شاعرة توغل في ترانيم صمتها

قصائد أمل رفعت تتناول الصمت المسموع والناتج عن المعاناة في كل مناحي الحياة.
التضاد في العنوان يعكس أهمية كبيرة في جذب القارئ بالتشويق والفضول 
جليدُ الوحدةِ على مقاعد الانتظار؛ عاصفةُ الزهدِ أم نوةُ الاحتراق؟

القاهرة ـ صدر حديثًا عن دار المفكر العربي المجموعة الشعرية "ترانيم الصمت" للكاتبة المصرية أمل رفعت. تتناول المجموعة قصائد من شعر التفعيلة وخاصة تفعيلة (فاعلن) وتفعيلة (مستفعلن) ويشارك شعر التفعيلة مجموعة من القصائد النثرية بها عبق نثر السبعينيات الممزوج بالإيهام والإبهام، ومن العنوان يتضح لنا أن القصائد تتناول الصمت المسموع والناتج عن المعاناة في كل مناحي الحياة، ولا يمنع أيضًا أن تكون السعادة صامتة تلوح لنا من بعيد بترانيم شجية. 
والكتاب يحتوي على العديد من القصائد تقع في مائة وخمسين صفحة. والعنوان له أبعاد عدة؛ فالترنيمة من رنم يترنم ترنمًا، وجمعها ترانيم، وهي أنشودة خفيفة اللحن؛ قد تكون لحنًا جنائزيًا يُرتل في المعابد، وللعنوان دلالات كثيرة تسمح للقارئ بالتأويل، وخاصة أن الصمت ليس له صوت وهو الجزء الثاني من العنوان "ترانيم الصمت"، وهذا التضاد يعكس أهمية كبيرة في جذب القارئ بالتشويق والفضول. 
وبعد تجاوز العتبة الأولى، وهي العنوان يأتي الغلاف، الذي عبّر بصورة رائعة عن المحتوى، وذلك بوضع فتاة الغلاف يدها على فمها، كذلك الألوان المصمتة التي توحي بالتحذير من الكلام، واستمرار الصمت المطبق حتى نسمع ترانيمه.
الإهداء كعتبة رئيسية ارتبط بما سبقه فتقول الكاتبة في الإهداء: "جليدُ الوحدةِ على مقاعد الانتظار؛ عاصفةُ الزهدِ أم نوةُ الاحتراق. تخير شانئتِي أيها الأبتر! إلى كلِّ مَنْ يجلس على مقاعدِ الانتظار أهديه مجموعتي الشعرية." 
وحين تفقد المجموعة نجد أن الإنتظار مرتبط بالصمت فتقول الشاعرة مثلا في جزء من هذه المقطوعة النثرية:
سِرُّ انقيادي
شوقٌ وتعلق
دعِ التجلي يصبُ إليكَ
بروحي على أبوابِ انتظار
والقلب شيعتهُ مِن قبل ارتحال
انكساري زيف؛ فمدْ لي خيوطَ الوصلِ؛
فالعين يغشاها الضباب.
أما قصيدة نهاية الغلاف ففيها لغة العيون، وهي لغة صامتة فتقول الشاعرة: 
لؤلؤٌ بريٌ عيناك
أغوانِي بريقُهَا رُحماك
وَاري ثناها الفتاك
عن قلبٍ صبٍ بهواك
قصائدُ شعري فحواك
ترميني أسيرًا بسماك  
وفي معظم القصائد تبدأ الشاعرة بسؤال مثل قصيدة "يوم لي" فتقول:          
أترى يوما واحدًا يكفي؟
وأنا أُمُّكَ! أرويك بعفوية..
بطولة تسُرُ الناظرين
تنطلقُ من نبعِي الحُرية.
أو تنتهي بسؤال مثل قصيدة "هجو التنائي"/
أضناني الهجر... ولم تسلم
أما آن وصال.. وبه ننعم؟ 
ومن القصائد ما يحمل طابعًا روحيًا ومنها ما يلهث وراء البحث عن الذات؛ فتقول في قصيدة "هجو التنائي":
صوفيتي في حبكَ مترنحة
على السطورِ تلتقطُ الدمعات
المتناثرة
من مقلِي على الأبيات
لم يكتمل بعدُ القصيد
الصادق حد التِبيان
الكاذب حد البُهتان
والسؤال يعبر عن الحيرة وانتظار الإجابة، والصمت في المجموعة هو المعادل الموضوعي في كل القصائد للوصول إلى الهدف، وهو انتظار إجابات الأسئلة الناتجة عن ترانيم الصمت. 
يذكر أن هذا العمل هو العمل الخامس للكاتبة في مجال الشعر، وقد سبقه من الأعمال الشعرية: دانتيلا، حدائق البيلسان، قارورة عشق، آنية الأحلام. كما صدر للكاتبة في مجال السرد رواية "الذي عاد إلى هناك" كما صدر لها أربع مجموعات قصصية: انتقام شفاف وهي قصص قصيرة، أريج الرماد وهي متوالية قصصية، طائر الخريف وهي مجموعة قصة قصيرة جدًا، وسكرة روح وهي قصص قصيرة أيضًا.