سعيد يشبه رفع الدعم بعود ثقاب قرب مواد شديدة الانفجار

الرئيس التونسي يؤكد لنظيره الفرنسي معارضته التامّة لرفع الدعم، مذكّرا بالأحداث الدامية التي عاشتها تونس خلال انتفاضة الخبز عام 1984.
سعيّد يؤكد أن "السلم الأهلي لا ثمن له"

تونس - جدّد الرئيس التونسي قيس سعيد معارضته لشروط صندوق النقد الدولي، مشبّها إياها بمثابة "تقريب عود ثقاب مشتعل من مواد شديدة الانفجار"، وفق ما أكده لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي جمعهما السبت، بينما يأتي هذا الموقف ردّا على الضغوط التي تمارسها دول أوروبية على تونس لتسريع الاتفاق النهائي مع الصندوق بهدف تجنيبها ما أسمته "الانهيار"، بما فيها باريس التي عرضت مساعدة مالية مقابل الشروع في ذلك. 

وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية التونسية بأن سعيد ذكّر خلال المكالمة الهاتفية بأحداث 3 جانفي 1984 أو ما يعرف بـ"انتفاضة الخبز" الدامية التي اندلعت في عهد الرئيس الراحل الأسبق الحبيب بورقيبة وأسفرت عن سقوط مئات القتلى من التونسيين بسبب قرار برفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها، مشددا على أن "السلم الأهلية لا ثمن لها". 

وأكد سعيد لنظيره الفرنسي أنه "يمكن تقديم تصور آخر يقوم على توظيف أداءات على من لا يستحق الدعم لتمويل صندوق الدعم حتى يكون دعما يحقق العدالة المنشودة" ، مشيرا إلى أنه "كما يجب أن يسود العدل داخل الدول، يجب أن يسود أيضا في العلاقات الدولية لأن الإنسانية كلها تتوق لمرحلة جديدة في تاريخها يعمّ فيها العدل والحرية والأمن"، وفق المصدر نفسه.

وتابع البيان أن "الرئيسين تطرقا إلى مسألة الهجرة، حيث شدّد قيس سعيد على أن الحلول لا يمكن أن تكون أمنية فقط بعد أن أثبتت التجربة أنها غير ناجعة فضلا عن أن تونس لم تعد فقط منطقة عبور بل صارت وجهة لعديد المهاجرين الذين استقروا بها بصفة غير قانونية".

وأكد الرئيس التونسي أن "الأولى معالجة الأسباب لا فقط معالجة النتائج والآثار"، مذكّرا بدعوته إلى تنظيم اجتماع على مستوى القمة بمشاركة كل الدول المعنية بهذا الموضوع سواء جنوب البحر الأبيض المتوسط أو شماله.

وكان سعيّد قد طرح الفكرة نفسها في مكالمة هاتفية الجمعة مع رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي قبلت دعوة لزيارة تونس قريبًا، بحسب الرئاسة التونسية.

وجدد الرئيس التونسي خلال لقائه عددا من الأساتذة الجامعيين الأربعاء التأكيد على ضرورة التعويل على الذات، مشددا على "حق كل التونسيين والتونسيات في أن يعيشوا محفوظي الكرامة في دولة محفوظة الكرامة ومحفوظة السيادة"، وفق بيان الرئاسة التونسية.

واقترح سعيد مقاربة جديدة لمعالجة ملف الدعم ترتكز على توظيف ضرائب على من ينتفع به لتجنب اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. 

وتوصّلت تونس التي تبلغ ديونها حوالي 80 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي للحصول على قرض جديد بنحو ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية الخطيرة.

لكنّ المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم التزام تونس الصارم تنفيذ برنامج إصلاح لإعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة ومثقلة بالديون ولرفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية.

وتتالت الدعوات الدولية التي تحث تونس على بدء إصلاحات فورية تشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض فاتورة الأجور العامة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريح سابق إن "تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، بينما عبر الاتحاد الأوروبي عمّا أسماه "قلقه"، إزاء ما وصفه بـ"تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في هذا البلد ويخشى انهياره".

وكان الرئيس التونسي أعلن مطلع أبريل/نيسان رفضه "إملاءات" صندوق النقد الدولي، داعيا التونسيين إلى "التعويل على أنفسهم" لتجاوز الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، محذّرا من تداعيات رفع الدعم، قائلا  "لا لن أسمع الكلام... السلم الأهلي ليس لعبة".