سوريا تستعد لانتخاب برلمان جديد بمرشحين على قائمة العقوبات

الناخبون السوريون يتوجهوم الأحد للإدلاء بأصواتهم في 7313 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة بعد أن تم تأجيل موعد الانتخابات التشريعية مرتين منذ أبريل على وقع تدابير التصدي لفيروس كورونا المستجد، وهي ثالث انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في مارس 2011 .
منافسة بين 2100 مرشحّ بينهم رجال أعمال على قائمة العقوبات الغربية
دمشق تخصص مراكز اقتراع للنازحين من مناطق لا تزال خارج سيطرتها
السوريون خارج البلاد وبينهم ملايين اللاجئين لا يمكنهم المشاركة في الاقتراع

دمشق - تستعدّ سوريا الأحد لانتخاب مجلس شعب جديد في استحقاق يتزامن مع مرور عشرين عاماً على تولي الرئيس بشار الأسد سدّة الرئاسة، وقد أمضى نحو نصف ولايته وسط نزاع دام فاقمته عقوبات غربية وأزمات معيشية متلاحقة.

ويخوض 2100 مرشحّ، بينهم رجال أعمال بارزون مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات الغربية، سباق الوصول إلى البرلمان، في استحقاق يجري كل أربع سنوات، ودائماً ما يفوز حزب البعث الحاكم الذي يترأسه الأسد بغالبية المقاعد.

وهذه ثالث انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في آذار/مارس 2011. وتم تأجيل موعدها مرتين منذ نيسان/أبريل على وقع تدابير التصدي لفيروس كورونا المستجد.

ويتوجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم في 7313 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة. وخصصت مراكز اقتراع للنازحين من مناطق لا تزال خارج سيطرة دمشق.

وقالت عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضية هبة فطوم إن "انتخابات هذه الدورة التشريعية تأتي في وقت ينتشرُ الجيش السوري على مساحات واسعة من البلاد، بعدما استعاد السيطرة على غالبية المناطق التي كانت تحت سيطرة المجموعات المسلحة".

وأضافت "هناك صناديق في الغوطة الشرقية وريف إدلب، ومناطق أخرى لم تكن فيها مراكز انتخابية في الدورة الماضية" وضلت معقلاً للفصائل المناوئة لدمشق قبل طردها منها إثر هجمات عسكرية.

في شوارع دمشق وريفها، انتشرت صور لمرشحين كثر بينهم عن محافظتي الرقة (شمال) الخاضعة لسيطرة فصائل كردية وإدلب (شمال غرب) الواقعة تحت سيطرة فصائل جهادية، بعدما أعلنت اللجنة القضائية فتح مراكز انتخابية لمواطني المحافظتين.

وخصّصت محافظة حلب على سبيل المثال سبعة مراكز انتخابية لأبناء إدلب، وثلاثة مراكز للنازحين من الرقة. كما خصّصت مراكز انتخابية مشابهة في محافظات حماة (وسط) وطرطوس واللاذقية (غرب) ودمشق.

ولا يمكن للسوريين خارج البلاد، وبينهم ملايين اللاجئين المشاركة في الاقتراع. ونقل موقع صحيفة "الوطن" عن عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات رياض القواس، أنّه "لا يحق للمغتربين الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب إلا في المراكز الموجودة داخل البلاد بحسب قانون الانتخابات".

ويضم مجلس الشعب 250 مقعداً، نصفهم مخصص للعمال والفلاحين، والنصف الآخر لباقي فئات الشعب.

واحتلت صور رجال أعمال مرشحين مساحات كبيرة في العاصمة، أبرزهم النائب الحالي محمد حمشو والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية. وورد اسمه إلى جانب رجل الأعمال خالد زبيدي في الرزمة الأولى من عقوبات قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي، وشملت 39 شخصاً وكياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء.

وترى عبير ديبة (32 سنة)، مترجمة، أنّ "مطالب الناس دائماً هي ذاتها، وترتبط بالوضع المعيشي والخدمي". وتضيف "ربما خلال الحرب كانت الأولوية للأمان، لكن اليوم عادت الأولوية إلى الحالة الاقتصادية".

وتشهد سوريا منذ نحو عشر سنوات، أي نصف ولاية الرئيس الأسد تقريباً، أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

وتولى الأسد الرئاسة في 17 تموز/يوليو 2000 خلفاً لوالده حافظ الذي حكم البلاد طيلة 30 عاماً. وفي العقد الأول من ولايته، قاد الرئيس الشاب سياسة انفتاح اقتصادي، إلى أن واجه حركة احتجاجات العام 2011، تحولت إلى نزاع دام خسر في سنواته الأولى السيطرة على محافظات بأكملها.

وبفضل دعم حليفين أساسيين، روسيا وإيران، استعاد الأسد تدريجياً الجزء الأكبر من مساحة البلاد، وبات اليوم يسيطر على أكثر من سبعين في المئة منها وتضم غالبية المدن الرئيسية.

ومقابل التقدم الميداني، اشتدت على مر السنوات العقوبات الأميركية والأوروبية، آخرها قانون قيصر الذي يفرض عقوبات مالية على مسؤولين ورجال أعمال سوريين وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، وينصّ على تجميد مساعدات إعادة الإعمار.

وتشترط واشنطن لرفع العقوبات إجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي "جرائم الحرب" ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية صيف 2021، في استحقاق تشهده البلاد كل سبع سنوات، تكثر التحليلات عما إذا كانت سوريا تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم.

وأعلن الموفد الدولي إلى سوريا غير بيدرسن الشهر الماضي عزمه استئناف محادثات اللجنة المكلفة مراجعة الدستور السوري في نهاية آب/أغسطس في جنيف.

ويقول المحلل السياسي السوري أسامة دنورة "التوافق الدولي موضوع طويل الأمد ومعقد ومن الواضح أنه ما من تفاهم بين كل الدول التي كانت طرفاً في الحرب السورية".

ويضيف "أعتقد أن الحكومة السورية منفتحة على الحل بدون ربط ذلك مع العقوبات، حتى لو تطلب الأمر التوصل إلى اتفاق يقتضي إعادة الانتخابات التشريعية، عندما يكون هناك تفاهم على دستور جديد".

وينتخب البرلمان المقبل في أول جلسة يعقدها رئيساً له، وتتحول الحكومة عندها إلى حكومة تسيير أعمال، إلى حين تعيين الأسد رئيساً جديداً للوزراء يكلف بتشكيل حكومة جديدة.

ويواكب البرلمان المنتخب الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويحتاج أي مرشح فيها، وفق دنورة، إلى "موافقة خطية من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب".

ولطالما كرّر مسؤولون سوريون آخرهم وزير الخارجية وليد المعلم الشهر الماضي أن الأسد سيبقى رئيساً "طالما الشعب السوري يريده أن يبقى".