سياسات الغنوشي تدفع النهضة نحو عزلة سياسية

لائحة سحب الثقة من الغنوشي نجحت في إحداث استقطاب وفرز بين من هم مع الاسلام السياسي ومن هم مع الدولة المدنية.
التيار يتهم غرفا مظلمة تابعة للنهضة باحداث انقسامات داخل الاحزاب الوسطية
قلب تونس يخسر شعبيته لدعمه بقاء الغنوشي على راس البرلمان

تونس - تمكن رئيس حركة النهضة الإسلامية ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من كسب معركة البقاء على راس احد أهم المؤسسات الدستورية في البلاد بسقوط لائحة سحب الثقة منه لكنه في المقابل كسب عداوة جل الأحزاب والتيارات الفكرية حتى التي دخلت في توافقات مرحلية مع حزبه في حكومة الياس الفخفاخ.
وكان الغنوشي نجا الاسبوع الماضي من تصويت لسحب الثقة منه اليوم الخميس بعد أن فشل النواب المعارضون له في تجميع الأصوات الكافية لذلك.
وبينما كانت المعارضة تحتاج 109 أصوات لسحب الثقة من الغنوشي، فقد حصلت على 97 صوتا في حين صوت 16 نائبا ضد اللائحة و18 نائب صوتوا باوراق مغلوطة لم تحسب وهو ما اعتبر تواطئا من عدد من النواب مع كتلة النهضة.
وتسبب عدم تمرير اللائحة وبقاء الغنوشي رئيسا للبرلمان التونسي جدلا واسعا حيث يعتقد ان فوزه بفارق ضئيل سيعزز الانقسامات السياسية في البلاد ما ستؤدي الى نتائج وخيمة على الإسلام السياسي وقدرته على المناورة في المدى القريب والمتوسط.
وتمكن القائمون على اللائحة وفي مقدمتهم كتلة الحزب الدستوري الحر من احداث زخم ضد النهضة واحداث استقطاب بين من هم مع الاسلاميين و ضدهم في معركة ستكون حامية الوطيس ضد الإسلام السياسي.
وكانت عبير موسي رئيسة كتلة الدستوري الحر اكدت عقب سقوط اللائحة بان الجدل القائم مكن من الفرز بين من يتواطئون مع التيار الاخواني في اشارة الى النهضة وبين منهم ضدهم مشيرة بان الفرز مثل اكبر مكسب للتيار المدني والبورقيبي.
والمعركة البرلمانية كما هو الحال مع المعركة في المستوى الحكومي ستكون صعبة على التيار الاخواني والديني حيث عبرت احزاب وسطية وقومية على غرار التيار الديمقراطي وحركة الشعب عن رفضها الدخول في حكومة بمشاركة النهضة بعد ان قبلت سابقا الدخول في حكومة توافقية مع الإسلاميين بقيادة الياس الفخفاخ.
لكن التيار اكد بان التجربة مع النهضة أثبتت بان الاسلام السياسي يسعى جاهدا للسيطرة على الحكم ومفاصل الدولة لتحقيق مصالحه بعيدا عن المصلحة الوطنية وان الاحزاب الوسطية لن تعيد تلك التجربة في حكومة رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي.

ووجهت النائبة البارزة في التيار سامية عبو انتقادات حاسمة ضد النهضة معتبرة انها سبب ازمة تونس منذ الثورة وان البلاد عاشت في عهد الاسلاميين كوارث اقتصادية واجتماعية وانتشارا للفساد.
واضافت سامية عبو في تدوينة عبر صفحتها الرسمية على الفايسبوك الاثنين "اما دولة القانون او المؤسسات واما حركة النهضة".
وفي محاولة من الإسلاميين لتفكيك جبهة بدات تتكون ضدهم سواء في السلطة التنفيذية او التشريعية بدات بعض الغرف المغلقة التابعة لهم الى إحداث شروخ داخل الاحزاب الوسطية والمدنية وفق تدوينة لرئيس كتلة التيار هشام العجبوني الاثنين.
وحاول المحامي المعروف بقربه من التيار الإسلامي شكيب درويش نشر معلومة عبر اذاعة " اي اف ام" الخاصة الاثنين تفيد بوجود انقسام داخل التيار بعد ان صوت 6 من نوابه لصالح الغنوشي وضد لائحة سحب الثقة منه وان هنالك نية لطردهم.
لكن درويش تعرض لانتقادات حادة من قبل العجبوني الذي وصف تصريحاته بالمغلوطة وانها جزء من حملة الغرف المظلمة لحركة النهضة ضد كل من يعارضها ما دفع درويش في النهاية الى تقديم اعتذار على تلك المعلومات المغلوطة.
ومن المنتظر ان تعيش حركة النهضة عزلة سياسية في الفترة المقبلة بعد ان وجهت سهام نقدها لاغلب الاحزاب ولم يبقى من حلفائها سوى ائتلاف الكرامة الوجه الاكثر تطرفا وحزب قلب تونس الذي خسر خزانه الشعبي بسبب مواقفه السياسية.
وتعرض قلب تونس وزعيمه نبيل القروي لانتقادات كبيرة وصلت الى جد اتهامه بالعمالة وخيانة الوطن بسبب موقف الكتلة الرافض للتصويت على سحب الثقة من الغنوشي.

وادى هذا القرار الى انقسام كتلة قلب تونس واستقالة النائبة ليليا بالليل وخسارة شعبية كان يحظى بها الحزب بسبب تبنيه مواقف حاسمة ضد الاسلام السياسي فترة الحملة الانتخابية والتشريعية في 2019.
ويظهر ان قلب تونس وزعيمه اختارا المناورة السياسية والتقارب مع النهضة ما سيكلفه باهضا في الانتخابات المقبلة وهو ما تظهره اغلب استطلاعات الراي.