زيارة أردوغان إلى العراق ترسم مسار العلاقات بين البلدين

الزيارة ستشهد توقيع أكثر من عشرين اتفاقية في مجالات الطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم، وعلى وجه الخصوص الأمن.
توقيع اتفاقية بين تركيا والعراق لاعتبار "بي.كي.كي" منظمة إرهابية
أردوغان: المذكرات التي وقعت تمثل نقطة تحول في علاقاتنا مع العراق
توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات

بغداد – وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين إلى بغداد في زيارة رسمية للعراق هي الأولى له منذ أكثر من عقد، وتنظر الحكومة العراقية إليها بأنها ستساهم في تشكيل طبيعة العلاقات ما بين بغداد وأنقرة، وستكون هناك مفاجأة واتفاقات على غاية من الأهمية تتعلق بملفات عدة أبرزها تقاسم المياه وصادرات النفط والأمن الإقليمي.

وصرّح الرئيس التركي بأن زيارته إلى بغداد والاتفاقيات المبرمة على هامشها ستشكل نقطة تحول في العلاقات التركية العراقية. وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في زيارته الرسمية الأولى إلى بغداد منذ 13 عاماً،“اتفاقية الإطار الاستراتيجي للتعاون المشترك التي وقّعناها مع رئيس الوزراء العراقي تشكل خارطة طريق قوية”.

وأكد أردوغان، على ضرورة توطيد العلاقات مع العراق في جميع المجالات، معتبراً أن توقيع اتفاقيات اليوم مع العراق هي صفحة جديدة ومنطلقاً لمستقبل البلدين في حين كشف عن توقيع اتفاقية مع العراق لاعتبار "بي.كي.كي" منظمة إرهابية من أجل مكافحتها والقضاء عليها..

وقال أردوغان، في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد، أن "العراق بلد جار ونحسب له حسابه الاستراتيجي، ونريد أن نكون معهم على تفاهم دائم، وأن الاتفاقيات التي وقنعناها معهم ستكون صفحة جديدة في العلاقات التركية العراقية".

وأضاف أن "العراق بلد جار وتربطنا به قواسم مشتركة عديدة، ولدينا إرادة سياسية لدفع علاقات العراق وتركيا إلى الأمام"، مؤكداً أن "المذكرات التي وقعت تمثل نقطة تحول في علاقاتنا مع العراق". وتابع "سنوفر التنسيق اللازم لضمان تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع العراق بالكامل"، مشيرا إلى أنه ناقش "مع رئيس الوزراء التعاون في ملفي الأمن ومكافحة الإرهاب، ومستعدون لتقديم الدعم إلى الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب".

وبيّن أن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا ارتفع إلى 20 مليار دولار، ومصممون على المشاركة بطريق التنمية لتحقيق التنمية التجارية، وكذلك أنشأنا لجنة تركية عراقية لحل مشكلة المياه على أساس علمي وعقلاني".

وختم بالقول سأزور أربيل بعد بغداد لبحث العلاقات المشتركة، وأشكر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على حسن الضيافة".

وفي وقت سابق من اليوم رعا رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في بغداد، مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات.

وتهدف المذكرة بحسب بيان إلى التعاون المشترك بشأن (مشروع طريق التنمية) الاستراتيجي، وذلك بحضور أعضاء الوفدين التركي والعراقي، من وزراء ومستشارين.

واتفق السوداني وأردوغان على السعي لتفعيل مجلس الأعمال العراقي التركي، وجعله منصة يتبادل الطرفان من خلالها خبراتهما العملية، والمشاركة في تعزيز التعاون وتنمية المشاريع في البلدين والتأكيد على تعزيز الأمن المشترك بين البلدين، وعدم السماح بأن تكون أراضي البلدين منطلقاً للاعتداء بينهما.

كما تم التأكيد على وجود حاجة حقيقية لتأسيس مؤسسات صناعية عراقية – تركية مشتركة داخل العراق، برأس مال مشترك، والعمل على تسهيل إجراءات منح سمات الدخول للمواطنين العراقيين لغرض السياحة والتجارة والاستثمار والعلاج والدراسة.

في حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسم أفضل للمياه، تبدي تركيا دائما امتعاضها إزاء إدارة الموارد المائية من السلطات ومن قطاع الزراعة والري في العراق.

وقال السوداني في تصريحات قبيل الزيارة “العراق وتركيا لديهما تاريخ ونقاط مشتركة ومصالح وفرص، وأيضا أمامهما مشاكل: المياه والأمن سيكونان في مقدمة هذه المواضيع المطروحة” على جدول أعمال الزيارة.

وأضاف خلال ندوة في مركز “المجلس الأطلسي” للأبحاث على هامش زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، “نتناولها كلّها حسبة واحدة. لن نذهب في محور معيّن ونترك الآخر. ولأول مرة نجد أن هناك رغبة حقيقية من كلا البلدين للذهاب إلى الحلول”.

وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين لوكالة فرانس برس “المباحثات ستتمحور حول الاستثمارات والتجارة والملفات الأمنية في التعاون بين البلدين، فضلاً عن إدارة الموارد المائية”.

وتوقّع توقيع مذكرات تفاهم عدّة خلال الزيارة. وكان أردوغان أشار في منتصف نيسان/أبريل الى أنّ “مسألة المياه” ستكون “إحدى أهم النقاط” التي ستبحث خلال الزيارة في ظلّ “الطلبات” التي قدمتها بغداد بهذا الشأن، مؤكدا أن تركيا “ستبذل جهدا لحلّها”.

وكشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي الأحد أن الزيارة ستشهد توقيع أكثر من عشرين اتفاقية “في مجالات الطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم، وعلى وجه الخصوص، الأمن”.

ومن ضمن هذه المبادرات “اتفاق استراتيجي حول ملف المياه”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الحكومية عن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي.

وفيما يتعلّق بالموارد المائية، لطالما انتقد العراق إقدام جارته الشمالية على بناء سدود تسبّبت بانخفاض كبير في منسوب مياه دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضي تركيا، قبل أن يعبرا العراق من أقصاه الى أقصاه.

وفي حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسم أفضل للمياه، تبدي تركيا دائما امتعاضها إزاء إدارة الموارد المائية من السلطات ومن قطاع الزراعة والري في العراق.

ويختلف البلدان كذلك بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان التي كانت تمرّ عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وتوقّفت هذه الصادرات منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.
وبعد ما يقرب من عقد من سعيها للتحكيم الدولي، حصلت الحكومة العراقية على اعتراف بحقها في السيطرة على صادرات النفط، وأمرت أنقرة بدفع 1.5 مليار دولار كتعويض عن نقلها دون موافقة بغداد. واحتجاجا على ذلك، أغلقت أنقرة خط أنابيب التصدير.

بغداد وأنقرة تختلفان بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان التي كانت تمرّ عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية وتوقّفت منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.
 

وبدأت أنقرة في وقت لاحق أعمال الصيانة على خط الأنابيب الذي يساهم بنحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط الخام العالمية. واتفق البلدان على الانتظار حتى اكتمال تقييم صيانة خط الأنابيب لاستئناف التدفقات بينما يواصلان الانخراط في معركة قانونية بشأن قرارات التحكيم.

ويكبّد هذا التوقّف العراق إيرادات من موارده النفطية تتخطّى 14 مليار دولار، وفقاً لرابطة شركات النفط الدولية العاملة في إقليم كردستان (أبيكور).

وأعرب السفير العراقي في أنقرة ماجد اللجماوي عن أمله في “إحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة، وكذلك عملية استئناف تصدير النفط العراقي عبر تركيا”، وفق بيان لوزارة الخارجية العراقية.

وتوقع اللحماوي توقيع “اتفاقية إطار استراتيجي” بين بغداد وأنقرة في “مجالات أمنية واقتصادية وتنموية”، معتبرا أن زيارة أردوغان ستحقّق “قفزة نوعية شاملة في علاقات التعاون بين العراق وتركيا”.

كما يتوقّع أن يتضمن جدول الأعمال مشروع “طريق التنمية” للطرق والسكك الحديد، ومن شأنه أن يربط بحلول عام 2030، دول الخليج بتركيا عبر العراق، عبر شبكة بطول 1200 كيلومتر.

ويمثّل المشروع شراكة من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وكان العراق خلال الربع الأول من السنة الحالية، خامس مستورد للمنتجات التركية من الحبوب والمواد الغذائية والمواد الكيميائية والمعادن وغيرها.

ووصف المحلل السياسي علي البيدر زيارة أردوغان بأنها “بالغة الأهمية”. واعتبر أن “هناك جدية هذه المرة بعدما أدرك الطرفان ضرورة الوصول الى توافقات والوصول الى نوع من التهدئة في هذه المرحلة من أجل تحقيق رغبات وإرادة الحكومتين في ظل التقلبات التي تعيشها المنطقة”.

وستحضر حتما المسألة الشائكة لحزب العمال الكردستاني. فعلى مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة الحزب الذي يقيم أيضا قواعد خلفية في هذه المنطقة.

وتقول تركيا إنها تسعى إلى الحصول على تعاون أكبر من بغداد في حربها ضد حزب العمال الكردستاني، وهو ملف زاد من توتر العلاقات بين البلدين بسبب العمليات العسكرية التركية في شمال العراق، فضلا عن الخلافات حول صادرات النفط وتقاسم إمدادات المياه الشحيحة.

ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم في شمال العراق. ودفع ذلك الحكومة العراقية المركزية الى الاحتجاج مرارا.

وردا على سؤال حول إمكان التعاون مع تركيا في هذه المسألة، استبعد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في لقاء مع قناتي “العربية” و”الحدث” في آذار/مارس القيام “بعمليات مشتركة”. لكنه قال إن أنقرة وبغداد ستعملان على إنشاء “مركز تنسيق استخباراتي مشترك”.

وأكد المستشار علاء الدين أن “الملف الأمني سيكون له وجود مميز خلال هذه الزيارة”، متحدثا عن نوع من التعاون بخصوص “حماية الحدود بين العراق وتركيا لمنع أي هجوم أو تسلّل لجماعات مسلحة عبر الحدود من الجانبين”.

وقال إن هذا الموضوع “سيُناقش، لكن العمل على التفاصيل الدقيقة والإعلان عنها سيأتي لاحقاً”.

 وكشفت الحكومة العراقية، مساء الأحد، عن تفاصيل زيارة الرئيس التركي مشيرة إلى "وجود مفاجأة كبيرة" تتعلق بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم المراد توقيعها في مختلف المجالات.

وقال المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، إن "زيارة الرئيس التركي إلى بغداد هي زيارة تاريخية، وهذه الزيارة ولم تكن موجودة سابقاً على الإطلاق، وهذه ليس محاولة للتضخيم بل هي حقيقية، وزيارة الاثنين سوف تكشف هذا الامر للجميع".

وأضاف العوادي، أن "الزيارة ستشهد توقيع اتفاقيتين، إضافة إلى ما يقارب (25) مذكرة تفاهم، وهذه سوف تنهض بطبيعة العلاقات العراقية – التركية، وهناك مفاجأة كبيرة خلال الزيارة وخاصة بما يتعلق بملف المياه، وتلك الاتفاقات والمذكرات سوف تركز على الأمن والاقتصاد وطريق التنمية".

وأوضح أن "زيارة أردوغان إلى بغداد لها أهمية كبيرة خاصة أنها أول زيارة له منذ 13 عاماً، والزيارة عملت عليها لجان مشتركة مختلفة طيلة السنة الماضية، لأجل ترتيب الأوراق في الملفات الاقتصادية والأمنية وفي مشروع طريق التنمية".

وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن " الاثنين سيكون يوماً مهماً في تشكيل طبيعة العلاقات ما بين بغداد وأنقرة، وستكون هناك مفاجأة واتفاقات موقعة هي الأولى من نوعها بين البلدين".

وكانت مصادر مطلعة، ذكرت بأن أردوغان، سيوقع نحو 37 مذكرة تفاهم متعددة الجوانب، أهمها المذكرة الإطارية الإستراتيجية للتعاون بين البلدين، والتي تتفرع منها خمس لجان، كالاتي: الأمنية، المياه، الاقتصادية، الطاقة، النقل.