'سرداب الموت' تحيي حكايات حقيقية من سجون سوريا على خشبة المسرح

المسرحية تروي قصص سجون النظام السوري والتعذيب جمعتها الفرقة بعد خمسة أشهر من قصص المعتقلين وتجارب بعض الممثلين المشاركين في العرض.
معظم أعضاء الفرقة من الممثلين المحترفين
الممثلون يمولون العرض ذاتيا
أشكال مختلفة من الإنتاج الفني في سوريا تنتعش بعد سنوات من الحرب

إدلب (سوريا) - على مسرح تتدلى من أعلاه في الخلفية أحبال مشانق كما تتردد شعارات من التي كانت تُسمع إبان انتفاضات الربيع العربي، يروي الممثل محمد الزير وزملاؤه في فرقة بيدق للفنون المسرحية حكايات واقعية من السجون والتعذيب والمعاناة وراء القضبان في بلدهم الذي يشهد حربا ضروسا.. وذلك في مسرحية "سرداب الموت" في إدلب التي تخضع لهيئة تحرير الشام المعارضة السورية.

وتعرض الزير (25 عاما)، وهو طالب، للاعتقال فترة وجيزة في سجون النظام السوري عقب تفجر الحرب بعد اندلاع احتجاجات على نظام الرئيس بشار الأسد في 2011.

وعلى مسرح المركز الثقافي العربي في أعزاز حيث تقدم فرقة بيدق للفنون المسرحية، التي تأسست عام 2017، العرض يؤدي الزير، الذي سُجن لمدة شهر واحد فقط، دور رجل فقد عقله بعد تعرضه للتعذيب في السجن.

وقال الزير، وهو طالب منقطع عن الدراسة بكلية الهندسة قسم نظم معلومات، "حكيت عن أخي يا اللي كان معتقل، حكيت عن تجربتي أنا بالاعتقال شو تمارس علي بالتعذيب. حطينا تجاربنا كلياتنا بالاعتقال وجمعناهم وعملنا النص. ركز النص المسرحي متل ما شفت على الجانب الحسي يا اللي بيعيشه المعتقل جوا السجن. شو بيحس، شو بيفكر، لمين بيشتاق، كيف أثر عليه السجن، أنا كنت آخد شخصية المجنون، هو الشخص يا اللي بيكون متعود ع الحرية، متعود ع الحياة، فجأة بيتفاجأ بواقع السجن اللي صار فيه إنه هو صار إنسان مصدوم وصار إنسان تحت أقبية".

وأوضح إبراهيم سرميني، مخرج المسرحية أن الفرقة ظلت خمسة أشهر تجمع قصصا حقيقية لمعتقلين، وبعضها لممثلين شاركوا في العرض، من أجل العرض.

وقال سرميني "طبعا العرض اللي بيتناول قضية المعتقلين ومعتقلي الكلمة، معتقلي الثورة السورية، طبعا إحنا كفريق بيدق اجتمعنا من خمسة أشهر، قررنا نعمل هذا العرض حتى نوصل صوت المغيبين قسريا اللي عم بيعانوا أشد أنواع التعذيب، حالتهن النفسية، شوقهن، ذكرياتهن اللي كل يوم بتدور بهواجسهن لحتى يكونوا تواقين للحرية ليشوفوا أهلهن".

ومعظم أعضاء الفرقة من الممثلين المحترفين الذين كانت لهم أعمال مسرحية قبل الانتفاضة، وتم تدريب البعض الآخر للاشتراك في العرض.

وعادةً ما يقوم الممثلون، الذين يمولون العرض ذاتيا، ببروفات التدريب على الأداء في منازلهم ثم يعرضون أمام الجمهور في عدة مدن تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة بينها إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام. كما يعرضون أيضا في مدن يسيطر عليها الجيش السوري الحر.

وقال موفق نجار، مغن وممثل في المسرحية "بننسئل أنتوا بها الجو عم تقدموا مسرح معقولة؟. بنقول بالعكس نحن هاد الجو إنه اليوم أنت ما فيه عندك مقص رقيب وما فيه عندك النظم السياسية والعسكرية المستبدة إنه تتحكم فيك وبنصك وبأدائك وشو التفاصيل، نحن هاد النص لا حدا راقبه ولا حدا واشتغلنا طبعا بما يتناسب مع الواقع".

ويأتي عرض مسرحية "سرداب الموت" في وقت تنتعش فيه أشكال مختلفة من الإنتاج الفني في سوريا بعد سنوات من الحرب. وتستثمر في الآونة الأخيرة دور إنتاج جديدة في مسلسلات درامية سورية يتم تصويرها داخل البلاد بأطقم تمثيل محلية.

ومثل معظم القطاعات الأخرى في الاقتصاد السوري، تضررت أعمال السينما والتلفزيون والمسرح بشدة من جراء الحرب التي قُتل فيها نحو نصف مليون شخص، وأُجبر ملايين على نزوح عن ديارهم وتسببت في تدمير مساحات شاسعة من البلاد منذ عام 2011.

وغادر كثير من الممثلين السوريين المشهورين بلدهم خلال الحرب للعمل في دول عربية أخرى.