شدّ وجذب بين موسكو وواشنطن في ثاني أسبوع من حكم بايدن

روسيا تدعو الولايات المتحدة للتوقف عن "التدخل الوقح" في شؤونها الداخلية بعد أن ندد وزير الخارجية الأميركي بما وصفها بـ"التكتيكات الوحشية" التي تمارسها موسكو حيال آلاف المحتجين من أنصار المعارض نافالني.
الاتحاد الأوروبي يعبر عن أسفه لاعتقال موسكو الآلاف من أنصار نافالني
اعتقال الآلاف من أنصار نافالني يعمق الأزمة بين واشنطن وموسكو
مدن روسية تتحول إلى شبه ثكنات عسكرية لتطويق الاحتجاجات

واشنطن/موسكو - أجج ردّ الفعل الأميركي والأوروبي على قمع روسيا لمظاهرات مؤيدة للمعارض الروسي أليكسي نافالني، التوتر بين كل من موسكو من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، فيما يرجح أن تنشأ أزمة دبلوماسية خاصة بين الكرملين والبيت الأبيض بينما لم يمض على تولي الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن أسبوعان على توليه منصبه.    

واتهمت روسيا الأحد الولايات المتحدة بـ"التدخل الوقح" في شؤونها بعد أن أدانت واشنطن الرد "الوحشي" للسلطات الروسية على الاحتجاجات المؤيدة للمعارض أليكسي نافالني.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان على فيسبوك "إن التدخل الوقح للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لروسيا هو حقيقة مثبتة مثل الترويج للأخبار الكاذبة والدعوات لتجمعات غير مصرح بها من خلال منصات الإنترنت التي تسيطر عليها واشنطن".

وجاء الردّ الروسي بعد أن أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد أن الولايات المتحدة تدين "التكتيكات الوحشية" التي تمارسها روسيا حيال المتظاهرين المعارضين، مطالبا بالإفراج عن نافالني.

وكتب بلينكن في تغريدة "تدين الولايات المتحدة استخدام روسيا المستمرّ للتكتيكات الوحشية ضد متظاهرين سلميين وصحافيين للأسبوع الثاني على التوالي وتجدّد دعوتها إلى الإفراج عن الموقوفين من بينهم أليكسي نافالني".

وأبدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة "أسفه للاعتقالات الكثيفة" التي جرت الأحد خلال التظاهرات المؤيدة لنافالني و"الاستخدام غير المتكافئ للقوة" بحق المتظاهرين والصحافيين.

وأوقفت الشرطة الروسية أكثر من أربعة آلاف شخص الأحد بينهم أكثر من ألف في موسكو وأغلقت وسط عدة مدن بما في ذلك العاصمة، فيما تشهد البلاد تظاهرات جديدة للمطالبة بالإفراج عن نافالني.

وبدا وسط موسكو التي غطتها طبقة رقيقة من الثلج مثل قلعة محصنة في بعض الأماكن مع انتشار العشرات من شرطة مكافحة الشغب بالدروع والهراوات.

موسكو تعسكر الشوارع لتطويق أكبر احتجاجات للمعارضة
موسكو تعسكر الشوارع لتطويق أكبر احتجاجات للمعارضة

وفي حدث نادر، أُغلقت عدة شوارع ومحطات مترو في العاصمة تماما، ما دفع المتظاهرين لتغيير مكان التجمع في اللحظة الأخيرة، كما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفيما كانوا يخططون للتجمع أمام مقر الاستخبارات، توجه المحتجون نحو مركز اعتقال نافالني، لكن كثيرا منهم لم يتمكنوا من الوصول إليه، فاتجهوا إلى وسط المدينة.

وهتف المتظاهرون "بوتين لص" و"حرية"، فيما شوهدت قوات الشرطة تستخدم القوة لاحتجاز عشرات منهم.

في بداية المساء، أعلن فريق نافالني انتهاء التظاهرة في موسكو. وكتب على تلغرام "لقد بينا لهم كم عددنا كبير!"، ودعا المتظاهرين للتعبير عن تأييدهم له من خلال حضورهم خلال مثوله أمام المحكمة الثلاثاء.

وأوقفت الشرطة يوليا نافالنايا زوجة أليكسي نافالني لدى وصولها للمشاركة في المسيرة، بحسب فريق المعارض.

وذكرت منظمة أو في دي-انفو" غير الحكومية أن أكثر من 4 آلاف شخص أوقفوا الأحد في 82 بلدة ومدينة. وقالت المنظمة المتخصصة بمتابعة التظاهرات إن التوقيفات جرت بشكل رئيسي في موسكو (1167) ولكن أيضا في سان بطرسبرغ ثاني كبرى مدن البلاد (862)، وفي كراسنويارسك في سيبيريا (194) أو في فلاديفوستوك في الشرق الأقصى. وقال اتحاد الصحافيين الروس أن 35 صحافيًا على الأقل أوقفوا.

وتأتي هذه المسيرات في أعقاب يوم التعبئة الذي نظم السبت الماضي قبل نحو أسبوع وشارك فيه عشرات الآلاف من المتظاهرين وأسفر عن توقيف الآلاف منهم فضلا عن فتح نحو عشرين قضية جنائية.

وعلى الرغم من التهديدات، لم تتردد إيكاترينا بريتشكينا البالغة من العمر 39 عاما في النزول إلى الشارع في موسكو. إنها "تخشى أكثر مما سيحدث في البلاد إذا لم نخرج إلى الشوارع".

وقالت داريا وهي طبيبة بيطرية تبلغ من العمر 34 عاما "هذا قمع. يُلقى بالأبرياء في السجن".

وفي سان بطرسبرغ وهي معقل آخر للمعارضة، تجمع ما يقرب من 2000 شخص في ميدان بوسط المدينة قبل أن تفرقهم قوات مكافحة الشغب.

وقال اندريه (30 عاما) "بوتين يمثل الشر. لا مستقبل معه. من المستحيل العيش بمثل هذه الرواتب مع قلة فرص العمل".

وقال مبعوث فلاديمير بوتين لحقوق الإنسان فاليري فاديف "ما نراه اليوم لا علاقة له بحماية الحقوق أو النضال من أجل حياة أفضل. ما نراه اليوم هو عمل استفزازي".

وتأتي هذه التظاهرات الجديدة بينما ينتظر أن يمثل أليكسي نافالني أمام القضاة الأسبوع المقبل فيما يخضع منذ عودته إلى روسيا للملاحقة في عدة قضايا يعتبرها ذات دوافع سياسية.

في الأيام السابقة، حذرت السلطات مرارا أنصار نافالني. وقالت الشرطة إنه يمكن محاكمة المتظاهرين بتهمة تنظيم "أعمال شغب جماعية" إذا تحولت المسيرات إلى أعمال عنف.

وتأججت الاحتجاجات بعد نشر تحقيق مصور أجراه المعارض يتهم الرئيس فلاديمير بوتين بأنه يملك "قصرا" فخما على شاطئ البحر الأسود وهو تحقيق شوهد أكثر من 100 مليون مرة على موقع يوتيوب.

ونفى الكرملين امتلاك الرئيس الروسي المجمّع الفخم. وقال بوتين إن الاتهامات تهدف إلى "غسل دماغ" الروس، فيما نشر التلفزيون الحكومي الجمعة صورا للقصر الذي لا يزال في طور البناء، فيما أكد الملياردير أركادي روتنبرغ الشريك السابق لبوتين في الجودو واسمه مدرج على لائحة عقوبات غربيّة، السبت إنّه مالك العقار وإنّه يبني فندقا هناك.

وعاد نافالني الناشط في مكافحة الفساد إلى روسيا في 17 يناير/كانون الثاني بعد شهور من النقاهة في ألمانيا للاشتباه في تسميمه متهما بوتين وأجهزة الأمن الروسية بالمسؤولية عن ذلك، لكن موسكو نفت ذلك تماما.