سرت على خط مواجهات نارية وشيكة

الأنظار الدولية والإقليمية تتجه صوب سرت تزامنا مع توجيه حكومة الوفاق ميليشياتها نحو المدينة، فيما كثف الجيش الوطني الليبي دورياته بالقرب منها.
تحركات ميليشيات الوفاق تثير قلقا دوليا بشأن مستقبل المساعي الدولية لإرساء السلام في ليبيا
جهود تركية في ليبيا للدفع نحو السيطرة على سرت بوابة المرافئ النفطية الليبية

سرت (ليبيا) - تتجه الأنظار الدولية والإقليمية اليوم الأحد صوب مدينة سرت ذات الأهمية الاستراتيجية تزامنا مع تحركات حكومة الوفاق التي وجهت ميليشياتها باتجاه المدينة التي تعد البوابة التي تعد البوابة إلى مرافئ النفط الرئيسية بالبلاد والتي وصفتها مصر قبل يومين بـ"الخط الأحمر"، فيما نفذ الجيش الوطني الليبي دوريات بالقرب منها.

وحركت حكومة الوفاق السبت مقاتلين ومرتزقة ممن نقلتهم تركيا من سوريا إلى ليبيا اليوم باتجاه مدينة سرت التي على بعد 400 كيلومترا من العاصمة طرابلس، فيما تخطط الوفاق بدعم تركي لانتزاعها من قوات الجيش الوطني الليبي.

وقال شهود وقادة عسكريون بقوات حكومة الوفاق إن رتلا من نحو 200 مركبة تحرك شرقا من مصراتة على ساحل البحر المتوسط باتجاه مدينة تاورغاء وهو نحو ثلث الطريق إلى سرت.

وتزامنا مع هذه التحركات المشبوهة لميلشيات الوفاق ومرتزقة تركيا، ذكرت مصادر إعلامية أن الجيش الوطني الليبي كثف دورياته قبالة سواحل المدينة.

ووصف المتحدث باسم عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق مصطفى المجعي، أن التحشيدات العسكرية الموجودة غرب مدينة سرت والتابعة للوفاق بـ"غير المسبوقة" وأن "المعركة وشيكة".

وقال المجعي "اندلاع معركة تحرير مدينتي سرت والجفرة أمر محسوم وقريب جدا، وكذلك تحرير الحقول والموانئ الليبية، وهذه هي مهمة غرفة عمليات سرت الجفرة. ولكن الهدف الأوسع هو القضاء على حالة التمرد وبسط السيطرة عل كامل التراب الليبي".

وقالت قوات حكومة الوفاق إنها ستستعيد بدعم من تركيا، سرت وقاعدة الجفرة الجوية التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، فيما تتمسك أنقرة بدعم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج لتثبيت حكم الإخوان في ليبيا وتأمين تواجد دائم لها في ليبيا لاستنزاف ثروات المنطقة الغنية بالمحروقات.

تحركات مليشيات الوفاق تقوض المساعي الدولية لإرساء السلام في ليبيا
تحركات مليشيات الوفاق تقوض المساعي الدولية لإرساء السلام في ليبيا

ورغم التحذيرات الدولية من مغبة التدخل العسكري التركي في ليبيا، فإن تركيا تستمر إلى اليوم في نقل آلاف المقاتلين من سوريا إلى ليبيا فضلا عن المعدات العسكرية الثقيلة والأسلحة التي نقلتها تركيا إلى الأراضي الليبية بما يتناقض مع قانون حظر السلاح إلى ليبيا، في خطوات تتنافى مع المساعي الدولية الحثيثة لإرساء السلام في ليبيا.

وتثير هذه التحركات العسكرية من الجانبين قلقا دوليا بشأن مستقبل المساعي الدولية المضنية لوقف إطلاق النار في ليبيا وتحقيق سلام دائم في بلد يعاني اضطرابات أمنية منذ سنوات عدة.

وعلى خلفية استمرار التدخل العسكري التركي في ليبيا، قررت كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا توقيع عقوبات على الدول التي تنتهك قرار حظر تصدير السلاح إلى الأراضي الليبية الذي صدر عن الأمم المتحدة بالتزامن مع كشف وزارة الدفاع الأميركية حجم المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق في ليبيا.

والخميس وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا وحكومة الوفاق تحذيرا رسميا، بأن سرت والجفرة خط أحمر، وأن بلاده لا تتردد في أي تحركات تركية من شأنها أن تهدد الأمن الليبي والمصري.

وأكد السيسي في مؤتمر التقى خلاله شيوخ قبائل ليبية أن مصر "لن تقف مكتوفة الأيدي" في مواجهة أي تحركات قد تشكل تهديدا للأمن في مصر وليبيا.

وقال خلال المؤتمر "مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أية تحركات تشكل تهديدا مباشرا قويا للأمن القومي ليس المصري والليبي فقط وإنما العربي والإقليمي والدولي".

وجاءت تصريحات السيسي عقب إعلان مجلس النواب الليبي المؤيّد للقائد العام الجيش الوطني الليبي المشير خليفة، أنّه أجاز لمصر التدخّل عسكريا في ليبيا "لحماية الأمن القومي" للبلدين، مشدّدا على أهمية تضافر جهودهما من أجل "دحر المُحتلّ الغازي" التّركي.

وقال الرئيس المصري "لن نتدخل في ليبيا إلا بطلب منكم (الليبيين) وسوف نخرج منها بأمر منكم"، مؤكدا على أن "مصر لن تسمح بتكرار تجربة الرهان على المليشيات المسلحة مرة أخرى في ليبيا حتى لو كلّف ذلك تدخل مصر بشكل مباشر".

وتكمن أهمية مدينة سرت الاستراتيجية في أنها تقع شمال قاعدة الجفرة الجوية (650 كلم جنوب شرق طرابلس)، ولا تفصلها عنها سوى طريق مفتوحة لا تتجاوز 300 كلم، وهي مسافة ليست طويلة جدا بمعايير الصحراء.