سلطات جبل طارق تفرج عن ناقلة النفط الإيرانية

المحكمة العليا في جبل طارق تصدر قرارا يسمح لناقلة النفط الإيرانية غريس1 بالإبحار والمغادرة رغم طلب الولايات المتحدة تمديد احتجازها للاشتباه بسعيها لتسليم حمولتها إلى سوريا.

مفاوضات سرية على قاعدة المقايضة أفضت للافراج عن الناقلة الإيرانية
ظريف يتهم واشنطن بالقرصنة لمحاولتها عرقلة الافراج عن غريس1

مدريد - سمحت المحكمة العليا في جبل طارق الخميس لناقلة النفط الإيرانية التي تم احتجازها مطلع يوليو/تموز بالمغادرة رغم طلب الولايات المتحدة تمديد احتجازها للاشتباه بسعيها لتسليم حمولتها إلى سوريا.

ويبدو أن مفاوضات بين طهران ولندن جرت سرا أفضت في النهاية لتبادل الإفراج عن ناقلتي النفط الإيرانية غريس 1 والبريطانية التي تحتجزها إيران ستينا أمبيرو على قاعدة المقايضة.

وبذلك تكون الحكومة الإيرانية قد نجحت في الضغط على بريطانيا ودفعتها مكرهة للإفراج عن الناقلة غريس1 رغم الاعتراض الأميركي، فيما تشكل هذه التطورات منعطفا آخر في خضم التوتر القائم في الخليج بين طهران وواشنطن، وسط قلق متنامي من أن يحفز قرار سلطات جبل طارق إيران على تكرار عملية احتجاز ناقلات الخام في مضيق هرمز الذي تمر عبره ثلث إمدادات النفط العالمية وتهديد الملاحة البحرية فيه.

وأكدت إيران خطيا أن حمولة 'غريس 1' ليست موجهة إلى سوريا التي تخضع لحظر أوروبي وطلبت السلطات البريطانية في جبل طارق بالتالي من المحكمة رفع الحجز عنها، مطالبة أيضا طهران بالاتزام بتعهداتها.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية في بيان "علمنا أن حكومة جبل طارق تلقت ضمانات من إيران بأن غريس 1 لن تذهب إلى سوريا. على إيران الالتزام بالضمانات التي قدمتها".

وأضاف "لن نؤيد أو نسمح لإيران أو لأي شخص بالالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي الحيوية بشأن نظام استخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه".

وتابع "لا توجد مقارنة أو علاقة بين احتجاز إيران غير المقبول وغير القانوني لسفن شحن تجارية أو مهاجمتها في مضيق هرمز وتنفيذ حكومة جبل طارق لعقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا".

وقال القاضي دادلي رئيس المحكمة "لم تعد السفينة قيد الاحتجاز"، موضحا أنه لم يتلق أي طلب خطي أميركي لتمديد الحجز على السفينة بعدما كانت النيابة العامة أعلنت ذلك قبل الظهر. وقال في هذا السياق "لم يتم تقديمه لي".

لكن قرار المحكمة لا يمنع الولايات المتحدة من تقديم طلبها في وقت لاحق لاحتجاز الناقلة قبل أن تغادر المياه الإقليمية لجبل طارق في الساعات أو الأيام المقبلة.

وكانت النيابة العامة لجبل طارق قد أعلنت في وقت سابق الخميس أن الولايات المتحدة طلبت من سلطات هذه المنطقة التابعة لبريطانيا مصادرة ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" التي تحتجزها منذ شهر، بينما كانت المحكمة العليا تنظر في إمكانية الإفراج عنها.

وأعلن عن ذلك المحامي جوزف ترياي ممثل النيابة العامة أمام المحكمة العليا بدون أن يوضح على ماذا يستند طلب وزارة العدل الأميركية الذي وصل قبل ساعات.

وكان يفترض أن تتخذ المحكمة قرارا بشأن تمديد احتجاز ناقلة النفط "غريس 1" التي يشتبه بأنها كانت تنقل نفطا إلى سوريا، لتقرر لاحقا السماح لها بالمغادرة.

وقال ناطق باسم حكومة جبل طارق إن "وزارة العدل الأميركية طلبت مصادرة غريس 1 مشيرة إلى عدد من الأسباب التي تجري دراستها".

ويقضي طلب مساعدة قضائية عادة بالطلب من محكمة مثل محكمة جبل طارق، تنفيذ قرار صادر عن محكمة أجنبية، وفي هذه القضية، محكمة أميركية.

قرار المحكمة العليا في جبل طارق لا يمنع واشنطن من تقديم طلبها في وقت لاحق لاحتجاز الناقلة قبل أن تغادر المياه الإقليمية للمضيق البريطاني.

وفي الوقت نفسه أعلن ناطق باسم حكومة جبل طارق أن قبطان السفينة وأفراد الطاقم الثلاثة الذين كانوا على متن ناقلة النفط "غريس 1" وأفرج عنهم بكفالة، أطلق سراحهم رسميا.

وكانت المحكمة العليا في جبل طارق مددت حتى الآن احتجاز السفينة إلى 19 آب/أغسطس.

اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة اليوم الخميس بمحاولة القرصنة بسعيها لمنع سلطات جبل طارق من الافراج عن ناقلة النفط الإيرانية جريس 1.

وقررت سلطات جبل طارق اليوم الخميس الإفراج عن الناقلة التي احتجزت قبالة المنطقة التابعة لبريطانيا قبل ستة أسابيع.

وقالت السلطات في جبل طارق إن وزارة العدل الأمريكية قدمت طلبا للتحفظ على الناقلة التي احتجزت للاشتباه في تهريبها شحنة نفط إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

وقال جواد ظريف في تويتر "الولايات المتحدة حاولت انتهاك النظام القانوني لسرقة ممتلكاتنا في المياه الدولية. محاولة القرصنة هذه تشير إلى احتقار إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب للقانون".

وتسبب اعتراض ناقلة النفط التي يشتبه بأنها تنقل نفطا إلى سوريا منتهكة بذلك حظرا فرضه الإتحاد الأوروبي، بأزمة بين لندن وطهران.

وتنفي طهران ذلك مؤكدة أن ناقلة النفط كانت في المياه الدولية. وهي تتهم بريطانيا "بالقرصنة" وتطالبها منذ البداية بالإفراج عن السفينة.

وقامت إيران في 19 تموز/يوليو باحتجاز ناقلة النفط البريطانية "ستينا ايمبيرو" بعدما اتهمتها "بعدم احترام قواعد الملاحة البحرية الدولية".

وأثارت تصريحات أدلى بها مسؤول إيراني في سلطة المرافئ الثلاثاء تكهنات حول احتمال التوصل إلى اتفاق بين الإيرانيين والبريطانيين.

فقد أعلن جليل إسلامي مساعد مدير مؤسسة الموانئ والملاحة البحرية في إيران أن طهران تواصلت مع السلطات البريطانية في إطار الجهود المبذولة للإفراج عن ناقلة النفط التي احتُجزت قبالة سواحل جبل طارق.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن إسلامي قوله "آمل ان يتم حل هذه المشكلة في مستقبل قريب"، وأن "تتمكن السفينة من مواصلة طريقها مع رفع علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وأكد المسؤول الإيراني نفسه أن "بريطانيا أبدت اهتماما ايضا لحل المشكلة، وتم تبادل الوثائق للمساعدة في حل المشكلة".

ولم تؤكد حكومة جبل طارق ولم تنف ذلك. وقال ناطق باسمها "نواصل السعي إلى خفض التصعيد في المشاكل المطروحة منذ بدء التمديد لاحتجاز السفينة لناقلة النفط غريس 1".

وتدور مواجهة بين طهران وواشنطن منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي من الاتفاق النووي المبرم في 2015 وإعادة فرضه عقوبات على الجمهورية الإسلامية.

وأدى احتجاز ناقلة النفط وتصاعد الخلافات الدبلوماسية التي نجمت عن ذلك إلى تقويض جهود الدول الأوروبية التي تحاول إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.