سُكينة حبيب الله تقترح خطة بديلة

عالم الشاعرة المغربية ينفتح على محاولات متكرِّرة لإيجاد خُططٍ بديلة والتحايل قدر الإمكان على الحياة وانعطافاتها المفاجئة وخيباتها التي لا تنتهي.
بكلمات قليلة تُكثِّف الشاعرة لحظتها الشعرية حين تكتب، "بحركةٍ واحدة"
الشاعرة تتخذ من الأشياء العابرة سبيلاً إلى ما هو أعمق وأقرب إلى الذّات

ميلانو (إيطاليا) ـ صدرت حديثاً عن منشورات المتوسط – إيطاليا، مجموعة شعرية جديدة للشاعرة المغربية سُكينة حبيب الله، وجاءت بعنوان "خطة بديلة". ينفتح عالم سكينة حبيب الله الشعري في مجموعتها هذه، على محاولات متكرِّرة لإيجاد خُططٍ بديلة والتحايل قدر الإمكان على الحياة وانعطافاتها المفاجئة وخيباتها التي لا تنتهي، يتضح ذلك بشكل مُلفت من خلال القصيدة الأولى التي جاءت على ظهر الكتاب، وعلى اتساقٍ تام مع الغلاف وهو يحشدُ مجموعة من الأشخاص أثناء سقوطهم في هاوية ما؛ هكذا وبكلمات قليلة تُكثِّف الشاعرة لحظتها الشعرية حين تكتب، "بحركةٍ واحدة":
السقوط
إنَّهُ السقوطُ العظيمُ
ما يجعلُ نهراً 
يتحوّل
إلى
شلّال.
تكتب سُكينة قصائد تختزل فيها المسافة بين السيناريو المُحكم لكل خُططِها البديلة، وما تقترحُه من إحالات تلتزم بالشِّعري في كلِّ جملة وتوليفةٍ لغوية، مُتَّخذةً من الأشياء العابرة سبيلاً إلى ما هو أعمق وأقرب إلى الذّات، كما لو أنَّها لعبة مكاشفة بين عدَّة مرايا في غرفةٍ واحدة، قد ندخلها من بابٍ واحدٍ، لكنَّنا لا نخرج إلا وقد صرنا أطيافاً تجوب المكان بذاكرة وظَّفت لها الشاعرة أدقَّ الكلمات لتفردها بين دفتي كتاب.  

من الشعر المغربي
معايشة التجربة الحياتية 

جاء في قصيدة "صُورة تخطيطِ الصّدى لامرأةٍ عاديّة":
لا تلتفتْ إليّ، أيّها العالم،
أنا مُجرّد امرأةٍ عادية
أعلمُ أنَّ النَّظَرَ في عينَيّ
يبعثُ على الخوف.
عيناي اللتان من أبيض وأسود؛
كصورةِ إيكوغرافي
تحملُ الخبرَ السَّيِّئ.
مقترحات سكينة تصل حدَّ الموت منتهي الصلاحية، مروراً بأربع محاولات لتجميع عظام جثة، إلى العلاج بالأرق، وما بينها من قصائد تروي في متنها الشعري إن جاز التعبير، سيرة حياةٍ غير ناقصة، بل كاملة التفاصيل بكل ما في الخيبة من أحلام محطَّمة، وبدائل فاشلة للإمساك بخيط الضوء وسط العتمة.
 ونقرأ في قصيدة "Agrafeuse":
فوقَ شفاهِنا الصَّغيرةِ الباسمة
استقرَّ الدّبّوسُ الحديدي
حين ضغطتِ السكرتيرةُ ساهيةً على الكبّاسة
كي تُثبِّتَ صورَنا المدرسية.
الآن .. كبرْنا
وكما كان متوقَّعاً
كلّما حاولْنا الكلام،
تقاطر
من أفواهِنا
الصدأ.
لا شك أنَّ سكينة حبيب الله في كتابها الجديد هذا، وهي تبحث عن خطة بديلة واقتراحاتٍ لأشياء نفقدها كلَّ يوم؛ لم تنس أن تصنع خطة بديلة أخرى للكتابة، تتجسد من خلال المزج بين الشعر والسرد في نفسٍ واحد يحيلُ على مناطق جديدة واكتشافات لا تخلو من التجريب ومعايشة التجربة الحياتية شعراً والتمسُّك بالقصائد في مواجهة العالم.
"خطة بديلة" مجموعة شعرية هي الثالثة الصادرة للشاعرة سكينة حبيب الله، جاءت في 72 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" لسنة 2019، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
سكينة حبيب الله: شاعرة وروائية من مواليد الدّار البيضاء. درست الاقتصاد ثم تخصصت في القانون باللغة الفرنسية. مُنحت سنة 2015 جائزة بلند حيدري للشعراء العرب. لها ثلاث مجاميع شعرية منشورة "ربع قرن من النظر"، لبنان، 2014. و"لا لزوم لك"، المغرب، 2015. ثم "خمس فراشات منزوعة الأجنحة"، القاهرة، 2016. وفي نفس السنة أصدرت روايتها الأولى "بيت القشلة" بمنحة الصندوق العربي للثقافة والفنون بلبنان. كما استفادت من منحة مؤسسة المورد الثقافي لإنجاز روايتها الثانية "أنا من قتلَ زبيدة" تصدر قريباً. شاركت في العديد من المهرجانات الشّعرية والأدبية داخل وخارج المغرب.