سافروا عبر رحلة رقمية في قلب مدن عربية أثرية

معرض في معهد العالم العربي يعول على التقنيات الرقمية لتسليط الضوء على خصائص أثرية ومعمارية وتاريخية لمدن تدمر وحلب والموصل ولبدة الكبرى.

دمشق - تعتبر مدن تدمر وحلب (بسوريا) والموصل (بالعراق) ولبدة الكبرى (بليبيا) من المواقع الأثرية البالغة الأهمية، وقد أُدرج بعضها على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، لكنها أصبحت اليوم عُرضة للتهديد والتخريب والنهب والتدمير. 
وتتدفق الحياة مرة أخرى في المواقع الأثرية الهامة في معرض يكتسي حلة رقمية يقام بمعهد العالم العربي انطلاقا من العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وسيتيح المعرض للزائر بفضل التكنولوجيات الرقمية فرصةَ للتجول بين الصروح المعمارية والمواقع الأثرية للموصل وحلب وتدمر ولبدة الكبرى باعتبارها رمزا للتراث الإنساني العالمي والتاريخ المتعدد الثقافات للحضارات الشرق أوسطية.
وتم الإعداد لهذا المعرض بالتعاون مع شركة اونكوم ومنظمة اليونسكو وشركة يوبي سوفت الرائدة عالميا في ميدان ألعاب الفيديو.
 وسوف يتضمن المعرض مساقط عملاقة يصل بعضها لـ360 درجة ومشاهد افتراضية ووثائق وصور أرشيفية وأفلام فيديو ومقابلات مع سكّان المواقع.

يسعى معهد العالم العربي بإعادة إحيائه لهذه المدن الأثرية والتاريخية بفضل التقنيات الرقمية، لتوعية الجمهور العريض بالرهانات الحاسمة المرتبطة بصون التراث وإعادة تأهيله.
بفضل المساقط العملاقة يسمح المعرض للزائر باكتشاف الحالة الراهنة للمواقع المعنية، كما يعود به للماضي بفضل عملية إعادة تشكيل افتراضية عالية الدقّة للمباني والمساكن والصروح الأثرية، فيشعر الزائر وكأنه يتجول فعلا في أرجائها.
وفي كل قاعة يمكن للزائر الاطلاع على مجموعة من المعلومات والمقابلات والنصوص التي تسمح له بفهم تاريخ المواقع التاريخية الهامة والظروف الصعبة التي تعرّضت لها مؤخرا، مع التركيز بشكل خاص جهود منظمات وجمعيات ناشطة في المجال لحماية الكنوز المعمارية.
ولابراز المعرض الفريد من نوعه، دخل معهد العالم العربي في شراكة مع شركة "اونكوم" الرائدة بميدان رقمنة التراث والتي تسمح عمليات المسح الدقيقة التي أجرتها للمواقع الأثرية (وخاصة باستخدام الطائرات بدون طيار) بإجراء عمليات إعادة تشكيل افتراضية ثلاثية الأبعاد ذات دقّة عالية .

وتستند أغلب الصور وأفلام الفيديو والمساقط الثلاثية الأبعاد في المعرض على الموارد التي أنتجتها "أونكوم"، وذلك لوضع أحدث التكنولوجيات في خدمة المختصين وعلماء الآثار وهواة المعالم الاثرية.
وتكتسي حماية التراث في هذه المواقع التاريخية أهمية بالغة باعتبارها تساهم في صيانة الثراء المعماري والأثري فيها وتبرز قدرتها على الصمود والاستمرار رغم ما اعتراها من دمار وخراب.
واختيار تدمر وحلب والموصل ولبدة الكبرى  يسمح بالغوص في قلب حضارات عظيمة (الفارسية والإغريقية والرومانية والعربية...) وبفهم وإدراك تنوّعها وادراجها ضمن سياقات جيو سياسية متعددة.
وتدمر المعروفة باسم "لؤلؤة البادية" كانت من أهمّ المراكز الثقافية في العالم القديم.
وسلطت وسائل اعلام عالمية الضوء على عمليات التدمير والتخريب فيها على يد الجهاديين.
وتسمح عملية إعادة تشكيل هذا الموقع الإغريقي الروماني الأسطوري بفضل التقنيات الرقمية للزائر بإدراك جماله الاستثنائي، ولا سيما معبد بعل شمين والمدافن البرجية ومدفن الأخوة الثلاث الأرضي.
كما تُعد حلب من أهم المدن في المنطقة على الصعيدين الثقافي والتجاري، وتحمل بصمات الدول المتتالية من الأمويين إلى العثمانيين، وتحتضن جواهر معمارية. 
وبامكان الزائر عبر المعرض التجول في دهاليز أسواقها وأرجاء جامعها الكبير ليكتشف مواقعها الأثرية والحضارية والمعمارية.
وتعتبر الموصل: عاصمة محافظة نينوى في شمال بغداد مدينة متعددة الأديان تاريخيا.
وقد أنتج هذا الخليط العرقي والديني في الموصل ثروات معمارية في كافة أنحاء المدينة.
وسيتمكن الزائر من التجوال في الحي القديم لاكتشاف جامع النوري الكبير بمنارته الحدباء وقبر النبي يونس في رحلة عبر مدينة عراقية استُعيدت في عام 2017 من يد تنظيم الدولة الإسلامية.
ويعتبر لبدة الكبرى ويعرف بإسم "روما الأفريقية" الموقع الوحيد من بين المواقع الأربع في المعرض الذي لم يتعرّض للتخريب على الرغم من النزاع الذي يهزّ ليبيا منذ 2011.
وتُعتبر المدينة الرومانية القديمة من المواقع الزاخرة بالمعمار الضارب في القدم وتضم باقة من المعابد والبازيليكا والساحة العامة والمدرّج والحمّامات.

وصمم المعرض ليكون بمثابة عريضة للدفاع عن هذه مواقع أثرية وتاريخية وليكون رسالة فنية قوية ضد الارهاب والتطرف.
وتعاون معهد العالم العربي مع شركة يوبي سوفت وهي الناشر الفرنسي الأول لألعاب الفيديو، للاستفادة من بيانات Iconem وتصميم سلسلة من التجارب الجديدة للواقع الافتراضي والتي تتيح انغماسا واقعيا وحسيّا. فيجد الزائر نفسه بفضل الخوذة المخصصة لهذا الغرض في قلب ستة من الصروح الرئيسية من المواقع التي يتطرق لها المعرض، ويتاح له في غرفة من تسعة أمتار مربعة أن ينظر من حوله ويرفع رأسه ويمشي ويتجول في أرجاء الصروح.