سعيد ينفي عزلة تونس دبلوماسيا

الرئيس التونسي يؤكد نيته زيارة الجزائر مجددا رفضه التدخل الأجنبي في ليبيا ومعبرا عن استعداده للاعتذار باسم الدولة عن انتهاكات طالت حقوق الإنسان.

تونس - أكد الرئيس التونسي قيس سعيد أن بلاده لا تعيش عزلة، وإنما أصبحت قبلة دبلوماسية منذ توليه منصب الرئاسة، مشيرًا إلى أنه ستوجه في أولى زياراته الخارجية، للجزائر، الأحد، وأن المسألة الليبية ستكون إحدى مواضيع الزيارة.
وقال سعيد الخميس في أوّل حوار له، بعد مئة يوم من تولّيه الرئاسة "هناك عمل دبلوماسي مكثف لا يظهر لكن المهم أن تظهر نتائجه، ونحن لسنا في عزلة".
وأكد أن عدم ذهابه إلى مؤتمر برلين، مرده أن الدعوة جاءت متأخرة فنحن لا نركب القطار وهو يسير وقد أعرب العديد عن أسفهم لهذه الدعوة التي جاءت متأخرة.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، انعقد مؤتمر دولي حول ليبيا في العاصمة الألمانية برلين، بمشاركة 12 دولة و4 منظمات دولية وإقليمية، كان أبرز بنود بيانه الختامي، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار المعلن بمبادرة تركية روسية. 
وأكد سعيد أن تونس ستكون موجودة في كل الأعمال التحضيرية في المستقبل، وليس في المؤتمرات التي تتوج الأعمال التحضيرية والأوراق التي تم اعدادها قبل المؤتمر في مستوى القمة، فتونس يجب أن تكوم من أول الدول المعنية."
من جهة أخرى أكد سعيد أن تعطل زيارته إلى الجزائر كان نتيجة الانتخابات الرئاسية التي عرفتها الجزائر مؤخرا، فضلا عن مفاوضات تشكيل الحكومة في تونس."

وتابع "سأذهب إل الجزائر يوم الأحد كما وعدت، فالجزائر جزء منا"، مشيرًا إلى إمكانية الاتفاق مع الجزائر حول مبادرة واحدة لحل الأزمة الليبية يكون أساسها الليبيين،" فنحن ضد التدخل العسكري".
وتابع، "المقاربة الجزائرية هي نفس المقاربة التونسية لذلك يمكن أن نصل إلى مبادرة واحدة."
و أكد الرئيس التونسي أن بلاده "من أكبر الدول المتضررة من الأزمة الليبية، والجزائر أيضا متضررة ولا يمكن إلا أن نلتقي حول حل يكون مصدره الشعب الليبي".

من جهة ثانية، تطرّق سعيّد في المقابلة التلفزيونيّة إلى الخطّة التي اقترحتها الإدارة الأميركيّة من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، واصفًا إيّاها بأنّها "مظلمة القرن"، وقائلاً "أُكرّرها، هي خيانة عظمى".
وأضاف الرئيس التونسي "الوضع الطبيعي أن نُنهي الاغتصاب وننهي تشريد الشعب الفلسطيني... فلسطين ليست ضيعة أو بستانًا حتّى تكون موضوعًا لصفقة".
وكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء خطّةً للسلام في الشرق الأوسط تقترح "حلاً واقعياً بدولتين"، فيما قالت إسرائيل إنّها تتضمّن اعترافًا بالمستوطنات على أنّها جزء من أراضيها. وشدّد ترامب على أنّ القدس ستبقى "عاصمة إسرائيل غير القابلة للتجزئة".
وكان سعيّد دعا في وقت سابق إلى "تجريم التطبيع" واعتباره "خيانة عظمى".
وأبدى الرئيس التونسي استعداده للاعتذار باسم الدولة عن التجاوزات التي طالت في السّابق حقوق الإنسان في البلاد. 
وقال سعيّد لن أتردّد أبدًا في أن أصدع بكلمة الحقّ حينما يكون ذلك واجبًا". وأضاف "سأوضح ذلك حينما تأتي اللحظة المناسبة والتي لن أتأخّر عنها".
وأظهر التقرير النهائي لـ"هيئة الحقيقة والكرامة" التونسيّة المكلّفة النظر في ملفّات ضحايا زمن الدكتاتوريّة، مسؤوليّة سياسيّين وإعلاميّين، بعضهم ما زال يُمارس نشاطه، عن تجاوزات طالت حقوق الإنسان.
ونشرت "هيئة الحقيقة والكرامة" التي أُحدثت سنة 2014 وكُلّفت بملفّ العدالة الانتقاليّة في البلاد وأنهت أعمالها عام 2018، تقريرها الواقع في مئات الصفحات، في آذار/مارس 2019 على الرّغم من الضغوط والصعوبات التي اعترضت تنفيذ مهمّاتها، وطالبت فيه الدولة بتقديم اعتذار رسمي للضحايا.
والهيئة التي استمعت خلال السنوات الأخيرة إلى عشرات آلاف الشهود في جلسات بعضها علني والبعض الآخر سرّي، ضمّنت تقريرها التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبتها الأنظمة السياسيّة منذ العام 1955 وحتّى ما بعد الثورة التونسيّة في 2011، وتحديداً لغاية نهاية العام 2013.
وانتُخب سعيّد (61 عامًا) بغالبيّة في الانتخابات الرئاسيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر. غير أنّ البلاد لا تزال في انتظار حكومة، بعد رفض البرلمان حكومة الحبيب الجملي الذي رشّحه الحزب الأول في البرلمان "النهضة"، نتيجة خلافات وتجاذبات حادّة بين الأحزاب. 
ورشَّح سعيّد إثر ذلك وزير المال الأسبق إلياس الفخفاخ تشكيل حكومة في غضون شهر واحد تحظى بثقة البرلمان المنقسم بشدّة مضيفا "هم (الأحزاب) يتحمّلون تبعات الأزمة، والحلّ احترام كامل لنصّ الدستور".

إذا تعثّرت المشاورات والمفاوضات التي طالت أكثر من اللزوم، على كلّ طرف أن يتحمّل مسؤوليّته، والمرجع هو النصّ الدستوري

وأكد سعيّد في هذا السياق "لستُ في صدام مع أحد، ولكن إذا اقتضى الأمر ذلك، سأكون ملزمًا بطبيعة الحال بتطبيق الدستور... إذا تعثّرت المشاورات والمفاوضات التي طالت أكثر من اللزوم، على كلّ طرف أن يتحمّل مسؤوليّته، والمرجع هو النصّ الدستوري".

ولكي تنال حكومة الفخفاخ المرتقبة ثقة البرلمان، عليها أن تحوز أصوات 109 نوّاب. ويمنح الفصل 89 من الدستور التونسي رئيس الدولة إمكان حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
هناك مؤامرات وترتيبات تحاك لتونس لتعطيل المسار
وأكد الرئيس سعيد وجود مؤامرات وترتيبات تحاك لتونس لتعطيل المسار الذي تعرفه البلاد، حيث قال "هناك من يريد تعطيل المسار، وهناك من له مصالح وارتباطات مع دول وقوى أخرى (لم يسميها)". 
وأضاف، "نحن نريد أن نكون أسيادا في بلادنا"، مؤكدًا أن "القضايا التي تفتعل، تفتعل بهدف إرباك التونسيين، والتهويل الموجود للجرائم أيضا هدفه إرباك المواطنين كذلك". 
وطمأن الرئيس قيس سعيد التونسيين قائلا"حريص على أمن تونس، وقوات الأمن والجيش ستتصدى لكل محاولات الإرباك، وهي قادرة على السيطرة على كل شبر من تراب تونس".