شدّ وجذب بين لندن وباريس بسبب الهجرة السرية عبر المانش

فرنسا تتهم بريطانيا بمحاولة ابتزازها في قضية تتعلق بالهجرة السرّية عبر نهر المانش في ردّها على تهديدات وزيرة الداخلية البريطانية بعدم دفع مبلغ يفوق 60 مليون يورو تم التعهد به لتمويل تعزيز انتشار قوى أمنية فرنسية على السواحل.
تصاعد اللهجة بين لندن وباريس على خلفية عبور مهاجرين لبحر المانش
لندن ترى من الضروري تشديد الإجراءات لكبح تهريب المهاجرين
باريس تعتبر أن صد لندن لمراكب تقلُّ مهاجرين مخالف للقانون البحري الدولي

لندن - شددت بريطانيا التي تواجه عمليات عبور قياسية لمهاجرين عبر بحر المانش بطريقة غير قانونية، من لهجتها حيال فرنسا وباتت تُهدد بحسب صحف بريطانية بصدّ المراكب ما استدعى اتهاما فرنسيا بأنها تعمد إلى "الابتزاز".

وفي ختام لقاء الأربعاء في لندن مع نظيرها الفرنسي جيرالد دارمانان، قالت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل إنها تريد الحصول على "نتائج".

وذكرت صحيفة "تايمز" أن باتيل طلبت إعادة صياغة لتفسير بريطانيا للقانون البحري الدولي ما يسمح لشرطة الحدود بإرجاع مراكب. وذكرت "ذي تلغراف" أن هذه الإستراتيجية التي حصلت على موافقة رئيس الوزراء بوريس جونسون لن تستخدم إلا "في ظروف محدودة جدا" عندما يتعلق الأمر بسفن كبيرة وعندما يعتبر الوضع آمنا.

وقالت الحكومة من دون أن تؤكد صراحة هذا المشروع إن خفر السواحل لديهم "مجموعة واسعة من التكتيكات" التي "تختبر خلال مناورات كثيرة في البحر".

وسبق لباتيل أن هددت مطلع الأسبوع بحسب صحف بريطانية، بعدم دفع مبلغ يزيد عن 60 مليون يورو تم التعهد به لتمويل تعزيز انتشار قوى أمنية فرنسية على السواحل.

ورد جيرالد دارمانان في تغريدة "لن تقبل فرنسا أبدا أي ممارسة مخالفة للقانون البحري أو أي ابتزاز مالي".

وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، إن باريس ضاعفت عديد قواتها على السواحل مع 670 شرطيا ودركيا مجهزين بعتاد جديد ما سمح بمنع 62 بالمئة من عمليات العبور في مقابل 52 بالمئة العام الماضي.

ونفت الحكومة البريطانية أن يكون هناك "ابتزاز" وقال الناطق باسم بوريس جونسون إن العمل "جار مع فرنسا لوضع الاتفاقات المبرمة موضع التنفيذ".

وتريد الحكومة البريطانية أن تجعل عمليات العبور هذه شبه مستحيلة خصوصا أنها جعلت من تشديد مكافحة الهجرة أولوية منذ اتفاق بريكست وتستعد لجعل شروط منح اللجوء أكثر صرامة.

ورغم إرادة الطرفين المعلنة للجم عمليات العبور، تمكن أكثر من 14 ألف مهاجر من الوصول إلى سواحل جنوب إنكلترا عبر هذا الطريق منذ مطلع السنة بحسب وكالة "بي إيه" للأنباء فيما كان العدد العام الماضي برمته ثمانية آلاف.

وسجلت موجة جديدة من عمليات العبور في الأيام الأخيرة بسبب الطقس المناسب لعمليات هجرة شبه آمنة.

وترى لندن ضرورة تشديد الإجراءات لثني المهربين الذين يعرضون حياة كثيرين للخطر. لكن باريس تعتبر أن إرجاع السفن مخالف للقانون البحري الدولي وخطر لركاب هذه الزوارق المتداعية.

ونددت منظمة العفو الدولية بهذا الإجراءات معتبرة أنها "غير منطقية وخطرة وغير قانونية على الأرجح"، متهمة المعارضة العمالية باتيل باقتراح وسيلة "خطرة" لأنها "فقدت السيطرة على الوضع".

وانتقد القائد السابق لشرطة الحدود توني سميث في تصريح لوكالة "بي إيه" المشروع الذي دونه مخاطر لركاب الزوارق وللقوى الأمنية أيضا، موضحا "لا أظن أن فرض حصار في المانش أمر واقعي وأخشى وقوع ضحايا إضافيين".

وتعزو باريس الارتفاع الحالي في عمليات العبور إلى تقنيات جديدة اعتمدها المهربون مع مراكب أكبر يمكنها أن تتسع لنحو 65 شخصا في مقابل 15 تقريبا في السابق فضلا عن "مراكب لصرف انتباه" القوى الأمنية.

وقال بوريس جونسون الاثنين أمام البرلمان "نحن نعتمد كثيرا على ما يقوم به الفرنسيون. لكن من الواضح أن علينا اللجوء إلى كل التكتيكات الممكنة لوضع حد لهذه التجارة المشينة".

وفي منتصف اغسطس/اب أدى غرق مركب إلى وفاة مهاجر اريتري. والعام الماضي قضى خمسة أفراد من عائلة كردية إيرانية بينهم رضيع في سنته الأولى وفق ما ذكرت وسائل إعلام بريطانية.