رياضة الكباش التقليدية تستعيد جاذبيتها في لبنان

شبان القرى اللبنانية كانوا منذ عقود يلعبون الكباش في إطار تقليد يرفه عنهم خلال السهرات، إضافة إلى أنه يرمز للقوة والرجولة.
لعبة التنافس والمواجهة كفا بكف
القوة ليست حكرا على الرجال، فالنساء أيضا يشاركن في لعبة الكباش

جونية (لبنان) - على شاطئ مدينة جونية شمال بيروت، كفاً بكف، يتواجه حليم الأشقر مع شاب يجلس على الطاولة أمامه فيما يتابع آخرون بحماس المباراة. ما هي إلا ثوان، حتى يقف محتفلاً بفوزه في الكباش وهي رياضة تقليدية تستعيد بعضاً من جاذبيتها في لبنان.
ويقول الشاب صاحب اللحية السوداء الذي انتشرت الأوشام على ذراعيه، على هامش مشاركته في الدورة السنوية الثانية للبطولة التي ينظمها الاتحاد اللبناني للكباش، "لطالما أحببت هذه اللعبة، إنها رمز للقوة بالنسبة لي. ألعبها منذ كنت في المدرسة ثم الجامعة".
تأسس الاتحاد اللبناني للكباش في مارس/أذار العام 2017 لإعادة احياء هذه الرياضة، وقد نجح حتى الآن في جذب أكثر من 750 شاباً وشابة، يشاركون في ندوات وفي مسابقات محلية تتنقل في أرجاء لبنان.
يقول مؤسس ورئيس الاتحاد كريم العندراي لوكالة فرانس برس "ندرب المنتسبين على تقنيات اللعبة بحسب المعايير الدولية، وهدفنا أن نضع لبنان على الخريطة العالمية"، مضيفاً "تتجذر لعبة الكباش في التقاليد اللبنانية، ورثناها عن أجدادنا، ومن واجبنا الحفاظ عليها".

سرعان ما أتت جهود الاتحاد ثمارها، فبعد أشهر قليلة على تأسيسه فاز عضوان فيه بميدالية ذهبية خلال مشاركتهما بمسابقة دولية في إيطاليا.
وينظم الاتحاد حالياً ثاني بطولة على مستوى لبنان، جرت على خمس دورات بحسب المناطق، وقسمت إلى فئتين: للرجال والنساء. وخُصصت دورة سادسة للعسكريين وعناصر قوى الأمن.
وجرت المرحلة الأولى من البطولة والمخصصة لمنطقة جبل لبنان في يوليو/تموز في جونيه. وحاز فيها الأشقر لقب بطل جبل لبنان لوزن دون التسعين كيلوغراماً، ليتأهل بذلك إلى نهائيات البطولة على مستوى البلاد.
وتختتم البطولة الأحد في وسط بيروت.
ويتحدث الأشقر بحماسة عن رياضته المفضلة، ويقول بإصرار "يجب علينا أن نعيد إحياءها بكل قوة لنتمكن من التألق في الخارج كما هو حالنا مع كرة السلة".
يحلم بيار حرب أيضاً بالمشاركة في مسابقات دولية في لعبة قد تنتهي خلال ثوان أو قد تطول دقائق عدة.
ويقول الشاب البالغ 31 عاما "تشكل لعبة الكباش جزءاً من حياتي منذ الطفولة، تحولت مع السنوات إلى هواية من دون أن أمارسها بطريقة مهنية".
لم يحالف الحظ بيار، فخلال اللقاء في جونيه هزمه مشارك يبلغ 14 عاماً فقط.

أنا هنا لأظهر أن النساء أيضاً قادرات على المشاركة في هذه الرياضة، تفاجأ البعض من قراري إلا أني تلقيت دعم أهلي وأصدقائي

 النساء أيضاً
منذ عقود، كان شبان القرى اللبنانية يلعبون الكباش في إطار تقليد يرفه عنهم خلال السهرات. يضاف إلى ذلك أن ألعابا كهذه ترمز إلى القوة و "الرجولة ومن بينها أيضاً على سبيل المثال رفع الحجارة الثقيلة.
لكن اليوم، لم يعد الأمر يقتصر على الرجال بل تشارك نساء أيضاً في بطولة الكباش في لبنان في فئة خاصة بهن.
وتريد أماني أبي خليل (22 عاماً) أن تظهر أن القوة الجسدية ليست حكراً على الرجال.
وتقول خلال مشاركتها في بطولة الكباش في جونية "أنا هنا لأظهر أن النساء أيضاً قادرات على المشاركة في هذه الرياضة"، مضيفة "تفاجأ البعض من قراري إلا أني تلقيت دعم أهلي وأصدقائي".
وأماني هي واحدة من 50 امرأة شاركن في البطولة بكل دوراتها فيما عدد المشاركين الرجال وصل إلى 250ً. وقد اختارت إحداهنّ في جونية أن ترتدي حذاء ذا كعب عال وأن تزين وجهها بمساحيق التجميل. 
ومن على كرسيها، تابعت كلودين عون، رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، مباراة جونية، معتبرة أن "مشاركة النساء في هذه المنافسة بمثابة رسالة مفادها أنهن قادرات على الدخول إلى أي مجال كان في السابق حكراً على الرجال فقط".
وفازت في بطولة جونية تيريزا باسيل التي لم تتخط السادسة عشرة. لم تخف المراهقة فرحتها، وقالت بحماس "القوة ليست حكرا على الرجال، النساء أيضاً يتمتعن بالقوة".