شارة استئناف المظاهرات تنطلق من لبنان على وقع جلسة البرلمان

أعضاء البرلمان اللبناني تم استقبالهم برش المطهرات لدى وصولهم لحضور جلسة تشريعية تغير مكان إقامتها من مقر البرلمان إلى مسرح الأونيسكو ببيروت.

بيروت - استُقبل أعضاء البرلمان اللبناني برش المطهرات لدى وصولهم لحضور جلسة برلمانية اليوم الثلاثاء تغير مكان إقامتها من مقر البرلمان إلى مسرح، للسماح بمسافات التباعد الاجتماعي بين الحاضرين للحد من تفشي فيروس كورونا، وذلك بالتزامن مع عودة المتظاهرين اللبنانيين إلى الاعتصام احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية.

وشهد محيط قصر الأونسكو في بيروت حيث نقلت جلسة النواب تجمعاً للمحتجين الذين انطلقوا من بيروت وعدد من المناطق اللبنانية للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها لبنان.

وأكد المحتجون استمرار ثورتهم التي انطلقت في 17 تشرين أول/أكتوبر  الماضي "حتى تحقيق المطالب التي انطلقت من أجلها"، معتبرين أن "الموت بسبب كورونا يشبه الموت بسبب الجوع والعوز".

وأعلنوا أنهم "لن يتراجعوا عن تحركاتهم، وأن كورونا لن تمنعهم عن تحقيق مطالبهم".

وقيست درجات الحرارة لأعضاء البرلمان لدى وصولهم إلى قصر اليونسكو وقام رجل يرتدي حلة واقية برش أقدامهم بالمطهر. وكان كثيرون منهم يرتدون الكمامات أثناء إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام.

وجلس رئيس البرلمان نبيه بري إلى مكتب على المسرح مع بدء الجلسات التي تستمر ثلاثة أيام.

على جدول أعمال جلسات البرلمان 66 بنداً من أهمها مشروع قانون لتنظيم زراعة الحشيشة لأهداف طبية وقانون عفو مثير للجدل واقتراح برفح الحصانة من المحاكمة عن الوزراء

 

وسيناقش أعضاء البرلمان مشروعات قوانين منها قانون ينظم زراعة نبات القنب لاستخدامه للأغراض الطبية، وقانون عفو مثير للجدل، واقتراح برفح الحصانة من المحاكمة عن الوزراء.

وحالت أزمة فيروس كورونا دون مواصلة المحتجين اللبنانيين استكمال مظاهراتهم ضد الطبقة السياسية واحتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها رغم التعبئة العامة المستمرة منذ أكثر من شهر في البلد الذي يعاني أسوأ أزمة في تاريخه زادت حدتها مع تسجيل 677 إصابة بالوباء المستجد بينها 21 وفاة. 

وفور بدء جلسة البرلمان وعلى جدول أعمالها 66 بنداً، أقر البرلمان اتفاقية قرض سابقة مع البنك الدولي بقيمة 120 مليون دولار، لدعم النظام الصحي وسط أزمة فيروس كورونا المستجد. كما أقرّ قانوناً لمكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد.

وعلى جدول الأعمال تشريع زراعة الحشيشة لأهداف طبية، في بند يلقى إجماعاً من غالبية الكتل، ومن شأن إقراره توفير مداخيل مالية للخزينة. وشكلت الحشيشة، المعروفة بـ"نوعيتها الجيدة"، خلال الحرب الأهلية (1975-1990) صناعة مزدهرة كانت تدر ملايين الدولارات قبل حظرها.

وبخلاف تشريع زراعة الحشيشة، لا يحظى اقتراحان حول العفو العام بإجماع نيابي، إذ يدعم حزب الله وحليفته حركة أمل وكذلك تيار المستقبل إقرار العفو، في حين تعارضه الكتل المسيحية الرئيسية.

ويشكّل العفو العام مطلباً لأهالي ما يُعرف بـ"الموقوفين الإسلاميين" وعددهم 1200 تقريباً. يتحدّر القسم الأكبر منهم من مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية والموالية تقليدياً لتيار المستقبل برئاسة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري. وهم متهمون بجرائم عدة بينها قتال الجيش والاعتداء عليه والمشاركة في جولات اقتتال دامية داخل المدينة والتخطيط لتفجيرات.

كما تطالب به عائلات الآلاف من الموقوفين والمطلوبين من منطقتي بعلبك والهرمل (شرق) حيث يتمتع حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري بنفوذ كبير. وغالبيتهم متهمون بجرائم مخدرات وسرقة سيارات وزراعة الحشيشة.

ومن بين البنود أيضاً اقتراح قانون برفع الحصانة عن النواب والوزراء، ما قد يمهد مستقبلاً لملاحقتهم بتهم الفساد.

ورغم إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، شارك عشرات المتظاهرين، الذين انكفأت تحركاتهم بعد تشكيل الحكومة مطلع العام ومن ثم انتشار الفيروس، في مسيرات في السيارات احتجاجاً على الأوضاع المعيشية وغياب معالجة التحديات الاقتصادية الملحة عن الجلسة.

في وسط بيروت وقبل انطلاق مسيرة السيارات، قالت المتظاهرة لينا العدوي (54 عاماً) لفرانس برس "قررت النزول إلى الشارع لأن الدولة لم تقم بشيء حتى الآن، ولم نرّ أي إصلاحات".

وأضافت أن "فيروس كورنا فاقم الحالة الاقتصادية والمعيشية، من بطالة وارتفاع في سعر صرف الدولار ومن فقر وجوع"، مشددة على أن الناس "سيحتشدون" في الشارع فور انتهاء أزمة فيروس كورونا المستجد.

وتوجهت عشرات السيارت من نقاط عدة في اتجاه قصر الاونيسكو ورفعت غالبيتها الأعلام اللبنانية التي زينت أيضا الكمامات التي ارتداها المحتجون.

وتشهد البلاد انهياراً اقتصادياً وأزمة سيولة حادة تفاقمت بعد بدء احتجاجات غير مسبوقة في تشرين الأول/أكتوبر ضد الطبقة السياسية. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الماضية.

وتعمل الحكومة حالياً على وضع خطة اقتصادية "إنقاذية" تثير انتقادات كثيرة حتى قبل إقرارها. وتقدّر السلطات حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.

واعتبر رئيس جميعة مصارف لبنان أن مشروعات الخطط التي تضعها البلاد للتعامل مع أزمتها المالية تحمّل البنوك أغلب التكلفة وتبعث بالرسالة الخطأ للمستثمرين الذين تحتاج إليهم البلاد بشدة، مطالبا الحكومة "برفع يدها عن المصارف".

وتلقي تصريحات سليم صفير، التي نشرتها صحيفة اليوم الثلاثاء، الضوء على المعارضة الشديدة داخل القطاع المصرفي لمشروع الخطة الذي ظهر في وقت سابق هذا الشهر للخروج بلبنان من أزمته المالية والاقتصادية.

ويدعو مشروع الخطة لحل الأزمة لإعادة هيكلة البنوك التجارية، متوقعا خسائر في القطاع المصرفي بقيمة 83 مليار دولار، ويدعو إلى "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين" من بين خطوات سياسية أخرى صعبة.

وكتب صفير في صحيفة ديلي ستار "وضع الغالبية العظمى من العبء والتكلفة على القطاع المصرفي يثير تساؤلات بشأن التزام الحكومة بإصلاحات القطاع العام التي طال انتظارها، خاصة وأنه ليس سرا أن أم المشاكل هو الفساد وسوء الإدارة".

وفقدت العملة اللبنانية نصف قيمتها منذ أكتوبر تشرين الثاني، إذ تصاعدت حدة الأزمة المالية وحيل بين المدخرين ومدخراتهم بالعملة الصعبة.

وتتضمن إعادة الهيكلة المقترحة لميزانيات البنوك التجارية العمومية عملية إنقاذ كاملة من المساهمين الحاليين تتمثل في شطب رؤوس أموال بقيمة 20.8 مليار دولار، في حين تجري تغطية الباقي البالغ 62.4 مليار دولار من خلال "مساهمة استثنائية عابرة من كبار المودعين".

ووجه صفير اللوم إلى الحكومات المتعاقبة التي قال إنها أهدرت موارد الدولة واقترضت المال من المصرف المركزي الذي لم يكن أمامه خيار سوى مساعدة الدولة وتزويدها بالسيولة اللازمة لاستمرار سير المرافق العامة.