شاعر سنغالي يحصد أعلى الدرجات في "أمير الشعراء 8"

لأول مرة في تاريخ "أمير الشعراء" شاعران من أصول ليست عربية يصعدان لنهائيات المسابقة.
الشعراء الستة يجارون (داليّة) محمد بن راشد وثلاثة أبيات للمتنبي.
هبة الفقي تنضمّ إلى إلى قائمة المتنافسين على اللقب بتصويت الجمهور

أحمد فضل شبلول

انطلقت الحلقة التاسعة – ما قبل الأخيرة - من برنامج "أمير الشعراء" الذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، والتي تابعها المشاهدون على الهواء مباشرة عبر قناتي الإمارات وبينونة، مساء الثلاثاء 26 مارس/آذار الجاري.
أعلنت لجين عمران – مقدِّمة البرنامج في هذا الموسم – أن الشاعرة هبة الفقي من مصر ستكون من بين الشعراء الذين سيتنافسون على اللقب، وذلك إثر حصولها على 71%، بعد جمع درجات تصويت الجمهور مع درجات اللجنة، ولتنضم بذلك إلى: سلطان سبهان الشمري من السعودية، وشيخة المطيري من الإمارات، وعبدالمنعم حسن محمد من مالي، ومبارك سيد أحمد من مصر، ومحمد الأمين جوب من السنغال. 
وبذلك تصل شاعرتان فقط إلى نهائيات المسابقة من أصل 11 شاعرة وصلن إلى مرحلة العشرين في بداية الموسم، كما يصل ولأول مرة في تاريخ "أمير الشعراء" شاعرين من أصول ليست عربية، لكنهما نهلا من معين الثقافة العربية، وهما: المالي عبدالمنعم حسن، والسنغالي محمد الأمين جوب. قبل بدء الشعراء بإلقاء قصائدهم تمّ شرح معايير التحكيم في الحلقتين التاسعة والعاشرة من برنامج "أمير الشعراء" بموسمه الثامن. فخلال هاتين الحلقتين ستمنح لجنة التحكيم المكونة من د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض؛ الشعراء الستة الدرجات التي يستحقونها من أصل 60 درجة، وذلك على ما يقدمونه على مدار الحلقتين من قصائد المجاراة. حيث تم تخصيص 30 درجة لحلقة ليلة أمس بعد مجاراة الشعراء (داليّة) الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، و30 درجة للحلقة القادمة.

وكانت اللجنة قد طلبت من الشعراء مجاراة القصيدة الدّالية وزناً وقافية وموضوعاً، على ألا تقلّ أبيات كل واحد منهم عن ثمانية، ولا تزيد عن عشرة. كما طلب أعضاء اللجنة من الشعراء مجاراة ثلاثة أبيات المتنبي، وزناً وقافية، حيث اختار كل عضو بيتاً للمتنبي. 
والمفاجأة التي شهدها الجمهور - بعد إلقاء الشعراء قصائد وأبيات المجاراة المطلوبة منهم – تقدم الشاعر السنغالي محمد الأمين جوب على زملائه الشعراء؛ إثر حصوله على أعلى درجات اللجنة والبالغة 27 درجة، تلاه في الترتيب الشاعر المالي عبدالمنعم حسن محمد والشاعرة الإماراتية شيخة المطيري إثر حصول كل واحد منهما على 26 درجة، وحل ثالثاً الشاعر السعودي سلطان سبهان الشمري بعد حصوله على 24 درجة، كما حصل الشاعر المصري مبارك سيد أحمد على 23 درجة، تلته مواطنته هبة الفقي التي حازت على 20 درجة.
أما ما تبقّى من الدرجات والبالغة 40 درجة؛ فتمّ تخصيصها لمتابعي البرنامج، حيث يكون التصويت إلكترونياً عبر تطبيق "أمير الشعراء" أو عبر موقع البرنامج على الإنترنت. 
ومع نهاية حلقة الأمس تم فتح باب التصويت للجمهور، على أن يستمر حتى نهاية الحلقة القادمة، أي الحلقة العاشرة والأخيرة من حلقات الموسم الثامن. 
معارضةٌ للحلقة الأخيرة 
طلب د. علي بن تميم من كل شاعر من الشعراء الستة كتابة قصيدة لا تقل عدد أبياتها عن ثمانية ولا تزيد عن اثني عشر بيتاً للحلقة القادمة والأخيرة من البرنامج، وذلك على وزن وقافية بيتا أبي الطيب: 

prince of port
لجنة التحكيم

وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ ** وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ
إِذا لم تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِيَاتِها ** وأَعْضَائِها فالحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ
وأوضح د. بن تميم أن اللجنة اختارت هذين البيتين للمتنبي بهدف الاحتفاء بديوان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي جاء بعنوان (قصائدي في حب الخيل). 
الجميري ضيف الأمسية 
ليلة أمس؛ وفي مستهلّ الحلقة غنى الفنان البحريني أحمد الجميري قصيدة (مضناك جفاه مرقده) للشاعر أحمد شوقي، والتي سبق أن لحنّها وغناها محمد عبدالوهاب. 
ثم ألقى الشاعر سلطان سبهان الشمري قصيدة بعنوان "مُوَشّى لغريب ما" قال عنها د. صلاح فضل: إن الشعر – وكما عبّر النقاد - رقص في القيود، وخاصة قيود الوزن والقافية. وإن المجاراة أو المعارضة إنما هي زيادة في هذه القيود، لأنها تلزم الشاعر بنوع خاص من الوزن، وبقافية محددة، وبتجربة شعرية خاصة أيضاً.
ثم ألقت الشاعرة شيخة المطيري قصيدة بعنوان "أجمل الشعر أبعده" قال عنها د. علي بن تميم: إن عنوان القصيدة يسعى إلى قراءة المقولة الشهيرة عند العرب (الشعر أعذبه أكذبه)، فالشعر حينما يكون مناقضاً للحقيقة يزهو ويرتفع، وهذا ما تحاول الشاعرة تأكيده في فهم شعريتها. وكأنها تقول إن أجمل القصائد تلك التي لم أكتبها بعد، وهي مقولة شهيرة لناظم حكمت.
الشاعر عبدالمنعم حسن محمد اختار نصا بعنوان "وَتَرٌ كَوْنِيّ، حيث أشاد د. مرتاض بالبيت (في الغيمِ مِحبرتانِ أغْمِسُ فيهما/بَرْقاً، فَتَنْتَفِضُ الحروفُ وتُرعَدُ)، ووصف الصورة الفنية التي وردت فيه بالسحر. 
الشاعر مبارك سيد أحمد ألقى نصا بعنوان "نَجمان من طين" قال عنه د. صلاح فضل: إن الشاعر يتأمل ذاته وشعره بشيء من الرضا والقناعة وليس بكثير من الطموح. ويحسن منذ البداية، إذ يرى ثنائية المجاز والرؤية، حيث هما جناحا الشعر. 
بينما قرأ الشاعر محمد الأمين جوب قصيدة  بعنوان "مُكابَداتٌ في مقام القصيدة" قال عنها د. علي بن تميم إن شعرية جوب التي تشبه الوعل الأفريقي. ثم بدأ من عنوان النص (مكابدات في مقام القصيدة) الذي أشعره بأنه أمام منظور صوفي ينطلق من منظور المقام، وهو مرتبة من المراتب التي يصل إليها المريد في مدارج السالكين، وبهذا المعنى فإن القصيدة ترسم الأحوال التي يعيشها الشاعر، ولتجمع بينها وبين المقامات. 
الشاعر هبة الفقي قرأت نصا بعنوان "إلى عينيك"، وقد صف د. عبدالملك مرتاض الشاعرة  بأنها شاعرة كبيرة، وقصيدتها مفعمة بالقُبل التي لا تزال تتجدد ويتجدد معها الحب الإنساني العظيم لقيمة عظيمة تخاطبها.
الارتجال مع المتنبي 
في حلقة أمس خضع الشعراء الستة لامتحان آخر مع الارتجال أو المعارضة، لكن من خلال ارتجال ثلاثة أبيات من أبيات أبي الطيب المتنبي وزناً وقافية. فاختار كل عضو من أعضاء اللجنة بيتاً، وطلب من الشعراء معارضته خلال دقيقة واحدة فقط. والأبيات التي اختيرت من شعر المتنبي جاءت تحية لروح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان أحب المتنبي واستلهم منه الحكمة، وتذكّر أبياته المرتبطة بالخيل.
وقال أعضاء لجنة التحكيم إن الارتجال الفوري يشير إلى سرعة البديعة، وخصوبة القريحة، وجمال العبارة، وجميع الشعراء أبدعوا وأجادوا عموماً، وهم يمثلون الشعرية العربية في أرقى مظاهره.

في الحلقة الأخيرة
حلقة واحدة بقيت من الموسم الثامن من "أمير الشعراء"، خلالها سيعيش الشعراء التحدي الأخير فيما بينهم، ليتم الإعلان في النهاية عن "أمير الشعراء"، فيحمل الفائز لقباً كبيراً وبردة الشعر وخاتمه، وذلك بعد قضاء أشهرٍ طويلة مع الشعر والقلق، في إطار مسابقة تحتاج فعلاً إلى نفس طويل، وتفكير مستمر بما ستؤول إليه الأمور، ومنافسة مهمة بين الشعراء من أجل قول أجمل الكلام وأوقعه. 
فالطريق إلى الشعر – وبعيداً عن المسابقة – شاقة وشائكة، تأخذ من الشاعر – كما تمنحه - أجمل السنين وأحلاها، وهو الذي يستند على تجربته الحياتية، وعلى ما ينهل من كل مشارب الثقافة.