سباق الهجن رياضة شعبية تستقطب مدربي الإبل العمانيين

طريق الإبل لا يعد مفروشًا بالمسابقات والتنافس فقط في أرجاء سلطنة عمان، بل هو أيضا مليءٌ بالترحال التراثي السنوي.

بركاء (سلطنة عمان) - تزاحمت أعداد كبيرة من الإبل على امتداد ثلاثة أيام في ميدان الفليج بولاية بركاء في محافظة جنوب الباطنة العمانية، وذلك في إطار فعاليات السباق العامّ للهجن 2024 الذي يمثل موروثًا عمانيا لرياضة شعبية لا تفقد بريقها.

وشارك في منافسات هذا العام التي انطلقت في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري ألف قطيع من الإبل، بين ناقة وقعود (ذات الأعمار الصغيرة)، وسط إقبال حاشد من الجمهور المحب لهذا السباق المرتبط بأصالة البلد.

وتجمع المنافسات التي تنظمها الهجانة السلطانية بشؤون البلاط السلطاني مُلّاك ومدرّبي الهجن من مختلف محافظات سلطنة عُمان.

وأشار عبدالله بن عامر الحجري مساعد مدير عام الهجانة السلطانية إلى المشاركة الكبيرة من ملاك ومضمري (مدرّبي) النوق والتي تصل إلى ألف ناقة وقعود، مشيدا بالاستعدادات والتجهيزات.

وفي اليوم الأول من السباق ما أن رفع حاجز قماشي كانت تقف خلفه أعداد من الإبل المتنافسة، حتى بدا الجميع متشوقًا لمتابعة أشواط من التنافس والإثارة في مضمار كبير، يحاط بسياج من الجانبين.

وكلما زاد تقدم إحدى النوق في المضمار، تقدم صاحبها بمحاذاتها بسيارته على أحد جانبي سياج المضمار، حيث لا يتوقف عن دعمها بحماسة.

ويعلو سنم كل ناقة مشاركة في السباق دمية في يدها ما يشبه السوط، يحرّكها صاحب الناقة إلكترونيا عن بعد، بينما يتابع السباق من داخل سيارته الفاخرة ويصدر عبارات حماسية تشد من أزر ناقته كي تواصل الجري في مضمار التنافس.

وشهد سباق الانطلاق إقامة 25 شوطًا لفئة الحجائج (أعمار مختلفة من الإبل) منها 16 شوطًا للأبكار، و9 أشواط للقعدان (صغار السن) لمسافة 4 كيلومترات، شاركت فيه أكثر من ألف ناقة وقعود.

ومن أبرز النوق التي نالت المركز الأول في تلك الأشواط، سبا، شواهين، مرموقة، بشاير، وقيادة، وحربة، ورزان، وأسطورة، ومواري، وفيضة، وأثير، والماهر، وهجام، وأدهم.

ولم يختلف اليوم الثاني من السباق الشهير بسلطنة عمان عن يوم الانطلاق، فالمشاركة "كانت واسعة من مُلّاك ومدرّبي الهجن من مختلف محافظات السلطنة"، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء العمانية.

وعرفت منافسات اليوم الثاني إقامة 18 شوطا، لمسافة بين 5 كيلومترات و2 كيلومتر بمشاركة قرابة 500 ناقة وقعود، مع تتويج بالمراكز الأولى بتلك الأشواط شمل أسماء العديد من النوق أبرزها "الهنوف وغارة".

واختتمت منافسات السباق العام للهجن 2024 بإقامة 16 شوطا، لمسافة بين 8 كيلومترات وكيلومترين.

ومن المنتظر أن تشارك الهجن التي تأهلت من مختلف الفئات في مهرجان كأس جلالة السلطان للهجن الذي ستنظمه الهجانة السلطانية بشؤون البلاط السلطاني في مارس/آذار المقبل على ميدان الفليج بولاية بركاء.

ولا يعد طريق الإبل مفروشًا بالمسابقات والتنافس فقط في أرجاء سلطنة عمان، بل هو أيضًا مليءٌ بالترحال التراثي السنوي الذي يحافظ عليه العمانيون، والذي يعرف باسم "الخطلة".

وذكرت صحيفة "عُمان" عبر موقعها الإلكتروني أنه في كل عام و"بعد انقشاع سحب الخريف وانكشاف الضباب على سهول وجبال محافظة ظفار، ومع بدء فصل الربيع المسمى الصرب محليا تبدأ الخطلة التي تعود فيها آلاف من الإبل إلى الانتشار بالجبال والوديان بعد أن قضت فصل الخريف في سهول المحافظة".

وهذا الترحال السنوي أو خطلة الإبل السنوي يعدّ أشبه بـ"مشهد احتفالي تراثي حافظ عليه مُربّو الإبل بظفار سنويا على مدى عصور متعاقبة ويصاحب ذلك ترديد الأهازيج والفنون التراثية".

وانتقلت الإبل في سلطنة عمان "من اعتبارها موروثًا، لتكون الآن مصدرَ دخلٍ تَعتمدُ عليه شريحة واسعة من المواطنين"، وفق مقال للكاتب العماني يوسف بن حمد البلوشي نشر بصحيفة الرؤية العمانية في يناير/كانون الثاني 2023.

ويضيف البلوشي أن مؤسستا الهجّانة السلطانية والاتحاد العُماني للهجن تعملان على "الاهتمام بالإبل في السلطنة كموروث حضاري ورياضة شعبية"، موضحا أن هناك اهتماما من قبل شركات القطاع الخاص وخاصة الشركات النفطية التي أولت موضوع الهجن أهمية كبيرة، حيث تشارك في المساهمة المجتمعية في إنشاء مضامير الهجن وتنظيم السباقات وتوفير العيادات والمختبرات الخاصة بالاهتمام بالهجن.

وتشير التقديرات إلى وجود ما يربو عن 300 ألف رأس من الإبل بالسلطنة، 60 في المئة منها في محافظة ظفار، تليها محافظة شمال الباطنة بنسبة 15 في المئة، ثم محافظة شمال الشرقية بنسبة 10 في المئة وتمتاز بتوافر إبل السباق، في حين تنتشر الـ15 في المئة المتبقية في باقي محافظات السلطنة، بحسب البلوشي.