سعيد يشارك في القمة الأميركية الإفريقية بعد خلافات مع واشنطن
تونس - يبدأ الرئيس التونسي قيس سعيد، الإثنين، زيارة إلى الولايات المتحدة تستمر أربعة أيام، للمشاركة في القمة الأميركية الإفريقية بدعوى من الرئيس الأميركي جو بايدن في خضم ما يتردد عن نوع من التحسن في العلاقات بين واشنطن تونس وذلك بعد فترة من التوتر بسبب تداعيات الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز 2021.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان نشرته فجر الإثنين، إن زيارة سعيد "جاءت إثر دعوة من بايدن، للمشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة وإفريقيا التي ستنعقد بواشنطن".
والخميس الماضي أعرب وفد أميركي رفيع المستوى التقى سعيّد، عن دعمه تطلعات الشعب التونسي إلى "حكومة ديمقراطية شفافة تخضع للمساءلة"، وفق بيان للسفارة الأميركية بتونس.
وأكد الوفد على استمرار دعم الولايات المتحدة لتحسين مناخ الاستثمار في تونس وتحسين الفرص الاقتصادية المتاحة للشعب التونسي.
ويعتقد ان العلاقات بين البلدين بدأت تشهد نوعا من التحسن بعد فترة من التوتر وذلك بسبب عدة عوامل أهمها التقارب التونسي الصيني الذي يخيف واشنطن وكذلك تمكن تونس من المضي في مسارها للإصلاح السياسي وضعف القوى المعارضة التي تعول عليها واشنطن وعدم قدرتها على تحشيد الشارع.
وكانت العلاقات مرت بمرحلة من التوتر بعد إجراءات 25 يوليو/تموز وحل البرلمان والعمل على اجراء استفتاء لدستور جديد حيث انتقدت الولايات المتحدة المسار السياسي ككل في تونس.
وانتقد السيناتور كريس مورفي مرارا بعد لقائه ضمن وفد من الكونغرس الرئيس سعيد في قصر قرطاج في ايلول/سبتمبر 2021 الوضع السياسي في تونس داعيا إدارة بايدن لاتخاذ اجراءات للدفاع عن الديمقراطية والمؤسسات المدنية فيما يرى مراقبون ان موقف السيناتور جاء بسبب ضغوط مارستها لوبيات على علاقة بحركة النهضة الإسلامية فيما تنفي هذه الأخيرة كل تلك الاتهامات.
كما وجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بدوره انتقادات للحكومة التونسية في يوليو/تموز الماضي قائلا "إن تونس شهدت تآكلا مقلقا للمعايير الديمقراطية على مدار العام الماضي، وإن عددا من المكاسب التي حققها الشعب التونسي منذ عام 2011 تم التراجع عنها"
ودفعت هذه المواقف الخارجية التونسية الى استدعاء القائمة بالأعمال الأميركي ناتاشا فرانشيسكي، للاعتراض على تدخل واشنطن في الشؤون الداخلية للبلاد في أسوا توتر بين البلدين منذ عقود.
وانتقد الرئيس سعيد مرارا التدخل الأجنبي في الشؤون والسياسات الداخلية لتونس في تلميح إلى المواقف الأميركية.
ويبدو ان الموقف الأميركي بدا يتغير تدريجيا من خلال زيارة بعض الوفود الأميركية لتونس وعقد الحكومة التونسية اتفاقا مبدئيا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو 1.9 مليار دولار يرى مراقبون ان واشنطن لعبت دورا في المضي فيه.
لكن مراقبين يرون أن القرار الاميركي يأتي أساسا بسبب التقارب التونسي الصيني حيث دعا الرئيس سعيد خلال لقائه بمسؤولين صينيين مؤخرا لدعم التعاون في كل المجالات خاصة في المجال الاقتصادي في ما يبدو انه محاولة لتحصيل منافع اقتصادية من وراء الصراع الجيوسياسي الدولي لفرض الهيمنة والنفوذ بين واشنطن وبكين.
كما التقى سعيد الرئيس الصيني شي جينبينغ في الرياض خلال عقد القمة العربية الصينية وهو أمر تنظر إليه واشنطن بكثير من القلق في اطار سعيها لاحتواء العملاق الاسيوي حيث تعتبر تونس تاريخيا دولة حلفية للغرب وللولايات المتحدة.
ومثل نجاح تونس في عملية الإصلاح السياسي بعد الإجراءات الاستثنائية رغم التحديات الاقتصادية مع نجاح الاستفتاء على دستور جديد وقرب إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري إضافة الى ضعف المعارضة وتشتتها وعدم قدرتها على التحشيد في الشارع رسائل هامة دفعت واشنطن إلى تخفيف حدة انتقاداتها للرئيس سعيد.
واعتقدت قوى معارضة بان الرئيس الأميركي لن يوجه دعوة الى سعيد للمشاركة في القمة بذريعة استهداف الديمقراطية لكن توقعاتهم ظهر انها لم تكن صحيحة بسبب عوامل جيوسياسية.
وفي يوليو/ تموز الماضي أعلن بايدن عزمه استضافة عدد من قادة الدول الإفريقية بواشنطن، وأوضح البيت الأبيض في بيان لاحق أن القمة ستعقد في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
وأشار بايدن إلى أن "القمة ستظهر التزام الولايات المتحدة تجاه إفريقيا، وستساعد في تعزيز المشاركة الاقتصادية الجديدة، والالتزام المشترك تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان".