سجال رياضي يسلط الضوء على تفاقم التوتر بين روسيا والجزائر

الجدل بين المندوبين الجزائري والروسي في مجلس الأمن يذهب في توقيته أبعد من مجرد سجال حول قضية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف.

الجزائر - دخلت قضية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، المشاركة بالألعاب الأولمبية في باريس أروقة مجلس الأمن وتسببت في توتر بين ممثل الجزائر ونظيره الروسي، في تطور يسلط الضوء على توترات بين البلدين تذهب في توقيتها إلى أبعد من مجرد سجال رياضي وأكبر من قضية خليف في حد ذاتها.

وأثارت جدلا واسعا ومعركة بين اللجنة الأولمبية التي يقودها الألماني توماس باخ والاتحاد الدولي للملاكمة بقيادة الروسي عمر كريمليف قبل أن ينتقل الجدال إلى مجلس الأمن.

وأرخت اختبارات الجنس والخلاف السياسي بين موسكو وباريس كذلك بظلال ثقيلة على علاقة متوترة أصلا بين اللجنة الاولمبية والاتحاد الدولي للملاكمة.

وفي كلمته خلال إحاطة مجلس الأمن الدولي حول موضوع "الحفاظ على الالتزامات لصالح المرأة، السلام والأمن في سياق الانسحاب السريع لبعثات السلام"، تطرق ممثل روسيا لدى الأمم المتحدة إلى ما قال إنه "إقصاء رياضيين من طرف آخرين فشلوا في اختبار الهرمونات" الذي يجريه الاتحاد الدولي للملاكمة.

وكان ممثل روسيا يشير إلى الملاكمة الجزائرية إيمان خليف التي تعرضت لحملة وهجوم واسع وعنيف عقب فوزها على نظيرتها الإيطالية أنجيلا كاريني، بعد 46 ثانية من بداية المنازلة.

وانسحبت الملاكمة الإيطالية بعد تلقيها لكمة قوية من خليف التي واجهت اتهامات بأنها "متحولة جنسيا".

وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة رد على نظيره الروسي، خلال جلسة الإحاطة بمجلس الأمن، مؤكدا أن "الملاكمة الشجاعة، الآنسة إيمان خليف ولدت أنثى وعاشت طفولتها بنتا يافعة ومارست الرياضة كامرأة بكامل المقاييس"، مضيفا "لا يوجد أدنى شك حول ذلك، إلا من له أجندة سياسية لا ندري مقاصدها".

وخاطب نظيره الروسي والحضور بمجلس الأمن، قائلا "أكتفي بإحالة الجميع إلى اللجنة الأولمبية الدولية نفسها والتي بكامل الوضوح وبشهادتها تقصم ظهر كل مشكك في بطلتنا الشجاعة الأبية، حفيدة النساء الجزائريات الحرائر".

وتأهلت إيمان خليف إلى نهائي وزن 66 كيلوغرام بعد فوزها بالجولات الثلاث على منافستها التايوانية، لتواجه مساء الجمعة ملاكمة صينية، في نزال تستهدف فيه الرياضية العربية إحراز الميدالية الذهبية.

تدخل روسيا في مالي يثير مخاوف الجزائر التي تراجع نفوذها بشدة في منطقة الساحل
تدخل روسيا في مالي يثير مخاوف الجزائر التي تراجع نفوذها بشدة في منطقة الساحل

كما ندد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، بخطاب الكراهية الموجه ضد الملاكمتين الجزائرية إيمان خليف والتايوانية لين يو تينغ، خلال مشاركتهما في دورة الألعاب الأولمبية الجارية باريس 2024.

وتوعدت الجزائر قبل يومين عبر وزيرها للشباب والرياضة عبدالرحمن حماد، بمقاضاة كل من يمس بالملاكمة إيمان خليف، في أعقاب تواصل حملات التشويه بحقها منذ منافستها في أولمبياد باريس 2024.

وكان الاتحاد الدولي للملاكمة الذي يرأسه رجل الأعمال الروسي المرتبط بالكرملين عمر كريمليف، ادعى أن خليف فشلت في تلبية معايير الأهلية الجنسية ما أدى إلى حرمانها من التأهل إلى نهائي بطولة العام الماضي، رغم فوزها على الروسية أزاليا أمينيفا، التي لم تهزم من قبل، وفق تقارير صحفية.

والسجالات تبدو في ظاهرها رياضية حول جنس خليف، لكنها تذهب في توقيتها إلى ابعد من ذلك على خلفية توترات برزت بين الجزائر وروسيا على خلفية التدخل الروسي في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وهي الدول التي تقودها مجالس عسكرية.

وتوترت العاقات بين مالي والجزائر راعية اتفاق سلام سابق بين الحكومة المالية وجماعات متمردة بينها تنسيقية أزواد (الطوارق) في الأشهر الماضية بعد أن استقبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قادة من المتمردين وشخصية دينية تدعم الانفصال.

واتهمت باماكو السلطة الجزائرية بالتدخل في شؤونها وتأجيج التوترات وأنه لم تستشرها أو تبلغها مسبقا باللقاء الذي عقده تبون مع قادة انفصاليين.

وفي المقابل عززت روسيا حضورها في مالي عسكريا وسياسيا في سياق تمدد الروس في منطقة الساحل وهو أمر أغضب الجزائر التي خسرت نفوذها وتأثيرها في محيطها الافريقي خاصة في مالي التي ترتبط معها بحدود طويلة.

وتؤثر الاضطرابات الأمنية في البلد الافريقي على أمن الجزائر التي تقول باستمرار إنها تتعرض لمؤامرة خارجية تستهدف ضرب الاستقرار فيها.

وكانت العلاقات بين موسكو والجزائر جيدة وأبرم البلدان اتفاقيات عسكرية وصفقات تسلح عززت التعاون بينهما ومنحت الروس موطئ قدم في مناطق تعتبر تقليديا مناطق نفوذ للقوى الغربية.

ووجد الجزائريون أنفسهم عالقين في معادلة صعبة تقتضي الموازنة في علاقاتهم مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومع خصمهما الروسي.

لكن في الفترة الأخيرة بدأ التوتر يخيم على العلاقات الجزائرية الروسية بسبب خلافات حول الدور الروسي في منطقة الساحل الافريقي والمواجهات الدائرة على حدود الجزائر بين الجيش المالي المدعوم من مجموعة فاغنر الروسية والمتمردين الطوارق.