سيل من الحجج والحجج المضادة في معركة عزل ترامب

الديمقراطيون يتهمون الرئيس السابق بأنه كان المحرض الرئيسي على اقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير، فيما تشير شهادات جمعها القضاء إلى أن الهجوم على الكابيتول خطط له مسبقا.
أمام الادعاء والدفاع 16 ساعة على مدى يومين لعرض حججهم
ترامب يتوارى عن الظهور الإعلامي استعدادا لمعركة انتخابية قادمة
الرئيس الأميركي السابق لايزال يحظى بدعم كبير من الجمهوريين
هدف الديمقراطيين قطع الطريق على عودة ترامب المحتملة للحياة السياسية

واشنطن - اتّهم المدّعون الديمقراطيون الأربعاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في اليوم الثاني من محاكمته في مجلس الشيوخ، بأنه كان "المحرّض الرئيسي" على اقتحام مقر الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني وأعمال العنف التي رافقت ذلك.

وبموجب القوانين المرعية في محاكمة الرؤساء أمام مجلس الشيوخ، أمام كل من طرفي الادعاء والدفاع 16 ساعة على مدى يومين لعرض حججهم.

ويتولى تسعة نواب ديمقراطيين مرافعات الادعاء ويعتمدون في مهمتهم هذه على عرض تسجيلات فيديو صادمة.

وعلى الرغم من حظوظهم في إقناع ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ بإدانة ترامب، وهو العدد الذي يفرضه الدستور لذلك، يسعى المدعون أقلّه إلى التأثير بالرأي العام في جلسات تبث مباشرة في أنحاء الولايات المتحدة كافة.

وقال رئيس فريق الادعاء جيمي راسكين "ستظهر لكم الأدلة أن الرئيس السابق ترامب لم يكن متفرجا بريئا"، وأنّه "تخلى عن دوره كقائد أعلى للجيش وصار محرضا رئيسيا على تمرّد خطير".

وأضاف في القاعة نفسها التي اقتحمها مناصرو الملياردير الجمهوري قبل أن يعبثوا بالمكاتب بعد لحظات من الإجلاء الطارئ لنائب الرئيس مايك بنس ولأعضاء مجلس الشيوخ، إن "الرئيس هو من أرسلهم".

وقال إن ترامب "ارتكب جريمة كبرى بحق دستورنا وشعبنا وأسوأ انتهاك للقسَم الرئاسي في تاريخ الولايات المتحدة"، مضيفا "لذا يجب أن يدان في مجلس الشيوخ".

وفي حال إدانته، سيطلب الديمقراطيون فورا إجراء تصويت ثان على اعتباره فاقد الأهلية.

ووصف الديمقراطيون حملة التضليل التي أطلقها ترامب بشأن الانتخابات الرئاسية من دون إعطاء أي دليل على ذلك بأنها "الكذبة الكبرى".

الديمقراطيون يخوضون معركة مصيرية لحرمان ترامب من العودة للحياة السياسية
الديمقراطيون يخوضون معركة مصيرية لحرمان ترامب من العودة للحياة السياسية

ويقيم ترامب حاليا في اقامته الفخمة في فلوريدا ولن يمثل أمام مجلس الشيوخ للإدلاء بإفادته. وبعدما تم تعليق حسابه على تويتر آثر الابتعاد عن الأضواء وذلك ربما في إطار سعيه للتحضير لعودته إلى الساحة السياسية لخوض انتخابات العام 2024، وهو أمر كان قد ألمح إليه.

وقال ديفيد شون أحد محامي الدفاع عن الملياردير الجمهوري إنّ "هذه المحاكمة "تستغل سياسيا" وسوف تؤدي إلى "تمزيق البلاد"، مضيفا أن "أميركيين كثرا يرونها على حقيقتها: محاولة من قبل مجموعة سياسيين لإخراج دونالد ترامب من الحياة السياسية".

ولا يزال الرئيس السابق يحظى بدعم قوي في صفوف الحزب الجمهوري وحظوظ تبرئته وافرة، وقد يتم إسقاط التهمة عنه في مطلع الأسبوع المقبل. وأمام محاميه 16 ساعة لعرض حججهم.

والثلاثاء بدا الديمقراطيون مصمّمين على تذكير أعضاء مجلس الشيوخ المئة الذين يشكّلون هيئة المحلّفين في هذه المحاكمة، كما والأميركيين، بالعنف الذي سجّل في ذاك اليوم وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص.

وقد عرضوا تسجيلا مدّته نحو عشر دقائق، سلّط الضوء على تسلسل الأحداث التي سبقت اقتحام مقر الكونغرس وشملت:

- خطاب ترامب الذي دعا فيه الآلاف من مناصريه المجتمعين المحتشدين أمام البيت الأبيض للتوجّه إلى مقرّ الكونغرس "للتظاهر بشكل سلمي ووطني". وقال "لن تستعيدوا بلدنا إن كنتم ضعفاء".

- افتتاح جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس للمصادقة على فوز خصمه جو بايدن بالرئاسة.

- مشاهد المتظاهرين وهم يتخطّون حواجز الشرطة ويقتحمون مقرّ الكونغرس ويجولون في أروقته بحثا عن برلمانيين.

وذكّروا أنّه بعد ساعتين، نشر ترامب تسجيل فيديو جدّد فيه التأكيد على أنّ الانتخابات "مزوّرة". وفي حين دعا المتظاهرين إلى العودة لمنازلهم قال لهم "نحن نحبكم".

وهي تصريحات استعادها الأربعاء راسكين الذي قال كنا نعتقد أن الرئيس سيعمد إلى "طمأنة الأميركيين، لكن هذا ما قاله: أعلم أنكم مجروحون، الانتخابات سرقت منا".

وفي سياق متّصل، أعلنت النائبة العامة في ولاية جورجيا الأربعاء أنها فتحت تحقيقا بشأن مساعي ترامب تغيير نتائج انتخابات الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني عبر ممارسة ضغوط على مسؤولين محليين للتلاعب بالفرز.

والاثنين جاء في مرافعة مكتوبة لمحامي ترامب أن تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال عنف ارتكبتها "مجموعة صغيرة من المجرمين" الذين "أساؤوا فهمه تماما" هو أمر "عبثي بكل بساطة"، مشددين على أن 'الرئيس' "حضّهم على البقاء سلميين".

ولا تزال التدابير الأمنية في محيط مقر الكونغرس تذكّر بأعمال العنف مع انتشار عناصر الحرس الوطني والحواجز العالية.

والثلاثاء تمحورت النقاشات حول دستورية محاكمة رئيس في مجلس الشيوخ بهدف عزله بعد انتهاء ولايته، وهو ما يشكل سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

اقتحام انصار ترامب لمبنى الكونغرس خلف شرخا عميقا في الديمقراطية الأميركية
اقتحام انصار ترامب لمبنى الكونغرس خلف شرخا عميقا في الديمقراطية الأميركية

ويعتبر محامو ترامب أن المحاكمة "عبثية وغير دستورية" لأن الرئيس السابق أصبح "مواطنا عاديا" وبالتالي لا يمكن عزله من الرئاسة.

ويعتبر الديمقراطيون أن الجمهوريين يشددون على هذه الحجة لتجنّب إبداء موقف من سلوك ترامب. وفي نهاية المطاف حسم الأمر بالتصويت بالأكثرية المطلقة على هذه المسألة. وإلى جانب الأعضاء الديمقراطيين الخمسين في المجلس صوّت ستة جمهوريين لصالح دستورية المحاكمة وبالتالي المضي بها.

ومع بداية محاكمة الرئيس السابق بتهمة "التحريض على التمرد"، تظهر الإفادات والشهادات التي جمعها القضاء الأميركي أن الاعتداء على مبنى الكابيتول في واشنطن في 6 يناير/كانون الثاني، تم التخطيط له مسبقا، ففي 19 ديسمبر/كانون الثاني 2020، ردت مصففة شعر في بيفرلي هيلز على تغريدة لدونالد ترامب دعا فيها الملايين إلى "تظاهرة حاشدة" في واشنطن وكتب "تعالوا، سيكون الأمر جنونيا!". وردت جينا بيزينيانو عليه "سنكون هناك".

في الوقت نفسه، كان اثنان من قادة جماعة "براود بويز" المتطرفة يخططان ليوم السادس من يناير/كانون الثاني.

ومن منزله في ولاية واشنطن (شمال غرب)، أطلق إيثان نورديان حملة لجمع الأموال من أجل شراء معدات للحماية والاتصالات، فيما دعا إنريكي تاريو في فلوريدا في تسجيل صوتي أنصاره إلى ارتداء ملابس سوداء وطلب منهم الاستعداد للمعركة. وقال وقتها "إنه أمر جدي. نحن في حالة حرب".

وضمن صفوف "براود بويز" وداخل الميليشيا اليمينية المناهضة للحكومة "أوث كيبرز" وبين أتباع حركة "كيو-انون" وبين مؤيدي دونالد ترامب، كانت الرسالة واضحة قبل أسابيع: الرئيس في حاجة إليكم لمنع الكونغرس من أن يصادق على فوز جو بايدن.

وبعد تغريدة دونالد ترامب، أعلن العديد من الموالين للرئيس السابق أنهم سيأتون إلى واشنطن. كان يريد البعض المشاركة في احتجاج أخير مؤيد لترامب، لكن آخرين قالوا إنهم يريدون منع المصادقة على نتائج الانتخابات ومعاقبة "الخونة" في الكونغرس.

وجهّز العشرات منهم أنفسهم بخوذ قتالية وأسلحة صعق كهربائي "تيزر" وسترات واقية من الرصاص. وحمل بعضهم أسلحة نارية.

وفي اليوم السابق للاعتداء، وضعت قنابل محلية الصنع أمام مبنيين قرب الكابيتول. لم تنفجر القنابل وربما كانت تهدف إلى إبعاد الشرطة عن الكابيتول، مبنى الكونغرس، قبل الهجوم مباشرة.

ووفقا لوثائق المحكمة، فإن الأكثر تنظيما بين الجماعات "براود بويز" و"أوث كيبرز" التي تضم عسكريين ورجال شرطة سابقين.

في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، دعا توماس كالدويل قائد "أوث كيبرز" في بيريفيل على مسافة 100 كيلومتر غرب واشنطن، أنصاره للانضمام إليه في ضواحي العاصمة الأميركية لحضور اجتماع تحضيري.

وكتب على فيسبوك "فليحاولوا المصادقة على هذا الهراء في الكابيتول هيل فيما يكون مليون وطني في الشوارع. الوضع سيكون ساخنا. يجب ضربهم وسحقهم".

في بريدجفيل في ولاية بنسلفانيا، كان عضو جماعة "براود بويز" والمؤيد لحركة "كيو-انون" كينيث غرايسون (51 عاما) يستعد أيضا لذلك اليوم.

في 23 ديسمبر/كانون الأول، وفقا لوثائق قانونية، كتب في رسالة نصية لعائلته وأصدقائه "أنا مستعد إذا طلب منا ترامب مهاجمة هذه الدناءة في الكابيتول (...) لن يسرقوا هذه الانتخابات".

في 29  من الشهر ذاته، قال المحامي وليام كالهون من جورجيا على فيسبوك إن الحضور الشخصي في واشنطن في 6 يناير "كان مهما جدا"، محذرا "نحن الشعب ليس لدينا خيارات واقعية أخرى للتعبير عن نيتنا للمطالبة بانتخابات نزيهة الآن وفي المستقبل. وإلا...".

وبعد أسبوع، أعلن أنه في طريقه إلى واشنطن "لإخبارهم بأن هذه هي فرصتهم الأخيرة" لتصحيح التزوير "وإلا فسيواجهون مشكلات أكبر".

وفي صباح السادس من من يناير، قام روني ساندلين من ممفيس في ولاية تينيسي (جنوب) ونايثان ديغرافي من لاس فيغاس (غرب) بتسجيل مقطع فيديو عن مشاريعهما.

وقال ساندلين "أعتقد أن الوقت حان لاحتلال الكابيتول ولا أقول ذلك بخفة. إذا كان من الضروري احتلال الكابيتول، فسنحتل الكابيتول. سيتم تحديد كل شيء الساعة الأولى بعد الظهر".

وبعد الاعتداء، صور مثيرو الشغب أنفسهم لإعلان انتصارهم ونشروا مقاطع الفيديو على فيسبوك. وقال كالهون "اليوم، أثبتنا نحن الشعب الأميركي أننا نملك السلطة".

وقام عضوان في حركة "براود بويز" هما نيكولاس أوكس من هاواي ونيكولاس ديكارلو من تكساس، ببث فيديو مباشر من الكابيتول. وقال أوكس "جئنا لمنع سرقة الانتخابات" وأضاف ديكارلو "هذا ما أتيت من أجله. وقد فعلناها!".