شحنة أسلحة مصرية إلى الصومال تفاقم التوتر مع اثيوبيا

العلاقات تنامت بين مصر والصومال على خلفية موقفهما المشترك المتمثل في عدم الثقة في إثيوبيا.

مقديشو - قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال الموانئ الاثنين إن سفينة حربية مصرية سلمت شحنة كبيرة ثانية من الأسلحة إلى الصومال تشمل مدافع مضادة للطائرات وأسلحة مدفعية في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب وإثيوبيا من جانب آخر وتنذر بإمكانية تصاعد الوضع.

وتنامت العلاقات بين مصر والصومال هذا العام على خلفية موقفهما المشترك المتمثل في عدم الثقة في إثيوبيا، مما دفع القاهرة إلى إرسال عدة طائرات محملة بالأسلحة إلى مقديشو عاصمة الصومال بعد أن وقع البلدان اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس/آب.

وأثارت إثيوبيا غضب مقديشو بتوقيع اتفاق مبدئي مع منطقة أرض الصومال الانفصالية لاستئجار منفذ ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال. ما يهدد الملاحة البحرية ومصالح مصر.

ونددت القاهرة بالاتفاق مع أرض الصومال. وتحركت سريعا وأبرمت اتفاقية دفاع مشترك مع الصومال يُسمح بموجبها إرسال قوات ومعدات عسكرية إلى هناك.

كما أن القاهرة على خلاف مع أديس أبابا منذ سنوات بسبب بناء إثيوبيا لسد ضخم على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وقال مصدر دبلوماسي إن السفينة الحربية المصرية بدأت تفريغ شحنة الأسلحة الأحد. وقال عاملان في الميناء ومسؤولان عسكريان لرويترز إن قوات الأمن أغلقت رصيف الميناء والطرق المحيطة به يومي الأحد والاثنين بينما عملت قوافل على نقل الأسلحة إلى مبنى تابع لوزارة الدفاع وقواعد عسكرية قريبة.

ونشرت نصرة بشير علي، المسؤولة في مكتب رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، صورة على حسابها على منصة إكس ظهر فيها وزير الدفاع عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة السفينة.

من جهته، علق وزير الدفاع الصومالي على صورة تفريغ شحنة الأسلحة في تغريدة باللغة الانكليزية على حسابه في اكس قال فيها، "لقد تجاوز الصومال مرحلة الإملاء عليه وينتظر تأكيد الآخرين على من سيتعامل معه.  نحن نعرف مصالحنا، وسوف نختار بين حلفائنا وأعدائنا، شكرا مصر".

وبعد أيام من إرسال مصر طائرتين عسكريتين محملتين بالأسلحة إلى حليفها الصومال، في أغسطس/آب الماضي، ثم خروج تحذير إثيوبي بهذا الشأن، تحدثت تقارير صحفية صومالية مؤخرا عن سيطرة قوات إثيوبية على "مطارات" في جنوب وغرب الصومال.

وذكرت صحيفة صوماليا غارديان أن قوات إثيوبية سيطرت على مطارات رئيسية في منطقة غيدو، جنوبي الصومال، بما في ذلك مطارات لوق ودولو وبارديري، في "محاولة لمنع النقل الجوي المحتمل للقوات المصرية إلى المنطقة"، فيما ذكرت تقارير صحافية أن القوات الأفريقية سيطرت على مطار واحد فقط.

وتنتشر القوات الإثيوبية في منطقة غيدو ضمن قوات الاتحاد الأفريقي، وفق موقع "غارو أونلاين" الصومالي الذي أكد أن هذه القوات سيطرت على "مطارات" في غرب الصومال.

وهناك نحو ثلاثة آلاف جندي إثيوبي على الأقل في الصومال ضمن بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تقاتل الإسلاميين المتشددين، في حين يقدر عدد القوات الإثيوبية المنتشرة في مناطق أخرى بالصومال بما بين خمسة وسبعة آلاف بموجب اتفاق ثنائي. خاصة في الولايات الثلاث، جنوب غربي البلاد، ومنطقتي غوبالاند وهيرشبيلي.

ووصفت مقديشو الاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال بأنه اعتداء على سيادتها، وقالت إنها ترغب في مغادرة جميع القوات الإثيوبية بحلول نهاية العام ما لم تلغ أديس أبابا الاتفاق.

وفي الوقت نفسه، قال الاتحاد الأفريقي في يوليو/تموز إن مصر عرضت المساهمة بقوات في مهمة جديدة لحفظ السلام في الصومال، لكن القاهرة لم تعلق على المسألة علنا.

ولم ترد الحكومة الإثيوبية بعد على طلب من رويترز للتعليق، لكنها قالت في الماضي إنها لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ "جهات فاعلة أخرى" تدابير لزعزعة استقرار المنطقة.

من جهته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اجتماعه مع المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي مايك هامر في واشنطن قبل أيام، على حرص مصر على تحقيق الاستقرار في الصومال من خلال دعم مؤسسات الدولة المركزية، وتعزيز الاحترام لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، فضلاً عن مساندة جهود الحكومة الصومالية الرامية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب وإنفاذ سيادة الدولة على أراضيها. وقال إن مصر من هذا المنطلق تقوم بتقديم الدعم للصوماليين في مجال بناء القدرات الأمنية والعسكرية.

ويبدو التوتر على أشده مع تدفق الأسلحة إلى الصومال من أطراف متعددة، حيث أعلنت الخارجية الصومالية الجمعة الماضي، أن إثيوبيا أرسلت شحنات أسلحة إلى إقليم بونتلاند ما يهدد الأمن الإقليمي.

وقالت إنها تدين وبشدة شحنات الأسلحة غير المصرح بها من إثيوبيا إلى بونتلاند، والتي تنتهك سيادة البلاد وتهدد الأمن الإقليمي، مطالبة بوقف فوري لتدفق مثل هذه الشحنات، وداعية الشركاء الدوليين إلى دعم جهود السلام في القرن الإفريقي.

يأتي هذا التطور بعد أيام من تصعيد مماثل قامت به حكومة إقليم أرض الصومال الانفصالية والتي قررت إغلاق المكتبة المصرية بأراضيها ومطالبة موظفيها العاملين بمغادرة البلاد.

وتأتي هذه التطورات بينما يفترض أن تنسحب القوات الإثيوبية من الصومال بحلول ديسمبر 2024، الموعد المقرر لانتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي.