زيارة سعيد للصين تطلق آمالا اقتصادية رغم التحديات

خبراء اقتصاديون يحذرون من التفريط في العلاقات التاريخية التونسية مع الغرب.
خبراء يقللون من الأهمية الاقتصادية لزيارة قيس سعيد للصين
خبراء يدعمون تنويع الاقتصاد دون تعويض المصالح مع أوروبا

تونس - أثارت زيارة الرئيس الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الصين في الفترة بين 28 مايو/أيار الماضي ومطلع يونيو/حزيران المقبل، جدلا حول العلاقات بين البلدين وآفاقها الاقتصادية.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه خبراء اقتصاديون أن نتائج الزيارة "غير مجدية كثيرا"، اشترط آخرون أن تكون المباحثات الاقتصادية بين تونس والصين شاملة ولا تقتصر على المبادلات التجارية. وفي حين اعتبر مقربون من الرئيس قيس سعيد أن آفاق الزيارة الرئاسية "واعدة جدا".
وشارك الرئيس التونسي، في منتدى التعاون العربي الصيني، الذي انعقد بالعاصمة بكين في نهاية مايو/أيار الماضي.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة نابل آرام بلحاج، إن نتائج الاجتماع كانت "ضعيفة ودون التوقعات، لأنها لم تتعمق في مسائل ملحة مثل العجز التجاري التونسي مع الصين والاندماج في مجموعة بريكس والاستثمارات الصينية الكبيرة في المنطقة".
و"بريكس" تكتل تأسس عام 2006 ويضم الصين والبرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا، قبل أن تنضم مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات إليه مطلع 2024. 
وأضاف بلحاج "مخرجات الزيارة دون التطلعات وبعيدة عن الواقع الذي يفرض أن تكون هناك دبلوماسية اقتصادية تساعد تونس على المضي قدما".
في المقابل، قلّل الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي من إمكانيات حصول شراكة فعلية مع الصين بالقول "هناك 3 إمكانيات شراكة مع الصين".

هناك 3 إمكانيات شراكة مع الصين

وقال "إما هم يستثمرون في تونس، وهنا يطرح سؤال ما ربحهم خاصة وأن التفكير الرسمي للحكومة التونسية يعتبر أن دخول استثمارات أجنبية وحصولها على امتياز إدارة وعمل لسنوات طويلة، مساس في السيادة".
وأضاف "النوع الثاني هو شراكة في القطاع العام بين تونس والصين، السيولة النقدية في الميزانية التنموية في تونس ضعيفة ولا يمكنها إنجاز مشاريع عملاقة كالتي تنجزها الصين على نفقتها"."وتابع "أما الصيغة الثالثة للشراكة، تقوم على برمجة مشاريع تونسية.. الصينيون يعملون على تنفيذها ويتم تسديد أجورهم والحال أنه ليس لنا أموال".
ويقول الشكندالي إن العلاقة "بين تونس والصين تقوم أساسا على علاقة تجارية، المبادلات مع الصين تشهد عجزا، فمن مجموع 18 مليار دينار (6 مليارات دولار)، هناك عجز خارجي بقيمة 8 مليارات دينار (2.23 مليار دولار) مع الصين".
ويضيف "نعاني من عجز مع الصين، ولنا فائض مع دول أخرى مثل فرنسا وإيطاليا، لأننا أنجزنا مفاوضات شاملة مع الاتحاد الأوروبي، تشمل الاستثمار وليس المبادلات التجارية فقط".
إلا أن محمود بن مبروك أمين عام حزب مسار 25 يوليو/تموز (مقرب من الرئيس قيس سعيد) يرى أن آفاقا كبيرة ستفتح لتونس، بالقول إن "40 بالمئة من المبادلات التجارية الصينية مع إفريقيا، ستمر من تونس بفضل زيارة الرئيس سعيّد".
ويضيف "الموقع الاستراتيجي مهم جدا، تونس بوابة إفريقيا وقريبة من أوروبا، لن نكون منطقة عبور فقط، لأن عديد الشركات ستنتقل إلى تونس لتشغيل اليد العاملة".
ووفق بن مبروك، فإن "تحوّلا كبيرا ستشهده تونس التي انخرطت في مسار عالمي جديد، ومناخ الاستثمار مهم لتجديد البنية التحتية والمستشفيات والمدارس والطرقات".
وحول ما إذا كانت الصين ستعوض العلاقات التاريخية بين تونس وأوروبا يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة نابل آرام بلحاج: "لا أعتقد ذلك، ليست هناك رؤية واضحة وتوجه جيو استراتيجي نحو الشرق".
ويتابع "الزيارة جاءت في إطار دعوة من الرئيس الصيني لحضور المنتدى العربي الصيني، الذي يحصل كل سنتين.. لم تذهب تونس لوحدها بل ذهبت الإمارات ومصر والبحرين".
ويوضح: "ليست هناك رؤية لتعويض الغرب بالشرق، ولم نر تخندقا مع الحلف الشرقي ضد الحلف الغربي، وهذا أفضل لأن اللعبة الجيو استراتيجية أن ترى مصالحك أين فتذهب إليها".
ويقول "مصالحنا الحقيقية مع الاتحاد الأوروبي وكذلك مع روسيا في الغذاء والطاقة، ومع الصين في البنية التحتية وطاقات متجددة لنا فيها مصلحة كبيرة ومن مصلحتنا التعامل مع الجميع".

40 بالمئة من المبادلات التجارية الصينية مع إفريقيا ستمر من تونس
40 بالمئة من المبادلات التجارية الصينية مع إفريقيا ستمر من تونس

ويضيف "حسب ما نشر في البيان المشترك بين تونس والصين، ليس هناك اتفاق على استثمارات بمبالغ واضحة".
ويردف "الصين وزنها كبير ورؤيتها للمنطقة كبيرة، فمن بين 400 مليار دولار من الاستثمارات لإفريقيا، لو يكون نصيبنا 10 بالمئة يكون هناك مكسب كبير".
ويقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إن "التصدي للعجز التجاري يتطلب أموالا كبيرة بالعملة الصعبة من خزينة البنك المركزي، وهذا غير موجود، ونبقى في وضعية حرجة في تسديد الديون". متابعا "لا بد من أن تكون المفاوضات مع الجانب الصيني شاملة وليس المبادلات التجارية ومنها للاستثمار، ولا بد من إقناع الصينيين بالاستثمار في تونس، وإذا استثمروا سينتجون ويصدرون وبالتالي العجز ينخفض".
ويستدرك "لكن الصينيين يشترطون تحسين مناخ الأعمال للاستثمار في تونس، وهو المناخ الذي جعل أبناء البلد لا يستمرون فيها، فما بالك في الأجنبي".
وحذ الشكندالي حذّر من التفريط في العلاقات التاريخية التونسية مع الغرب، بالقول "الصين لا بد أن تدخل في إطار تنويع الشراكات وليس في إطار تعويض الشراكات القائمة".
ويضيف مفسرا "أنت لك شركاء تاريخيين وموقع استراتيجي قريب من أوروبا، ولك علاقات تاريخية مع أوروبا، لابد من المحافظة على العلاقات التاريخية مع الجانب الأوروبي وتنويع الشراكات مع الجانب الصيني وليس تعويض".
في ذات السياق، يقول محمود بن مبروك أمين عام حزب مسار 25 يوليو/تموز، إن "تونس بحاجة لتنويع العلاقات الدبلوماسية لإدارة ديونها ودفع الاستثمار".معتبرا أن "تحولا تاريخيا سيحدث في تونس تتحدث عنه الأجيال في المستقبل".