شح في غاز الطهي يفجر احتجاجات شعبية في الخرطوم

السودان يبدو غارقا في أزمات تتجدد بين الحين والآخر من أزمة الخبز والطحين إلى شح الوقود وغاز الطهي بوتدهور مستمر في عملته الوطنية.
أزمات متفاقمة تثقل كاهل الحكومة الانتقالية في السودان
السودان يستورد 60 من المواد البترولية لتلبية احتياجات السوق المحلية
ما أن هدأت الاشتباكات في دارفور حتى تفجرت احتجاجات في الخرطوم

الخرطوم/نيويورك - تواجه السلطة الانتقالية في السودان المزيد من الأزمات بينما تئن البلاد تحت وطأة جائحة كورونا بإمكانيات محدودة، فما أن هدأت التوترات في اقليم دارفور بعد ثلاثة ايام من الاشتباكات القبلية والاثنية الدامية خلفت أكثر من 150 قتيلا وعشرات الجرحى، حتى تفجرت احتجاجات شعبية في العاصمة الخرطوم على خلفية عدم توافر غاز الطهي في الأسواق المحلية.

وتكدس عشرات المواطنين في منطقة الشجرة جنوب العاصمة أمام مستودع للغاز تابع للحكومة، بحثا عن السلعة المفقودة. وعادة ما يتسبب توقف مصفاة للخرطوم للصيانة سنويا والتي تعد من أبرز المرافق المنتجة لغاز الطهي، في عدم توافر السلعة داخل البلاد.

وأغلق المحتجون طريقا رئيسيا يربط بين وسط الخرطوم وجنوبها كما أشعلوا إطارات السيارات أمام بوابة المستودع.

والأسبوع الماضي قال وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبدالرحمن، إن موعد عودة المصفاة إلى العمل سيكون اعتبارا من مارس/آذار المقبل.

وأكد في تصريحات صحفية أن السودان استورد ثلاث بواخر غاز ستصل الموانئ المحلية خلال الفترة القريبة المقبلة لسد فجوة نقص غاز الطهي في البلاد.

وتنتج مصفاة الخرطوم قرابة 800 طن من الغاز يوميا، بينما يقدر الاستهلاك المحلي بنحو 1800 طن تعمل الحكومة على سد فجوة الإنتاج والاستهلاك عبر الاستيراد من الخارج.

وتراجع إنتاج البلاد النفطي بعد انفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل يوميا، إلى 60 ألفا حاليا بما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60 بالمئة من المواد البترولية لتلبية حاجتها من استهلاك مصادر الطاقة المختلفة.

ويعاني السودان أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي بجانب تدهور مستمر في عملته الوطنية.

وتكابد السلطة الانتقالية لمعالجة تلك الأزمات، لكنها تواجه تحديات كبيرة في توفير السيولة والتمويلات اللازمة مثقلة بإرث الرئيس المعزول عمر البشير.

وتأتي احتجاجات الخرطوم بينما يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لبحث الوضع في إقليم دارفور بغرب السودان بعد مواجهات دامية في الأيام الأخيرة وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية الأربعاء.

وسيعقد الاجتماع المغلق بطلب من ثلاثة أعضاء غير دائمين في المجلس هم النرويج وإيرلندا وإستونيا فضلا عن ثلاثة أعضاء دائمين هم بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، بحسب ما أوضحت المصادر نفسها، فيما أكد دبلوماسي أن الاجتماع "مطلب أوروبي" يحظى بدعم الولايات المتحدة.

وعاد الهدوء الثلاثاء إلى دارفور عقب نشر قوات سودانية بعد ثلاثة أيام من صدامات قبلية أسفرت عن مقتل نحو 155 شخصاً ونزوح عشرات الآلاف.

لكن مخاوف من تجدد الصدامات لا تزال قائمة في هذه المنطقة الشاسعة في غرب البلاد والتي أدمتها سنوات طويلة من النزاع.

وفر نحو 50 ألف شخص من المنطقة جراء العنف الذي امتد إلى مخيم للنازحين لجؤوا إليه خلال النزاع في الإقليم الذي بدأ العام 2003.

ووقعت أعمال العنف هذه بعد أسبوعين من إنهاء البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في الإقليم رسميا مهمتها في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020 رغم الانقسامات الداخلية الكبيرة.

وأواخر العام 2020، حاولت القوى الغربية تمديد مهلة إنهاء مهام البعثة خشية من أعمال عنف جديدة، لكنها رضخت أمام رفض روسيا والصين والأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن.

وبحسب الأمم المتحدة، التزمت السلطات السودانية نشر قوة حماية في دارفور مؤلفة من 12 ألف عنصر اعتبارا من يناير/كانون الثاني لتحل محل 8 آلاف عسكري ومدني من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بعد 13 عاما من تواجدها في المنطقة.

ويفترض أن تبقى الأمم المتحدة حاضرة في السودان عبر بعثة سياسية مقرها في الخرطوم، تهدف إلى المساعدة في عملية انتقال المهمة إلى السودان ولها مكتب في دارفور.

وسمي الألماني فولكر بيرتيس وهو أستاذ جامعي ومحلل سياسي لقيادة هذه المهمة.

وشهد إقليم دارفور الذي تفوق مساحته مساحة فرنسا نزاعا اندلع في العام 2003 قتل جراءه 300 ألف شخص وشرّد 2.5 مليون إلى خارج مناطقهم، وفق الأمم المتحدة.

واندلع القتال بعدما حملت مجموعات تنتمي إلى أقليات إفريقية السلاح ضد حكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي أطيح به في أبريل/نيسان 2019 بضغط من الشارع، احتجاجا على تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.