع رئيس الهيئة لقناة إكسترا نيوز المصرية إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر بالاستعداد لسيناريو تفريغ بعض حمولة السفينة للمساعدة في تعويمها. وتحمل السفينة العملاقة 18300 حاوية.

لكن مصدرا في هيئة قناة السويس قال إن أي عملية لتخفيف حمولة السفينة لن تبدأ قبل غد الاثنين إذ أن فرق الإنقاذ تحاول الاستفادة من ارتفاع المد قبل أن يتراجع، في القيام بمناورة لتعويم السفينة.

وقال ربيع إن 369 سفينة على الأقل تنتظر عبور القناة ومن بينها عشرات الحاويات وسفن البضائع الصب وناقلات الغاز الطبيعي المسال أو غاز البترول المسال.

وأضاف أنه من المحتمل إعطاء السفن المتضررة من تعطل الملاحة في القناة بعض التخفيضات، مرجحا أن التحقيقات ستظهر أن القناة لم تكن مسؤولة عن جنوح السفينة.

ويبحث عمال الإنقاذ التابعون للهيئة وفريق من شركة سميت سالفدج الهولندية مقدار قوة السحب التي يمكنهم استخدامها دون المخاطرة بأضرار على السفينة، وما إذا كانت هناك حاجة لإزالة بعض حاويات إيفر جيفن، إحدى أكبر سفن الحاويات في العالم، باستخدام رافعة حتى يمكن تعويمها.

وحذر خبراء من أن عملية كهذه ستكون معقدة وطويلة، لكن ربيع قال إنه يأمل أن هذا الأمر لن يكون ضروريا لكن إن اتضح أنه ضروري فستطلب مصر مساعدة دولية لتنفيذ تلك الإستراتيجية.

وقال مصدران مطلعان على عملية الإنقاذ إن خزان الصابورة الموجود في مقدمة السفينة تضرر وسيتعين فحص السفينة بمجرد تعويمها.

وقال ربيع للتلفزيون المصري "هناك مؤشرات إيجابية من امبارح وأول امبارح"، مضيفا "الدفة مكنتش بتتحرك، بقت بتتحرك، الرفاص بقى بيشتغل دلوقتي، المقدم مكنش تحتيه ميه بقى تحتيه ميه، إحنا امبارح في انحراف 4 متر تقريبا في المقدم و4 متر في المؤخر".

وقال أحد المسؤولين المشاركين في عملية الإنقاذ إنه رغم ما تم من تكريك حتى الآن، فإنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت السفينة عالقة على رمال ناعمة أو مدمجة أو طين وهو ما سيحدد مدى سهولة تحركها. ومن المتوقع وصول قاطرتين أقوى بحلول غد الاثنين.

وقال ربيع "احنا قاسمين اليوم نصفين، 12 ساعة للكراكات و12 ساعة للقاطرات، لأن مش كل الوقت يصلح للقاطرات علشان المد"، مشيرا إلى أن 14 قاطرة جرى إرسالها.

ويمر نحو 15 بالمئة من حركة الشحن العالمية في قناة السويس وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة لمصر. وأوضح ربيع أن القناة تخسر ما بين 14 و15 مليون دولار من الإيرادات اليومية بعد توقف حركة الملاحة.

وزادت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية إلى المثلين تقريبا بعد جنوح السفينة، وأثر غلق القناة على سلاسل الإمداد العالمية مما يهدد بحدوث تأخيرات باهظة التكلفة للشركات التي تعاني أصلا بسبب قيود كوفيد-19.

وإذا استمر التعطل فإن شركات الشحن قد تقرر تغيير مسار شحناتها لتسلك طريق رأس الرجاء الصالح مما يعني زيادة فترة الرحلات حوالي أسبوعين ودفع تكاليف وقود إضافي.

وقالت هيئة قناة السويس إن بإمكانها تسريع القوافل عبر القناة بمجرد تعويم إيفر جيفن.